“وتلك الايام نداولها بين الناس”

هناك بديهيات واسس لا تبلى بتقادم الزمن وتشكل العمود الفقري لاية حضارة تريد البقاء على الارض منها شيوع العدالة والحرية والمساواة والامانة والوفاء. هذه المبادئ والالتزام بها غير محددة بوقت محدد كي تبلى. فهي صالحة لكل زمان ومكان. الالتزام بها يديم الدولة بغض النظر عن الزمان والمكان. كما ان التخلي عنها سيسقط الدولة ايا كان دينها وقوميتها.
لقد خلق الله سنن في هذه الارض من التزم بها فاز وتقدم على غيره. لذلك يقول اولي العلم ان الدولة الكافرة تدوم اذا كانت عادلة والدولة المسلمة تزول اذا كانت ظالمة. فالصراع والتنافس بين الدول والمجاميع البشرية مشروع والفوز فيه خاضع لارادة وقوة مبادئ الانسان. الذي خيره الله في سلوك طريق الخير او الشر. ان تغيير الامور السياسية والاقتصادية خاضع لارادته “ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم”.
هكذا وكما قال لنا القران الكريم ان صعود الامم ونكوصها سنة الحياة الدنيا. وخيارات الحياة الدنيا تعتمد على حركة الناس والشعوب انفسهم. فالامر مفتوح للجميع ضمن سنة التداول “وتلك الايام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين امنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين”. فالتداول والصراع بين الحق والباطل سمة دنيانا هذه. لانها دار ابتلاء وتمحيص وفتنة. اذ سيمتحن المؤمن على حقيقة وقوة ايمانه. وسيمهل الله الطغاة ويمدهم كغيرهم بالمال والبنون. ليميز ماذا سيفعلون فيها ويحاسبهم فيما بعد بما اعطاهم. ان اعمال الطرفين المؤمنون والكافرون في تعاطيهم في الشأن العام ستكون شاهدة عليهم يوم القيامة.
لقد انهارت دول وامبراطوريات كثيرة بسبب سوء استخدام السلطة. فالدولة الاسلامية والرومانية والفارسية وغيرها حكمت بقاع كثيرة فبعضها حكمت بضع سنين واخرى عشرات السنين وبعضها مئات السنين. ان سقوطها بسبب انحراف مبادئها في العدالة. ان ممارسة الظلم الاجتماعي هو سبب تدهورها وانهيارها ولم تكن للتكنولوجيا والتطور العلمي شان في ذلك. لقد سقط الاتحاد السوفياتي بالامس ليس لانه بلد ضعيف وبحاجة الى علم وتصنيع. انما لان نظامه دكتاتوري ظالم تسلق الى السلطة باسم الطبقة العاملة.
ان قوة وصلابة مجتمع اية دولة بالعالم يعتمد بالدرجة الاولى على قيم ومعايير اخلاقية. كلما ترسخت لدى اغلبية شعبها كلما كانت حصن ووقاية لها من السقوط والفناء. بالتالي فان تقدمها في النواحي العلمية والزراعية والصناعية خاضع لمدى تمسكها بمبادئها الاساسية السابقة الذكر.

د. نصيف الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here