عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الثَّامِنةُ (١١) [الفايرُوس القاتِل]

عْاشُورْاءُ

السَّنَةُ الثَّامِنةُ

(١١)

[الفايرُوس القاتِل]

نــــــــــــــــــــــــــــزار حيدر

كانَ يبكي وهوَ يسرِقُ قِرط الطِّفلة اليَتيمة من أُذنِها والدَّمُ يسيلُ على خدِّها!.

سأَلتهُ؛ لماذا تبكي؟!.

أَجابها؛ لأَنَّني أَفعلُ الحرام؟!.

ردَّت عليهِ؛ فلِم تسرِقني إِذن؟!.

أَجابها بجوابٍ مازالَ يتردَّد صداهُ إِلى اليَوم في مُجتمعِنا؛ إِذا أَنا لم أَسرُقكِ فسيسرُقِكِ غَيري!.

وبهذهِ الفلسفة برَّرَ المُجرمُ جريمتهُ وشرعنَ سِرقته!.

فإِذا كانَ غيري سيقتُل الحق فلماذا لا أَقتلهُ أَنا وأَحصل على جائزةِ الأَمير؟!.

وإِذا كانَ غَيري ييسرُق البلد على أَيِّ حالٍ، فلماذا لا أَسرقَهُ أَنا قبلَ الآخرين، فأَتمتَّع بالحياةِ الدَّنيا دونَ غَيري؟!.

وإِذا كانَ الآخرون زوَّرُوا شهاداتهِم وغشُّوا ليتسنَّموا مناصِبَ في الدَّولةِ لا يستحقُّونها! فلماذا لا أَفعل الشَّيء نفسهُ وأَسبقهُم إِلى المنصِب؟!.

وإِذا كانَ الفاسِدُ الفاشِلُ من السياسيّْين والزَّعماء و [العجُول السَّمينة] التي سرقت البلد ودمَّرت خيراتهُ وقضَت على مُستقبلهِ ستعودُ تجلسُ تحتَ قُبَّة البرلمان على أَيِّحالٍ، فلماذا لا أَكونُ أَحد [المُهوِّسين] والأَصوات التي يحجزُونَ بها مقاعدهِم لأَتمتَّعَ بلحسِ فضلاتِ قِصاعهِم؟!.

بهذهِ العقليَّة المريضة وطريقة التَّفكير غَير السويَّة يظلُّ الفساد والفشل جاثِماً على صدُورِ المُجتمع من دونِ أَيِّ أَملٍ بالتَّغيير!.

أَمَّا لُغة القرآن الكريم فعلى العكسِ من ذلكَ تماماً.

يَقُولُ الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ ۖ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}.

وهو المفهُوم الذي يتناقض كُليّاً مع القولِ المشهُور [حشرٌ مَعَ النَّاسِ عيدُ].

يقولُ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) يُميِّز بين المَوقف المسؤُول والآخر اللَّامسؤُول {وَإِنِّي لَعَالِمٌ بِمَا يُصْلِحُكُمْ وَيُقِيمُ أَوَدَكُمْ وَلَكِنِّي لَا أَرَى إِصْلَاحَكُمْ بِإِفْسَادِ نَفْسِي}.

ويصِفُ الفاسدينَ في نصٍّ رائعٍ بقولهِ {وَالنَّاسُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ؛ مِنْهُمْ مَنْ لَا يَمْنَعُهُ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَهَانَةُ نَفْسِهِ وَكَلَالَةُ حَدِّهِ وَنَضِيضُ وَفْرِهِ وَمِنْهُمْ الْمُصْلِتُ لِسَيْفِهِوَالْمُعْلِنُ بِشَرِّهِ وَالْمُجْلِبُ بِخَيْلِهِ وَرَجِلِهِ قَدْ أَشْرَطَ نَفْسَهُ وَأَوْبَقَ دِينَهُ لِحُطَامٍ يَنْتَهِزُهُ أَوْ مِقْنَبٍ يَقُودُهُ أَوْ مِنْبَرٍ يَفْرَعُهُ وَلَبِئْسَ الْمَتْجَرُ أَنْ تَرَى الدُّنْيَا لِنَفْسِكَ ثَمَناً وَمِمَّا لَكَ عِنْدَ اللَّهِ عِوَضاًوَمِنْهُمْ مَنْ يَطْلُبُ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ وَلَا يَطْلُبُ الْآخِرَةَ بِعَمَلِ الدُّنْيَا قَدْ طَامَنَ مِنْ شَخْصِهِ وَقَارَبَ مِنْ خَطْوِهِ وَشَمَّرَ مِنْ ثَوْبِهِ وَزَخْرَفَ مِنْ نَفْسِهِ لِلْأَمَانَةِ وَاتَّخَذَ سِتْرَ اللَّهِ ذَرِيعَةً إِلَىالْمَعْصِيَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَبْعَدَهُ عَنْ طَلَبِ الْمُلْكِ ضُئُولَةُ نَفْسِهِ وَانْقِطَاعُ سَبَبِهِ فَقَصَرَتْهُ الْحَالُ عَلَى حَالِهِ فَتَحَلَّى بِاسْمِ الْقَنَاعَةِ وَتَزَيَّنَ بِلِبَاسِ أَهْلِ الزَّهَادَةِ وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ فِي مَرَاحٍ وَلَامَغْدًى}.

أَمَّا أُولئكَ الذين يُخادعُون أَنفسهُم لتبريرِ موقفهِم المَشين من الفسادِ والفاسدينَ فيردُّ عليهِم (ع) بمنطقِ القرآن الكريم الذي يقولُ {بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ* وَلَوْأَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ}

يقولُ (ع) {إِذَا زُكِّيَ أَحَدٌ مِنْهُمْ خَافَ مِمَّا يُقَالُ لَهُ فَيَقُولُ أَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِي مِنْ غَيْرِي وَرَبِّي أَعْلَمُ بِي مِنِّي بِنَفْسِي}.

أَنتَ لستَ مُضطرّاً للتَّصويتِ للفاسدِ ودعمهِ وتأييدهِ ليصِلَ إِلى قُبَّة البرلمان، فلماذا تضع نفسكَ بينَ خَيارَينِ لا ثالثَ لهُما؛ بينَ أَن تُصوِّتَ للفاسدِ أَو أَن تصوِّتَ للأَفسدِمنهُ؟!.

لا تخدع نفسكَ بالقَولِ؛ كُلُّهم فاسدُون! فهذهِ أَسهل وأَسخف طريقة لتوريطِ النَّفسِ بالمُشاركةِ معَ الفاسدينَ في فسادهِم، إِذ ليسَ من المعقُولِ أَنَّ كُلَّ المُرشَّحينَ في دائرتِكَالإِنتخابيَّة فاسدُون! ولو كانَ الأَمرُ كذلكَ جدلاً فهذا يعني أَنَّك كذلكَ فاسدٌ، وإِلَّا لما رشَّحَ الفاسدُونَ فقط!.

أَوليسَ أَنَّهُم نتاجُ المُجتمعِ؟! أَم أَنَّهُم كائناتٍ فضائيَّة سلَّطها الله على العراق؟!.

إِذا لم تجد نزيهاً تمنحهُ صوتكَ، على الأَقل توقَّف عن التَّصفيقِ للفاسدِ!.

٢٧ آب ٢٠٢١

لِلتَّواصُل؛

‏Telegram CH; https://t.me/NHIRAQ

‏Face Book: Nazar Haidar

‏Skype: live:nahaidar

‏Twitter: @NazarHaidar2

‏WhatsApp, Telegram & Viber: + 1(804) 837-3920

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here