بين كوردستان وأفغانستان

بين كوردستان وأفغانستان : بقلم ( كامل سلمان )
في سبعينيات القرن الماضي وبعيد إعلان إتفاقية الجزائر بين صدام حسين وشاه ايران وخلال ايام بدأ الانهيار يدب في صفوف قيادات الحركة الكوردية والسبب هو الاتكاء الكوردي على حائط ايران في مواجهة الحكومة المركزية في بغداد ، فكان درسا قاسيا للقيادات الكوردية التي ادركت منذ ذلك اليوم ان الاتكاء على الآخرين لايعيد حقوقا لشعب سلبت حقوقه ، فكانت تلك التجربة حاضرة في عقلية القيادة الكوردية بعد احداث ١٩٩١ م حيث استطاع الكورد هذه المرة بناء انفسهم من جديد بالاتكاء على قدراتهم الذاتية وعلى قواعدهم الشعبية الممتدة في جميع ربوع كوردستان والكورد في العالم ، وفعلا أثبتت الاحداث اللاحقة ان للكورد كلمة وأخذت هذه الكلمة بالنمو في مدن كوردستان وشهد لها العدو والصديق فأصبحت صبغة ابهرت القاصي والداني ، ثم تعرضت القيادات الكوردية لأصعب أمتحان تأريخي عند مواجهة الدواعش فدخل الكورد المنازلة الى جانب قوات التحالف الدولي بشخصية مستقلة فكانت ثمرة هذه المنازلة علو كعب الكورد وسمو مكانتهم بين الامم فتحولت كلمتهم الى ميزان الامم فكلمتهم لها وزن ملموس اليوم . عمدت القيادات الكوردية الى التعامل مع الجميع على نفس المسافة خصوما واصدقاء بمبدأ مصالح الشعب الكوردي اولا ، فزادت مكانتهم قوة و تأثيرا وأصبحوا رقما يحسب له حساب في المعادلات الاقليمية والدولية خاصة بعد أنفتاح دول العالم المتقدم على كوردستان . الذكاء السياسي الكوردي أوصل الأمور ان تقوم دولة ايران باستقبال رئيس حكومة الاقليم رافعة العلم الكوردستاني خلال مراسم الاستقبال وهذا لم يكن خطئا او اعتباطا بل اشارة واضحة الى العالم بأن الكورد قادمون لا محالة ، كل هذا جاء بعد ان عرف الكورد معنى الاعتماد على النفس اولا واخيرا ، الكورد يتحالفون مع الشيعة ليس على حساب السنة ويتحالفون مع ايران ليس على حساب علاقتهم بأمريكا والغرب ومع تركيا ليس على حساب الدول العربية . هذا النوع من السلوك السياسي يزرع الثقة بمن يتعامل معهم فهم الان محترمون من قبل الاقوياء قبل الضعفاء وعندما نتمعن بالخارطة السياسية الدولية نجد ان هذا النوع من التعاملات السياسية تكاد تكون مستحيلة في منطقة معقدة مليئة بالمتغيرات ولكن الكورد فعلوها وبنجاح منقطع النظير وهذا يدل على استقلاليتهم المطلقة ورسوخ ايمانهم بشعبهم ومبادئهم فلو سعت الحكومة العراقية الاستفادة من التجربة الكوردية الجريئة لكان خير لهم واقوم خاصة وان الكورد قريبون من القرار السياسي ويمكن هضم تجربتهم وخبرتهم بسهولة . وعلى بعد الاف الاميال قام التحالف الدولي بقيادة الولايات الامريكية باسقاط نظام حكم طالبان في افغانستان وتم تأسيس نظام وطني ديمقراطي على اشلاء حكومة ظلامية عقيمة وتأسيس جيش وطني لهذا البلد ولكن هذه الحكومة الجديدة فشلت في التقرب الى شعبها وفشلت في الاعتماد على نفسها وظلت طوال عشرون عاما معتمدة على قوات التحالف الدولي في اصغر الامور وابسطها وتفرغت هي ورجالات سلطتها الى السرقة والنهب والفساد تاركت البلاد تحت وطأة التخلف مما احيا الامل واعاد الحياة الى فلول طالبان المهزومة لتعيد هذه المجاميع الاجرامية البائسة نفسها كقوة وكبديل افضل من الحكومة المنفصلة عن شعبها لتستطيع فيما بعد من توجيه ضربة موجعة لحكومة افغانستان الديمقراطية الفاسدة التي ظنت ان الدعم والاسناد الدولي سيستمر الى مالا نهاية فانهارت بكل يسر بمجرد ان اعلن التحالف الدولي الانسحاب من افغانستان ، وهذا الحال سينطبق على العراق وعلى جميع القوى في العالم التي لا تراعي مصالح شعوبها ولا تتكأ على نفسها . تجربة كوردستان لا يستطيع احد الخوض بها مالم يكون مؤمنا ايمانا راسخا بقدرات شعبه وصدق مبادئه فهل ستكون لحكومتنا استقلالية صادقة ام انها تنتظر ان يحل بها ما حل بحكومة افغانستان خاصة وانهما متشابهتان فسادا وانفصالا عن الشعب .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here