السياسيون العراقيون وصوت العقل

السياسيون في العراق مع الاسف كلٌ يقرأ الأزمة بعيداً عن المنطق والعقل وضمير المسؤولية ووفق ما يشاء دون النظر الى حقيقة الامور بواقعية ومن هنا غلبت عليهم التشرذم والانقسام على حساب الشعب والامة وفي ضوء رؤيتهم الخاصة لانهم لا يقرأُون التَّاريخ خلال المعطيات الصحيحة والسليمة وإِذا قرأُوه إِستثنى كلُّ واحد منهم  نَفْسهُ من دروسهِ وعِبَره ،دون فهم من ان  السياسي الناجح هو الذي يبلور كل طاقاته وعطائه من أجل شعبه والذي يحافظ على هوية بلده ويتعامل مع المشكلات بروح المسؤولية الوطنية بنظرة ثاقبة ونبذ الخصومة والاستفزاز والتحلي بالتسامح والمرونة وترسيخ الحوار البناء وأن يوحد الخطاب والرؤية لتجاوز الخلافات وتعزيز الثقة المتبادلة ، عكس ما نراه من تسقيط وتهميش واستقصاء للآخرين كلما اقتربنا من موعد الانتخابات المزمعة في 10/10/2021 ، وعدم خلق أجواء مناسبة لان الوضع السيئ الذي وصل اليه البلد وعدم توفير بيئة آمنة لإجراء الانتخابات المبكرة والتهديدات الاقصائية ، كلها عوامل تؤكد أنّ لا تغيير واضح سيحصل ستبقى الامور على شاكلتها وفي توفير أجواء مواتية لأجراء انتخابات حرة نزيهة و تفضحه الوقائع اليومية المأساوية ومعاناة الملايين المريرة .

من الضرورة  العمل على حماية المستقبل رغم الهوامش والعلل بسبب قصر النظر و المصالح الفردية والحزبيَّة والعشائرية والمناطقية ،في ظلِّ كلِّ هذه الأَزمات والمخاطر والتحدِّيات العظيمة التي يمرُّ بها الوطن الذي يحتاج الى قيادة تسجل لهم التاريخ و لبلدهم صفحة مشرقة و هو اول من صنع الحرية والاستقلال في المنطقة ، في اتخاذ خطوات فعالة للتعامل مع التغييرات بشكل دائم وتحديد الأولويات المجتمعية من دون غلو وكشف التحديات  وتصميم الاستراتيجيات المناسبة للنجاح و تجنب الفشل في خلق الحلول المناسبة لأي مشكلة في التنفيذ إذا ما كان هدفها البناء وكشف عناصر نوعية ذات خبرات تراكمية عميقة وذوات كسب سياسي قوي ومهني وذوي اختصاص بالمجالات و لا يمكن أن تكون إلا بالوسائل الصحيحة وتديرها مجموعات صالحة بعيدة عن المصالح الضيقة والفوقية والمتعالية واحتضان الكفاءات الكفيلة بتأمين الاجماع وتكون الاعتراض حول خطوات التغيير اولاً باول، وتحيطها بحزام الأمان من أي اختراق المتصيدين في الماء العكر وبدعم خارجي ، وإلا كانت العمليات فاشل ، ولا تتجاوز التصريحات والصخب الإعلامي المستهجن نحتاج الى  خطوات حثيثة قابلة للتطبيق باتجاه ترسيخ التطبيع بين أبناء المجتمع بكل مكوناته ضد ثقافة كراهية الآخر ونبذ التطرف  والتي لم تنشا من فراغ بل كانت نتاجاً الافكار المتطرفة  التي دفعت وتدفع لترسيخ الكراهية والتي تعمل نفس الوجوه القديمة عليها  . المطلوب من السياسيين العراقيين بكافة انتماءاتهم الى تفضيل المصلحة العراقية العامة على المصلحة الحزبية أو الشخصية الضيقة واللجوء الى الدفع باتجاه توحيد الكلمة ولم الشمل للخروج من عنق الزجاجة . وايقاف التصعيد والتشنج والخطاب الاعلامي المشحون بالضد والعداء والممارسات المستهجنة للجهلة باسم الدين  والجلوس على طاولة الحوار سياسيين لخدمة المجتمع وإيجاد معالجات صحيحة المشاكل والمعاناة والضيم والظلم الذي مس أفراده وتذويبها من خلال العودة الى الدستور ورفض أي أسلوب للتفرد والتهميش،  عندما يبتعد أصحاب القرار من هؤلاء عن المجاملة والتغطية عن الفاسدين والفاشلين المطالبة بتطبيق القانون تطبيقاً سليماًوفق ما له وما عليه نستطيع حينها أن نستبشر بخير ولكن بعد 18 عام من المعاناة و النكبات فلم يتعظوا من الانكسارات التي اوصلت البلد الى عمق وادي التهلكة وانهيار كل مفاصل الدولة  . ولم يعملوا شيئ للوفاء  للدماء التي سالت والذين سقوا الأرض بدمائهم الزكية وعوائلهم الكريمة التي أنجبت أروع الأبطال الذين يحملون الغيرة بقدر عال ولجميع المقاتلين الشرفاء بمختلف صنوفهم وفصائلهم ورتبهم ولهم حق في رقبة كل  متصدي لخدمة العراق ولا يوجد أثمن من ما يقدم من الدم و ليس من المعقول أن يبقى البلد بين صراعات سياسية ومشاكل تنموية وتأخر عمليات الإصلاح وبقاء التهديدات الأمنية . لا يمكن للحكومة والسياسة العقلانية أن تتحقق دون دولة العقد الاجتماعي و العقد الوطني المعبرين عن كل المجتمع بعيداً عن أية سياسة عبثية إقصائية فاسدة . العراق بلد يمتلك كل مقومات النهوض ليصبح في قمة المهام ويمتلك الكفاءات والكوادر والخيرات من نفط ومياه والموقع الجغرافي المهم ، لكن يعيش في حالة من الفقر بسبب فقدان المشتركات  وخروج الطاقات العلمية الى خارجه لتغليب الاقوى سياسياً بنكساراته وهفواته وزلاته وليس الاجدر والاقدر والاكفءعلمياً .

عبد الخالق الفلاح

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here