من لا تاريخ له لا مستقبل له

من لا تاريخ له لا مستقبل له
لا تتعبوا انفسكم
ستنهض الامة من جديد
_______________________
بقلم المحامي عمر زين*

يطلب منا الغرب ان نتوقف عن الحنين لماضي الامة ويتهموننا بأننا لا نستطيع تخيل المستقبل، ويصورون الحضارة بأنها كالرجل العجوز، ويتناولون ما قاله ارسطو “ان الشباب يتحدثون عن المستقبل لان ليس لديهم ماضي، وكبار السن يتحدثون عن الماضي لان ليس لديهم مستقبل”.
نتساءل أليس أرسطو من الماضي ويستحضرون اقوالاً له في معرض الكلام عن المستقبل فنقول لهؤلاء:
في تاريخنا امجاد وبطولات لا يمكن شطبها ونسيانها بل نريدها ان تكون حافزاً لنا لبناء مستقبلنا، فشريعة حمورابي صدرت وكتبت على ارض العراق، وان كلمة الابجدية في اللغة العربية وكلمة “Alphabet” المستعملة في معظم اللغات الاجنبية والمؤلفة من اول حرفين الالف والباء، هما الدلالة للأصل الفنيقي لجميع اللغات المستعملة في عصرنا الحديث، والفنيقيون ابناء بلادنا هم الذين نقلوا هذه المعرفة الى الاغريق لانشاء لغتهم الخاصة، ونذكر بأن بيروت هي ام الشرائع في وقتٍ كان لا وجود لأي شريعة تنظم الجماعات في العالم بحينه، والتطور الفكري والطبي شاهدٌ تاريخيٌ على تقدمنا، وكذلك التطور العمراني بالاندلس، واكتشاف انشقاق الذرة حصل من هذا الوطن الكبير، ولولا حريق الاندلس بمكتباتها العربية كانت ستنقلنا بما جاء فيها بين الكواكب قبل اي جهة.
نؤكد ونقول ايضاً بأنه لا يستقيم التخطيط للمستقبل بِكَي الماضي ونسيانه، والبكاء على اطلاله، بما فيه من امجاد وبطولات وكذلك من إخفاقات والاستفادة منها لنصل الى النتائج المرجوة.
فالغرب لم يتركنا لحظة حيث يعمل وبكل امكانياته ليبعدنا عن تاريخنا، ويمنعنا من التفكير بمستقبلنا والتخطيط له، ويعمل على قتل علمائنا في كل مرة يظهر فيها عربي يحمل فكراً علمياً بذكاء بارز، وهذا حصل ويحصل خلال دراسته في جامعات الغرب ويحصل خارجها ايضاً كما اغتالوا العالم اللبناني حسن كامل الصباح مخترع الكهرباء، وهكذا لاحق الاميركيون تنفيذ قتل علماء العراق واحداً واحداً عند احتلاله في العام 2003، حيث قتلوا منهم اكثر من خمسمائة عالم وما زال يحصل من قتلٍ ايضاً لهؤلاء العلماء من اعداء الامة في البلاد العربية والاسلامية، كل ذلك لمنع الامة من البناء والنهوض والتقدم.
ونعيدكم الى ضرور قراءة مذكرات هنري كيسنجر وزير الخارجية الاميركي الاسبق الذي يشير فيها كم كان سعيداً بنبأ وفاة الرئيس عبد الناصر واعتبر “ان الوقت اصبح مناسباً للوصول لحل سلمي للصراع بين مصر واسرائيل بشرط ان يكون هذا الحل اميركي ويتضمن اربع شروط:
1- طرد النفوذ السوفيتي من المنطقة كلها.
2- بترك مصر ضعيفة غير قادرة على التأثير بأي نفوذ على الاطلاق في العالم العربي.
3- ان تظهر التجربة الثورية التي قادها عبد الناصر في مظهر التجربة الفاشلة.
4- ان لا يتماشى الشباب على نهج عبد الناصر والا سيظهر ناصر جديد يكون عقبة لمصالحنا”.
هذا هو الموقف الاستراتيجي الاميركي والصهيوني ضد امتنا، وعلى ضوئه توضع كل المخططات الامنية والمخابراتية والعسكرية والسياسية والاقتصادية وسواها لتعطيل مسيرة الامة والعمل على كَي الذاكرة بكل الطرق المتاحة.
هذا يستدعي منا ان نكون متضامنين مع انفسنا اولاً ودائماً مع مصر عاملين على دعمها بكل قوانا، وان نؤكد بإصرار دائم معتمد على ايمان ثابت بأن تجربة ناصر هي من انجح التجارب الثورية في تاريخنا الحديث بحيث وضعتنا بفاعلية حاسمة على خريطة العالم، وان نعمل وبكل تصميم بأن نضع نهج عبد الناصر بكل ثوابته وحيثياته ونتائجه امام شباب الامة باعتبارهم عديدها وفكرها لبناء نهضتها، وان نعمل على تعميم ثقافة المقاومة ضد الاعداء والصهاينة لتحرير ارض فلسطين الطاهرة، وضد الجهل والفقر والاستبداد والفساد والفاسدين عاملين على ان تكون العدالة والمساواة واحترام حقوق الانسان وسيادة حكم القانون والحفاظ على ثرواتنا عنوان العمل لنهضتنا.
لن نستكين ولدينا الامل والطموح والايمان والتفاؤل بأن المستقبل سيكون افضل، ومن اهم اولوياتنا تعطيل جهود الاعداء ومؤامراتهم العاملين لِكَي ذاكرة الامة حيث ان المعين الذي يقتضي الواجب القومي ان نتوجه اليها دائماً.
قديماً قيل “من لا تاريخ له لا مستقبل له”
ونطمئنهم بأن ظهور ناصر جديد في هذه الامة
امر حتمي مهما اشتدت المؤامرات علينا.

*الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب
بيروت في 29/8/2021

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here