وزير خارجية ايران عبد اللهيان يقر وضع العراق الحالي الذي عقد المؤتمر من اجل تصحيحه

وزير خارجية ايران عبد اللهيان يقر وضع العراق الحالي الذي عقد المؤتمر من اجل تصحيحه

بقلم: البروفسور الدكتور سامي آل سيد عگلة الموسوي

قبل التطرق لكلمة وزير خارجية ايران عبد اللهيان في مؤتمر الشراكة والتعاون في بغداد يجب ان نتذكر ان تدمير العراق كان ولايزال مخطط صهيوني اشترك فيه القريب والبعيد منذ عام ١٩٩١ عندما تكالبت عليه دول العالم كلها وما تلا ذلك من حصار بربري همجي تشمئز منه حتى الشياطين ثم الغزو الصهيوني الأمريكي الغربي عام ٢٠٠٣ بقيادة مجرمي الحرب جورج بوش الصغير وتوني بلير الحقير. وقد سبق ذلك حرب خميني ضد العراق منذ عام ١٩٧٩ مما مهد للحروب الأخرى. وهذه المقدمة لها معاني كبيرة وعديدة نتركها للحليم الذي تكفيه الإشارة لنعود الى كلمة عبد اللهيان.

أولا كتب العديد عن وقوف وزير خارجية ايران بمكان الشيخ محمد بن راشد وترك مكانه البروتوكولي في الصف الثاني ولم يكن ذلك خطأ بروتوكولي لان هذا الوزير قد تم تنبيهه من قبل المنظمين للمؤتمر ولكنه تجاهل ذلك. وعليه فان ذلك كان مخططا له ومتفق عليه اما اذا كان خطأ فهذا أسوأ لانه يدل على جهل وزير خارجية ايران بأبسط الأمور ويستدعي ان تقدم حكومته اعتذار للعراق وللشيخ محمد بذلك وان يدخلونه دورة تدريبية ليتعلم البروتوكولات بل واسس الضيافة بشكل عام. من ناحية أخرى لو ان ذلك حدث وكان صدام حسين هو المنسق للمؤتمر ماذا كان سيقول له بشكل مباشر وصريح ولا لبس فيه ويرجعه الى مكانه الصحيح دون تجريح ولكن بقوة وعزم بل وما كان ليفعلها هذا لو كان صدام موجودا على الاطلاق. وعليه كان من واجب الكاظمي ان يراقب الوضع وينظر الى ضيوفه ويصحح ذلك الموقف بنفسه او بإشارة او بتوجيه احد موظفي الضيافة قبل التصوير وتصحيح الخطأ حق ولا ضير فيه على القاعدة الاسلامية التي تقول من رأى منكم منكرا فليغيره … والمنكر هو التصرف المخالف للواقع الصحيح.

لم يكن عبد اللهيان موفقا بكلمته بخصوص اجندة المؤتمر الا في حالة واحدة هي الفصح عما في داخل جعبته من سياسة إيرانية استعلائية ضد العراق والعرب. في حين ان كلمات الوفود العربية وغيرها الأخرى تطرقت الى دور العراق وحضارته وتأريخه الحق كرر هذا الوزير عبارة العراق الجديد فقط! ونحن كشعب عراقي عريق بجميع قومياته واديانه ومذاهبه لدينا عراق واحد يمتد من نبوخذ نصر وحمورابي وسومر واكد واشور وبابل وإبراهيم و أور وسرجون مرورا بذي قار والقادسية ويونس ونينوى و اهل البيت والى يومنا هذا ما عدا المحتلين فهم مرفوضون. لا يوجد عراق جديد وعراق قديم و ما كان هذا المؤتمر الا محاولة لتصحيح وضع العراق الحالي الذي وصفه عبد اللهيان بالجديد! أي هذا الوضع الجديد الذي يراد للمؤتمر تصحيحه اقره عبد اللهيان بتكرار وهذا بالضبط عكس اتجاه هدف المؤتمر الا وهو تصحيح وضع العراق الجديد الى وضعه الذي يليق به! وعلى هذا ان يفهم ان العراق في وضعه الجديد هو وضع مرفوض عند الشرفاء من الشعب والحريصين من أبنائه لانه لايتصف الا بالفقر والطائفية وغياب الامن وسرقة الثروات وفساد السياسيين وتدهور الخدمات والتعليم والصحة والزراعة والتجارة وغيرها من مشاكل ضاعت فيها حتى كرامة الفرد العراقي. هذا هو جديد عبد اللهيان.

وقد شذ وخرج عن اجندة المؤتمر في كامل كلمته المقيته وعندما تطرق لذكر سليماني ولاخراج القوات الامريكية الغازية التي اعطتهم العراق بعد تدميره على طبق من ذهب وتخلى عنه العرب حينها. وعملية اخراج الامريكان الغزاة هو هدف عراقي وليس فارسي بالدرجة الأولى ولم يتبقى منهم الا القليل ولكن عليهم هم ان يخرجوا من العراق ولايتدخلوا بشأنه. والواقع ان ايران هي اول من مهدت لدخول القوات الامريكية عام ٢٠٠٣ بواسطة عملائها او بشكل مباشر بالتنسيق مع أمريكا الصهيونية. وليس صحيحا ما قاله الوزير الإيراني ان ايران اول من حارب داعش في العراق فالجميع يعلم ان داعش دخلت الموصل بترتيبات أمريكية صهيونية فارسية استغلتها ايران لفرض واقع عسكري داخل العراق والتدخل فيه بشكل مباشر وسرقة خيراته (ولاننسى هنا تصريحات سيئة الصيت هلاري كلنتن في ذلك). بل واذلال شعبه وتقسيمهم على أسس عرقية ومذهبية اتفقت بها الأهداف الصهيونية والفارسية.

ولم يكن ذلك الوزير موفقا بذكره مشاركة سوريا فهذا تدخل اخر واستفزازهم استمر عندما زار سوريا بعيد المؤتمر بينما قبيل ذلك زار موقع مقتل سليماني الذي يعطي إشارات باستمرار التدخل المباشر في الشأن العراقي والعربي.

وأخيرا ان الذي ذكره حول التبادل التجاري واشارته الى ٣٠٠ مليار دولار هو خطأ مقصود لكي يعطي لنفسه أهمية حين يمنحه الكاظمي فرصة وصفها هذا الأخير بانها تصريح مهم ليكررها بعده على ان ذلك ١٣ مليار وليس ٣٠٠ مليار دولار والواقع يقول ان ذلك اكثر بكثير من ٣٠٠ مليار دولار الله اعلم كيف تذهب. وفي الواقع ان ذلك الرقم مهما كان لايمثل الا شيء واحد هو انه يصب بصالح ايران وليس العراق وذلك بجعل العراق سوق للسلع الإيرانية وتخفيف وزر العقوبات الدولية عليها عبر بوابة العراق.

الخلاصة ان عبد اللهيان لم يكن موفقا بكلمته الا بشيء واحد هو الإفصاح عن سياسة الاستعلاء والعنجهية والتدخل بل التمدد الصفوي الجديد وبثنائه على وضع العراق الجديد المزري وهذا بالضد من هدف المؤتمر الذي هو تصحيح وضع العراق واعادته الى وضعه الأول ومكانته العربية والدولية وإعادة بنائه ولو بشكل رمزي ولكنه بالنسبة لعبد اللهيان وضع جديد يثني عليه.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here