العراق.. ديمقراطية مع وقف التنفيذ!

أحمد الكاتب

كتب الأخ عزيز حميد مجيد، في موقع (صوت العراق) بتاريخ ٦ أيلول ما يلي: الأسلام يؤمن بآلدّيمقراطية بشرط الولاية، واستشهد بما قال انه : نصّ وحديث متواتر: [ بُني الأسلام على خمس؛ على الصّوم و الصّلاة و الحج و الزّكاة و الولاية, و ما نودي بشيئ مثلما الولاية] وأضاف: لا معنى للديمقراطية و الانتخابات و حتى الشورى ما لم تكتسب الشرعيّة من العارف الفقيه الفيلسوف الذي يعرف أسرار الدّين و أبعاد و جوهر و روح الأحكام في الرسالات السماوية, و إن إجراء أية انتخابات ديمقراطية تعتبر بمثابة ذرّ الرّماد في العيون لتأمين مصالح الطبقات الرأسمالية التي تسيطر على الشركات و البنوك و مصادر الطاقة في العالم.

أحمد الكاتب: لكن الحقيقة، ان اصحاب نظرية (الولاية) قديما وحديثا لا يؤمنون بالديمقراطية، ويعتبرونها مناقضة للولاية مائة بالمائة، بالولاية التي يتحدث عنها الحديث المنسوب للامام محمد الباقر، وهو بالمناسبة ليس حديثا متواترا، وانما خبر آحاد، لم تثبت نسبته للامام الباقر، ويتعارض مع القرآن الكريم، الذي لا يشير الى مسألة الولاية من قريب ولا من بعيد، وعلى فرض صحة النسبة للباقر، فان نظرية (الولاية) تقوم على فرضية وجود نص على الامام علي بن أبي طالب (ع) وامتداد الامامة في سلالة علي والحسين الى يوم القيامة، وهو ما قالت به الشيعة الامامية في القرن الثاني الهجري، ولكنها لم تستطع اثبات النصوص على الأئمة الباقين، وقد انقطعت سلسلة النص أو الوصية في كربلاء، عندما لم يوص الامام الحسين لابنه زين العابدين، ولم يعينه اماما من بعده، وانما اوصى اخته الحوارء زينب برعاية العيال والأطفال فقط. وقد اعتزل زين العابدين السياسة ولمي تصد للامامة، ولذلك قام الشيعة باختيار احدهم زعيما لهم وهو الصحابي سلمان بن صرد الخزاعي، قاد حركة التوابين، وعندما قتل ذهب الشيعة الى الامام محمد بن الحنفية، وابنه ابي هاشم عبد الله، ولم يستطع الشيعة الامامية الانتقال من سلالة ابن الحنفية وربط امامتهم بزين العابدين الا بحياكة اسطورة تكلم الحجر الاسود والسلام على زين العابدين وتعيينه اماما في مقابل ابن الحنفية. ومع ذلك فقد وصل الشيعة الامامية الموسوية الى طريق مسدود بوفاة الحسن العسكري دون اي حديث عن وجود ولد له، ولا عن مصير الامامة، فانتهت نظرية (الولاية الالهية) وثبت فشلها بعد مخالفتها للقرآن الكريم والسنة النبوية والعقل والواقع، ولم ينقذها قول فريق من الشيعة بوجود (الامام الثاني عشر الغائب) الذي لم يظهر منذ ذلك الحين رغم مرور أكثر من ألف عام على دعوى وجوده.
وبالرغم من ان القول بوجود (الامام الغائب) كان فرضية فلسفية خيالية وهمية، فقد ترك الشيعة خلال هذه المدة بلا قائد ولا امام، لا من الله ولا من الناس، وكان فلاسفة الشيعة وفقاؤهم يحرمون اقامة الدولة في ما يسمونه (عصر الغيبة) ويرفضون كل ما يتعلق بالدولة من أحكام ضرورية، ولكن بعض الفقهاء قام بثورة فكرية والتحرر من نظرية (الامامة والولاية الالهية) وذلك بابتداع نظرية (ولاية الفقيه) ثم تطويرها الى نظرية (الشورى) وأخيرا (الديمقراطية). وهذه النظرية في الحقيقة – كما قلنا – تشكل نقيضا تاما لنظرية الولاية الوهمية، لأنها لا تشترط العصمة ولا النص ولا السلالة العلوية الحسينية في الامام.
ومن هنا فلا بد من الاعتراف بخطل نظرية (الامامة الالهية) وقطع جميع الروابط والعلاقات معها وتصفية مخلفاتها التي تعوق اقامة نظام ديمقراطي سليم، بعيد عن هيمنة ما يسمى برجال الدين الذين يدعون أنهم (نواب الامام المهدي العامون، والحكام الشرعيون وولاة أمر المسلمين) وكل ذلك بلا دليل من القرآن أو السنة النبوية، وانما استنادا الى سلسلة من الفرضيات الوهمية الخيالية. فلا يمكن أن نصادر حق الشعب في الحرية والديمقراطية وانتخاب ممثليه الشرعيين، حسب الدستور، أو نقيم نظاما ديمقراطيا مع وقف التنفيذ، وبشرط موافقة ورعاية “المرجعية الدينية” اللادينية التي لم يأمر بها الله تعالى، ولم ينزل بها من سلطان.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here