تقرير أوروبي: الهجرة والجفاف يتسببان باندثار لهجة سكان الأهوار

ترجمة: حامد أحمد

حذر تقرير أوروبي من اندثار اللهجة المحلية لسكان الأهوار، كاشفاً عن جهود لجمع ألف مفردة منها بقاموس يضم الكلمات المرادفة، مشيراً إلى أن العديد منها ظهر أن له أصولا سومرية وأكدية. وذكر تقرير لموقع (Equal Times) الأوروبي ترجمته (المدى)، أن “حسين محمد رضا وزملاءه الثلاثة استقلوا زورقاً مر بهم عبر مياه اهوار جنوبي العراق، في احد أيام الربيع الدافئة من هذا العام”.

وأضاف التقرير، أن “الزورق شق طريقه عبر قنوات عشبية وقصب منحني، مرورا بقطيع جاموس مغمور إلى النصف تحت الماء وصيادي اسماك يرمون شباكهم في المياه الهادئة”. وأشار، إلى أن “الأربعة كانوا في جولة بحثية لتوثيق معالم الأهوار ولهجة سكانها الأصليين المميزة”. ولفت التقرير، إلى أن “عودة مواسم الجفاف وانحسار مناسيب تدفق المياه جعلا من ظروف معيشة أهل الاهوار صعبة التحمل”. وتحدث، عن “اضطرار أعداد متزايدة من سكان الاهوار إلى الهجرة ولجوئهم للعيش في المدن”.

ويجد التقرير، أن “ذلك يعرض البيئة الثقافية لأهل الاهوار وطريقة معيشتهم فضلاً عن اللهجة المحلية المتميزة المتداولة بينهم إلى الاندثار مع انتقالهم للمدينة”.

وأردف التقرير، أن “رضا، المحاضر الجامعي من كلية علوم الآثار في جامعة ذي قار، كان على مدى عدة أشهر يقوم هو وزملاؤه بجولات بحثية منتظمة الى الاهوار والمناطق المحيطة بها”. وبين، أن “الهدف من هذه الجولات توثيق شيء معين وللمرة الأولى وهي اللهجة العربية المحلية لسكان الاهوار الأصليين الغنية بالعبارات والمصطلحات الخاصة بهم التي يستخدمونها”. وشدد التقرير، على “دور هذه اللهجة في تمييز ووصف بيئتهم، حيث يطلقون على سبيل المثال عشرة أسماء مختلفة متداولة بينهم على نبات قصب البردي ويعتمد ذلك على موقع هذا النبات وحجمه واستخداماته ولونه وعمره أيضا”. وأفاد، بأن “معالم كثيرة من ثقافة سكان الاهوار قد تم توثيقها سابقاً تراوحت ما بين ممارسات حرف صناعة الابلام والمشاحيف الى تقنيات بناء البيوت والمضايف من قصب البردي”. ونفى التقرير “وجود بحث في توثيق لهجة سكان الاهوار والمصطلحات والعبارات التي يستخدمونها فيما بينهم”.

وينقل، عن “الباحث رضا القول إن محاولة الوصول إلى جذر العبارة والكلمات المستخدمة في لهجة أهل الاهوار أمر مهم جداً، وهذا يساهم في الحفاظ على الإرث والتراث وتراثنا، وبجهدهم هذا يحافظون على هذه اللهجة من تعرضها للاندثار”. وذكر التقريرـ أن “أهوار حضارة بلاد الرافدين، وهي سلسلة من ثلاثة اهوار رئيسة، كانت في يوم ما اكبر مسطح مائي لغربي آسيا، وتمتد على مساحة 20,000 كم مربع”. وشدد، على أن “الاهوار تدعم تنوعا أحيائيا غنيا وتخدم كمنطقة توقف لطيور مهاجرة ما بين أفريقيا وآسيا وأوروبا”. وعد التقرير، “الأهوار مصدراً لعيش ورزق للأهالي فيها، من خلال التنوع البيئي التي كانت مسكونة على مر آلاف السنين”.

واستطرد، أن “جهود بذلت لإعادة المياه إلى الأهوار بعد أن قام النظام السابق بتجفيفها، وأسهمت تلك الجهود في عودة الكثر من سكانها الذين غادروا المنطقة في وقت سابق”. ويسترسل التقرير، أن “الكثير منهم عاش في أراضي معزولة في الاهوار، بينما عاش آخرون في قرى ومدن صغيرة على امتداد ضفاف نهري دجلة والفرات”. وينقل التقرير عن الباحث رضا أيضاً، أن “ظاهرة الهجرة هي أحد العوامل الرئيسة المساهمة في اندثار لهجة ومصطلحات اهل الاهوار المحليين”. ويؤكد رضا، بحسب التقرير، أن “عودة ظاهرة الجفاف وانحسار مناسيب المياه في الاهوار أديا إلى تهجير العديد من سكان الاهوار المحليين إلى المدن مع بقاء عدد قليل منهم”. ويسترسل، أن “أبناء الاهوار من الشباب وصغار السن سيتطبعون على لهجة أهل المدينة وينسون لهجتهم وعباراتهم التي اعتادوا عليها في بيئتهم”.

ويرى التقرير، أن “هذه الظاهرة تحدث في بلدان كثيرة حول العالم، حيث أشارت منظمة اليونسكو في تقرير لها الى ان تسارع معدلات الهجرة إلى المدن غالباً ما ينتج عنها اندثار لأساليب العيش التقليدية وثقافتها”. وينتقل التقرير إلى “جاسم الأسدي، احد العاملين على الحفاظ على تراث الاهوار من خلال ترؤسه منظمة طبيعة الذي عزا التحول اللغوي في اللهجة إلى التغيرات المهمة التي مرت بها الاهوار”. وذكر التقرير، أن “الأسدي يجد أن تفكك سكان الاهوار بعد هجرتهم وعيشهم في مناطق منعزلة، وتأثيرات قنوات التواصل الاجتماعي واختلاط أفراد سكان الاهوار مع سكان المدينة، كلها عوامل لعبت دورا في هذا المجال، معرباً عن اعتقاده بان الأجيال القادمة لسكان الاهوار سيتحدثون بلهجة تختلف قليلاً عن المحلية”.

وأردف التقرير، أن “تقديرات الأسدي أظهرت عودة 250 ألف شخص إلى الأهوار بعد غمر جزء منها بالمياه”. لكن التقرير عاد ليوضح أن “الافتقار إلى قاعدة معلومات كان سبباً بعدم معرفة عدد الذين يعيشون الآن في الاهوار”، مستدركاً، أن “الأسدي يتوقع وجود من 300 إلى 500 ألف”. ويعود التقرير مرة أخرى، إلى “الباحث رضا الذي يقدر نسبة الذين لديهم معرفة بلهجة سكان الاهوار الاصلية بين (25- 30)% من السكان، وأغلبهم كبار السن، مع إمكانية اندثارها مع مرور الزمن”.

ونوه، إلى أن “فريق رضا يأمل بتوثيق ألف كلمة وعبارة ومصطلح تستخدم في لهجة سكان الأهوار وجمعها في قاموس خاص مع ما يرادفها من كلمات في اللغة العربية الدارجة”. وانتهى التقرير، إلى “اندهاش الفريق عند اكتشافهم بأن كثيرا من كلمات وعبارات أهل الأهوار لها جذور سومرية وأكدية قديمة”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here