الانتخابات..الشفافية والمشروعية

الانتخابات..الشفافية والمشروعية

إحدى الإشكاليّات الكبرى فى التحوّلات الكثيرة عند دول العالم النامي إلأ القلة القليلة منها من أنّ الطروحات السياسيّة لم تحمل سوى شعارات الإطاحة بالأنظمة عن طريق الانقلابات ، دون الإجابة بشكل شفاف وحقيقي على السؤال حول ما يجب إقامته من «نظام» ضمن مشروعٍ واقعيّ يتمّ التفاوض عليه مع جميع فئات المجتمع ومع مؤسسات الدولة .

لقد جرى إبراز شعار الديموقراطيّة عبر الانتخابات كى يأتى حكم «الأغلبيّة»، دون بذل جهدٍ كبير لتوضيح ما يُمكن أن يعنيه هذا ، ولم يأتِ فشل التغيير فقط من لجوء السلطة الحاكمة إلى العنف للحفاظ على ذاتها، بل أيضا وخاصّة من أنّ كثيرا من حاملى التغيير لم يتمكّنوا من الحصول على ثقة فئات كبيرة من ذلك المجتمع لإحداث التغيير المنشودة.

تعتبر الانتخابات شفّافة عندما يخضع كل إجراء من إجراءاتها للتدقيق، ويتحقّق أصحاب الشأن بكل استقلالية مما إذا كانت العملية الانتخابية جرت بنزاهة ودقّة. يرتبط مبدأ الشفافية بالحقّ الأساسي لكل فرد بطلب وتلقّي ونقل المعلومات التي تشكّل عناصر حرية التعبير، وكذلك بحقّه بالمشاركة في الحكم وإدارة الشؤون العامة،ومن الضروري أن توضع عملية صنع القرارات موضع تدقيق، على أن يحظى المواطنون بفرصة كافية لإبداء ملاحظاتهم وآرائهم حولها. ومن الضروري أيضاً أن توضع المعلومات المتعلقة بكل مراحل الدورة الانتخابية في متناول المواطنين، بمن فيهم الناخبون والمرشحون. فضلاً عن ذلك، يجب الاستعانة بمراقبين معتمدين، محايدين كانوا أم حزبيين، لمواكبة العملية الانتخابية بجميع مراحلها، وأن يُسمَح لهم بالتعليق علناً على مجرياتها، من دون الخضوع لأي قيود غير مقبولة. عندما يحظى المواطنون بفرص متكافئة وعادلة لخوض المعركة الانتخابية بهدف الفوز بمناصب في الحكم. فالمنافسة السياسية هي ركن أساسي في الانتخابات التي تعكس حقاً إرادة الشعب، عدا عن أنّ مبدأ التنافسية يحيط بكل جوانب الانتخابات على امتداد الدورة الانتخابية. لا بدّ من أن يسمح الإطار القانوني للمواطنين بالتجمّع وتسجيل الأحزاب السياسية لتمثيل مصالحهم، وتوفير إمكانية الترشّح للأحزاب و/أو المرشحين، وتمكين الأحزاب والمرشحين من تنظيم الحملات الانتخابية، وفي المقابل الناخبين من الإدلاء بأصواتهم من دون التعرّض لأي ضغوط غير مشروعة، أو لأعمال الترهيب والعنف.

الأنظمة الانتخابية تتضمن مجموعة من القواعد التي تحكم جميع أوجه عملية التصويت: موعد الانتخابات، من يحق له التصويت، من يحق له الترشح، كيفية تمييز بطاقات الاقتراع والإدلاء بها، كيفية عد بطاقات الاقتراع، محددات إنفاق الحملات، وباقي العوامل التي قد تؤثر على النتيجة. أنظمة الانتخابات السياسية يتم تحديدها في الدساتير وقوانين الانتخابات، ويتم تنفيذها عادة من قبل لجان انتخابية وقد يتم استخدام أكثر من نوع واحد للمناصب المختلفة.

ويعتبر التصويت في العالم الحر وسيلة هامة وأساسية يمكن للأفراد من خلالها التأثير على القرارات الحكومية. والتصويت هو قيام الفرد باختيار أحد المرشحين لتمثيله في الهيئات المنتخبة التي تتولى إعداد القوانين أو في بعض مناصب اتخاذ القرارات. تم الإقرار بالحق في التصويت كأحد الحقوق الأساسية إلا أنه لم يتم بعد احترام إعماله فيما يخص الملايين من الأفراد في مناطق العالم المختلفة. إذ تحرم العديد من المجموعات من التمتع بهذا الحق كغير المواطنين وصغار السن وبعض الأقليات ومقترفي بعض الجرائم والأفراد المشردين والجماعات المشردة داخليا فضلا عن أفراد وجماعات أخرى من أولئك المحرومين من التمتع بالحق في التصويت لأسباب مختلفة بما في ذلك الفقر والأمية والاضطهاد والخوف وعدم سلامة إجراءات العملية الانتخابية. الضمانات الواردة في المادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ذات أهمية بالغة فيما يخص الضمانات المتعلقة بالحق في التصويت وإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وهي أيضا ذات صلة وثيقة بعدد من المواد الأخرى وعلى نحو خاص ما ورد في المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (انظر أدناه). وبخلاف ذلك فقد أقر العهد أيضا ضمانات تخص الحق في حرية التعبير (المادة 19)، والحق في التجمع السلمي (المادة 21)، وحرية تكوين الجمعيات (المادة 22) والحق في عدم التعرض للتمييز (المادة 26).

يطلق على دراسة طرق الانتخاب المعرَّفة اسم نظرية الخيار الاجتماعي أو نظرية الاقتراع، وقد تُطبَّق هذه الدراسة في مجالات العلوم السياسية والاقتصاد أو الرياضيات وتحديداً في مجالات نظرية الألعاب و‌نظرية تصميم الآليات. تم وضع براهين مثل نظرية الاستحالة توضح في حال توفر ثلاث بدائل أو أكثر لدى الناخبين فإنه من غير الممكن تصميم تصويت تراتبي يعكس التفضيلات الشخصية على شكل تفضيل عام للمجتمع بشكل يتناسب مع التمثيل النسبي و‌التصويت التعددي، التداول على السلطة عبر الانتخابات يعنى بالدرجة الأولى تفاوضا مع قوى المجتمع ومع مؤسّسات الدولة وحتّى مع السلطة الحاكمة أو جزءٍ منها حول مشروعٍ يجد فيه الجميع مكانّهم و يمنحون ثقتهم لتحقيقه. والتداول السلميّ على السلطة، عبر سبيلٍ غير الانتخابات، هو التفاوضٌ حول المشروع مع ذات القوى والمؤسّسات.

اما دولياً فيحق لكل دولة من ان تقديم طلبات المساعدة في إجراء أي انتخابات من قبل رئيس الحكومة أو وزير الشؤون الخارجية في الدولة العضو في الأمم المتحدة. في بعض الظروف، ويمكن أيضًا اعتبار الطلبات المقدمة من كيانات أخرى مثل الوزارة المشاركة في تخطيط وتنفيذ الانتخابات أو اللجنة الانتخابية مقبولة ولا يمكن قبول طلبات المساعدة الانتخابية المقدمة من المجموعات داخل السلطة التشريعية، من الأحزاب السياسية، المجتمع المدني أو الكيانات الأخرى.

عبد الخالق الفلاح

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here