الناس والاحزاب والانتخابات

الناس والاحزاب والانتخابات

الكاتب/ اسعد عبدالله عبدعلي

لافتات وصور مرشحي الاحزاب ترتفع في كل مكان من بلدي, باعتبارهم الوجبة الجديدة للبرلمان القادم, مع شعارات الاصلاح ومحاربة الفساد, مثل كل مرة يملئون الدنيا زعيقاً, الناس قد عرفتهم وايقنت تماماً ان الاحزاب لا تنتج الا ما يشابهها في العمل والاداء والاهداف, وكما قال احد الفضلاء: ” لا يصدر الحق من حنجرة الباطل”, فكذلك لا يمكن ان يأتي الخير من احزاب شريكة بفساد البلد, حقيقة يجب ان يفهمها الناس, وتعيها العقول, كي تتم الاطاحة بغول الفساد عبر الانتخابات.

اليوم.. الناس تشعر بخيبة كبيرة من الاحزاب الكبيرة, لكن ايضا هنالك خوف شديد منها ايضا, لذلك عاد الصمت يلف البلاد كما كان في زمن صدام.

كان القلم والاوراق معي اين ما حللت, وقررت ان ادون وانقل عبر سطور قصيرة ما يجول في خاطر الانسان المتعب, بفعل اهمال الدولة له, وتبخر حقوقه, وموت احلامه, وافكاره وما لا يمكن ان يصرح به, انها حقائق يجب ان تقال, فكانت هذه السطور:-

اولا التقيت بالشاب مازن (27سنة), وهو لم يكمل دراسته مع انه تخرج من الاعدادية بمعدل كبير يؤهله لدخول افضل الكليات, ويقول: “مع لحظة تخرجي توفي ابي بحادث سير! حيث دهسته سيارة (جكسارة) وهرب صاحبها, عند تلك اللحظة كان علي ان اعمل لأعيل عائلتي, فتركت حلم الجامعة وانغمست بالعمل مكان ابي في محلنا لبيع الفلافل, ولا يوجد تعويض حكومي لحوادث الدهس, ابي كان كاسباً لذلك لا يملك راتب تقاعدي, دفنت احلامي ودخلت عالم الشقاء, الحكومات لا توفر شيء لنا, كل شيء في بلدي اصبح صعبا, خصوصا بعد قيام الاحزاب برفع سعر صرف الدولار, والذي يعني الضغط على الفقير والكسبة, حياة من دون حقوق ولا خدمات, حتى ماء الشرب نشتريه, الكهرباء نشتريها, يعني ان نعيش تحت الضغط اليومي, وفي النهاية يطالبوننا بإعادة انتخاب احزابهم, هل رأيت اكثر صلافة من هذه الفئة” ؟!

مازال الماء الملوث هو ما يصل للبيوت ليكون شراب العوائل! فلا يوجد سياسي او حزب يهتم بالناس الفقيرة.

يتحدث الحاج سلام (71 سنة) بحرقة عن حال قريته وهي تعاني من التلوث, فيقول: “بسبب تجاهل الحكومات المتعاقبة والاحزاب لمنطقتنا, ازدادت حالات الاصابة بالسرطان في السنوات الاخيرة وبشكل مخيف, بفعل انتشار مصادر التلوث, البيئة التي نعيش فيها تحيطها مكبات النفايات والتي تحرق وتغطي بيوتنا سحب من الدخان وبشكل مستمر, حتى الضيف الاتي لمنطقتنا يحس بالاختناق! والماء الذي يصل عبر شبكة الانابيب ملوث وغير صالح للشرب, ولا توجد في منطقتنا اي مستشفى, فقط تتواجد عشرات الدكاكين المتخصصة ببيع الدواء والتي يطلق عليها جزافاً (صيدليات), والتي تصف الدواء حسب المزاج! لذلك كل شيء جاهز للقضاء علينا عبر التلويث, والان يطلبون منا ان نعيد انتخابهم, لا اعلم اي صنف من البشر هؤلاء الساسة, كالعاهرة التي فقدت الحياء.

اخر من تكلم كان الشاب محمود (30 سنة), يجلس قرب توقف الباصات حيث يعمل صباغاً للأحذية, هذا الشاب قصته مؤلمة حيث يقول: “اكملت دراستي الجامعية في كلية العلوم, وبعد التخرج لم احصل على وظيفة”, فالوظائف حكرا على الاغنياء وابناء الاحزاب والمقربين منهم, ويقول: “كنت انظم الشعر في ذم الاحزاب, لذلك ختم على اسمي بالشمع الاحمر ممنوع من رغد العيش ومن عمل يحفظ كرامتي, مع اني استحق وظيفة حكومية”, هكذا حال اغلب خريجي الجامعات العراقية لا مكان لهم في الوظائف, حيث تخلت الحكومة على وضع برنامج عادل للتوظيف, بل الرشوة دخلت كطريق للتعيين.

يكمل الشاب محمود: “الان جاءت الانتخابات وحان الوقت كي نقلب معادلة على اهل الباطل, ونأتي بالمستقلين فقط, عسى ان يعود العدل لهذه الارض”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here