فلسفة : الحياة بالنسبة الينا (قيمة) وليست مجرد (واقعة)

فلسفة : الحياة بالنسبة الينا (قيمة) وليست مجرد (واقعة) * د. رضا العطار

يصطدم الانسان بعوائق اثناء محاولته في تحقيق ذاته، عن طريق تحقيق اهدافه في الحياة. والحق ان الموقف البشري لا يتحدد الا بمقتضى تلك المقاومات التي تعترض نشاطه في سبيل تحقيق مرامه، فتكون بمثابة التحدي الذي يدفع بالذات الى العمل على احالة (العائق) الى (واسطة) لكننا في الوقت نفسه لا نستطيع ان نحول (القدر الى (مصير) ومن هنا نكتشف ان طريق حياتنا اصبحت (مغلقة) من جهة و(مفتوحة) من جهة اخرى. بل ان شعورنا بالحواجز رهن بما لدينا من نزوع نحو تجاوز تلك العوائق فضلا عن وجود مجموعة من (القيم) التي تستنير طاقاتنا من اجل العمل الجاد في سبيل تحقيق المصير.

واذا كانت الحياة اكثر من مجرد (واقعة بيولوجية) فذلك لاننا ندرك ان ثمة (مُثل عليا) علينا ان نحققها، وبالتالي فاننا نشعر بان حياتنا نفسها (كسب) علينا ان نظفر به !

ولعل هذا هو السبب في ان عملية (تحقيق الذات) لا بد من ان تقترن بمشاعر المجاهدة والعذاب – ولما كانت (الذات) نفسها (كسبا) اصبحت الحياة بالنسبة الى الذات (نصرا) نرغب في احرازه، لا مجرد (بقاء) تعمل على استمراره انما من اجل (غاية) وآية ذلك ان الانسان الحر يضع حياته في خدمة بعض المقاصد النبيلة لخدمة ابناء وطنه.

ولا يمكن ان تستوي شتى اساليب الحياة بل لا بد من ان تكون ثمة طريقة افضل مما عداها ! وهذا هو السبب في ان الموجود البشري يوازن بين اساليب الحياة ويقيم الطرق المختلفة لاستخدام الحياة واضعا نصب عينيه العمل على الاهتداء الى ما هو (افضل)

وبينما يموت الحيوان، دون ان يكون قد عرف نداء الواجب، بل دون ان يكون قد استجاب لداعي القيم، نلاحظ ان الانسان لا يموت دون ان يصدر حكما على حياته، بل دون ان يكون قد وضع وجوده كله موضع التساؤل : أتراه قد نجح في الوصول اليها ؟

وهكذا يموت الانسان راضيا عن نفسه او ساخطا عليها، مباركا لحياته او لاعنا لها.

وكأن (وجوده) نفسه (مهمة) فلا بد له وللاخرين من الحكم عليها وفقا لمعاييره الخاصة.

مقتبس من كتاب فلسفة مشكلة الحياة، د. زكريا ابراهيم – جامعة القاهرة

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here