الدكة العشائرية .. إرهاب يتحدى القانون بذريعة الحكم العشائري والأعراف

بغداد/ حسين حاتم

تفاقمت ظاهرة النزاعات العشائرية او ما يعرف بـ”الدكة العشائرية” منذ بداية أيلول الجاري بصورة غير مسبوقة لا سيما في العاصمة بغداد.
وتعرف “الدكة العشائرية” بأنها هجمات مسلحة على المنازل لإرغام الخصوم على الرضوخ للحكم العشائري، وتتم عبر عملية إطلاق نار بمختلف الأسلحة على بيوت الخصوم، وقد شاعت هذه العادة بصورة لافتة عقب الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003.

وأعلنت قيادة عمليات بغداد، امس الاول، القبض على ثلاثة متهمين بـ”الدكة العشائرية” شرقي العاصمة بغداد، وذكرت القيادة في بيان تلقته (المدى)، أن “القوات الأمنية في قيادة عمليات بغداد متمثلة بقوة من لواء المشاة (42) الفرقة الحادية عشرة وبتنسيق مع استخبارات وأمن عمليات بغداد، وتعاون المواطنين تمكنت من القبض على متهمين اثنين (بالدكة العشائرية) ومصادرة الأسلحة التي كانت بحوزتهما، في مدينة الصدر شرقي العاصمة”.

وأضافت، ان “قوة من اللواء الرابع شرطة اتحادية تمكنت من القبض على متهم (بالدكة العشائرية) في منطقة جسر ديالى جنوبي بغداد، حيث تمت إحالة المتهمين إلى الجهات المختصة لينالوا جزاءهم العادل”.

فيما أعلنت قيادة عمليات بغداد الخميس الماضي، القبض على ثلاثة متهمين بالدكة العشائرية قبل تنفيذ جريمتهم ضمن منطقة الشعلة في جانب الكرخ. وذكرت القيادة في بيان، انه “بعد ورود معلومات استخبارية عن وجود نية عدد من الأشخاص القيام بالدكة العشائرية على دار احد المواطنين في منطقة الشعلة اثر خلاف عشائري بينهم، شرعت القوات الأمنية في قيادة عمليات بغداد باجراء ممارسات امنية ونصب سيطرات مفاجئة في المنطقة نتج عنها اعتقال ثلاثة متهمين يستقلون عجلة نوع هونداي النترا” ضبطت بحوزتهم ثلاث بنادق كلاشنكوف”.

ولم يقتصر الامر على العاصمة بغداد فقط، إذ تشهد محافظات جنوبي العراق نزاعات عشائرية مسلحة بشكل مستمر، وفي أحيان كثيرة لا تستطيع السلطات التدخل لإيقافها. إذ اعلنت قيادة عمليات البصرة في وقت مبكر من يوم الخميس عن انهاء نزاع عشائري مسلح طاحن ادى لقطع طريق حي المعامل بناحية المصطفى التابعة لقضاء الدير، حيث مسار زوار الأربعينية إلى كربلاء.

بالمقابل، القت فرقة الرد السريع القبض على ثلاثة متهمين بالارهاب في محافظة ميسان لارتكابهم جريمة (الدكة العشائرية).

وذكر بيان لاعلام قيادة الفرقة، ان “فوج الاستطلاع والمهمات الخاصة التابع الى فرقة الرد السريع تمكن من القبض على ثلاثة مطلوبين للقضاء وفق احكام المادة ٢/٤ ارهاب (الدكة العشائرية) في محافظة ميسان، وتم تسليمهم الى جهة الطلب اصوليا”.

واكدت وزارة الداخلية في بيان سابق، أن النزاعات العشائرية، تعود لثلاثة أسباب، الأول هو السلاح المنفلت والذي تعمل الجهات الأمنية على حصره بيد الدولة.

ومن بين الأسباب الأخرى للنزاعات هو الاستحواذ على الأراضي الزراعية وتحويلها إلى نفطية، وكذلك انتشار تجارة المخدرات التي تدر أرباحاً خيالية تتسبب بنزاعات عشائرية بين أفراد العشيرة الواحدة، بحسب وزارة الداخلية. ويقول المتحدث باسم الوزارة خالد المحنا في حديث لـ(المدى)، إن “الدكة العشائرية باتت تعتبر من الظواهر السلبية التي يقتضي الوقوف عندها ومعالجتها بمختلف الوسائل”، لافتا الى ان وزارته “شخصت الدكة العشائرية بأنها تعد تهديداً للمجتمع؛ لما تسببه من هلع وخوف كبيرين في المناطق السكنية”.

ويضيف المحنا، أنه “تم وضع خطط بنحو يمكّن قوى الأمن الداخلي من مواجهة ومجابهة هذه التهديدات وفق مبدأ الأمن المستدام”، مشيرا الى “اتخاذ إجراءات في المناطق التي تشهد باستمرار هذه الأفعال لاسيما المناطق الشعبية”.

ويبين المتحدث باسم الداخلية، أن “تلك الإجراءات تم تصنيفها على أكثر من شق أهمها عملية نزع الأسلحة من هذه المناطق”. ويشير الى، أن “بعض عمليات الاعتقال يصل عدد الموقوفين فيها الى أكثر من 100 شخص، وهذا يدل على جدية في التعامل مع النزاعات العشائرية”. ويؤكد المحنا، أن “مجلس القضاء الأعلى وجه تعليماته إلى كافة المحاكم ووزارة الداخلية بأن يتم التعامل مع الدكة والنزاعات العشائرية وفق قانون مكافحة الإرهاب”.

وكان مجلس القضاء الأعلى قد اوضح في بيان أن “جرائم التهديد عبر الدكة العشائرية تعد صورة من صور التهديد الإرهابي وفق أحكام المادة 2 من قانون مكافحة الإرهاب في البلاد”، شارحاً آثار ذلك، ومانحاً قوات الأمن حق التحرك لاعتقال المتورطين في “الدكة” بحسب القانون.

ونوه المحنا، إلى أن “العديد من المنفذين للدكة العشائرية تمت إحالتهم الى المحاكم الجزائية المختصة، وتلقوا أحكاماً شديدة”، لافتا إلى أن “قوات الشرطة مستمرة في متابعة هذه الظواهر ولديها إجراءات حازمة وسريعة، وقد أسهمت في تقليص النزاعات العشائرية وبشكل كبير، وقد لمس المواطن ذلك التطور الواضح”.

ويتداول مدونون عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين فترة وأخرى مقاطع مصورة تظهر مسلحين بملابس مدنية حاملين مختلف الأسلحة وهم يمطرون بوابل من الرصاص للطرف الآخر كرسالة تهديد وتحذير.

من جهته، يقول المختص بالشأن الأمني وائل الركابي في حديث لـ(المدى)، إن “ظاهرة الدكة العشائرية تمثل إرهابا اجتماعيا لا يقل شأنا عن الإرهاب المعروف الذي هدفه زعزعة الامن كون الاثنين وجهان لعملة واحدة”، مشيرا الى ان “الظاهرة مرفوضة اجتماعيا وقانونيا ودينيا”. ويضيف الركابي، ان “ظاهرة ما يعرف بالدكة العشائرية لا تنسجم مع التعاليم الدينية ولا مع الأعراف الاجتماعية كونها تمثل إساءة وارباكا لعوائل وأطفال لا ذنب لهم بأطراف الخصومة”.

ويلفت المختص بالشأن الأمني، ان “الظاهرة تعد واحدة من العوامل التي تبين ضعف الدولة وفقدانها لهيبتها”، مبينا انه “رغم تجريم الظاهرة من قبل القضاء الا انها ماتزال مستمرة وبشكل غير طبيعي وهذا دليل على ضعف الجهات التنفيذية المتمثلة بالحكومة”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here