موقع بريطاني: شباب عراقيون يشككون بالعودة المقترحة للخدمة الإلزامية

ترجمة / حامد أحمد

خدمة العلم هو مقترح شائع تسمعه في معظم ارجاء العالم عندما يخشى أبناء الوطن، خصوصا كبار السن منهم، على شباب البلد من الضياع وفشلهم في اظهار اعتزازهم بوطنهم، فيدعون الى انخراطهم بالخدمة العسكرية الإلزامية.

العراق هو آخر بلد بدأت تتردد فيه هذه الدعوات منذ الغائها في العام 2003 بعد سقوط نظام صدام حسين، حيث صادق رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي مؤخرا على مشروع مسودة قانون يعيد خدمة التجنيد للبلد.

وفقا للقانون الجديد، فان الشباب ما بين عمر 18 الى 35 عاما سيكونون ملزمين للالتحاق بالخدمة لمدة تكون متفاوتة بين شخص وآخر اعتمادا على التحصيل الدراسي.

الإعلان عن القانون الجديد بتاريخ 31 آب من قبل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، كان قد اثار بعض الانتقادات وردود الأفعال بالعودة الى عسكرة الشباب، في حين اعتبره آخرون مجرد محاولة أخرى لصرف انظار الناس عن مشاكل أوسع تعتري البلاد وهي مقدمة على موعد انتخابات في 10 تشرين الأول المقبل.

يوسف البديري 29 عاما، شاب من اهل البصرة، قال لموقع مدل ايست آي الاخباري “اذا تريد الحكومة تعزيز ارتباط الشباب ببلدهم، فعليها ان تساعدهم بفرص عمل وحمايتهم واعطائهم حقوقهم القانونية وليس بإرسالهم الى معسكر الجيش”.

وقال البديري انه الشخص الوحيد من بين عائلته الذي لديه عمل حاليا وان قضاء فترة في الخدمة العسكرية سيكون امرا صعبا بالنسبة لعائلته في توفير مورد العيش. مردفا بقوله “انه امر غير منطقي ان تقول الحكومة في مرة بان ميزانيتها السنوية لا تكفي لزيادة تعيين الشباب، بينما تقول في مناسبة أخرى بان الخدمة العسكرية ستحل ازمة البطالة. هذا شيء لا يمكن تصديقه”.

وأضاف البديري قائلا “انه من غير الانصاف ان تقوم عوائل غنية بدفع مبلغ بدل الخدمة الإلزامية لأبنائها في حين لا يوجد خيار للناس الفقراء، مثل وضعيتي، سوى ان يضطر للالتحاق بالخدمة”.

عقب الغزو الأميركي للعراق عام 2003، أصدر حاكم السلطة الانتقالية في البلد، بول بريمر، مرسوما بحل الجيش العراقي فاتحا الباب أمام التجنيد الطوعي بصفوف الجيش.

وبعد المصادقة على قانون التجنيد الجديد من قبل الكاظمي فانه سيتوجب ارساله للبرلمان لمناقشته والمصادقة عليه وتمريره.

بإعلانه للقانون بتاريخ 31 آب على موقع تويتر، قال الكاظمي انه يهدف الى “تعزيز القيم الوطنية بين شبابنا”.

ووعد الكاظمي أيضا المضي قدما بتأسيس “صندوق الأجيال المقبلة” لتنويع مصادر دخل البلاد وتأمين مستقبل العراق بعيدا عن الاعتماد على النفط فقط.

منذ ان تسلم السلطة في أيار 2020، حاول الكاظمي تهدئة شباب عراقيين خرجوا بالآلاف الى الشوارع للاحتجاج على انتشار البطالة والفساد وانعدام الخدمات.

جزء من التوجه لإرجاع قانون الخدمة الإلزامية نابع من محاولة لتعزيز قوة الجيش الوطني العراقي وخلق شعور بالخدمة الوطنية، ولكن كثيرا من الشباب يخشى انه مجرد محاولة لضبطهم.

احمد علي 23 عاما من سكان البصرة يقول “الغرض من الخدمة الإلزامية ما يزال غامضا، لماذا علينا ان ندخل الخدمة العسكرية في وقت تحوي فيه البلاد أكثر من 300,000 جندي؟”

وأضاف قائلا “أرى ان افضل طريقة لبناء ثقة الشباب العراقيين هي ليست بإرسالهم الى معسكرات الجيش بل في إيجاد فرص عمل لهم، ولتحقيق ذلك، يتوجب على الحكومة إعادة فتح المصانع التي تم تدميرها وما تزال خارج الخدمة. تمرير القانون سيعني ادخالنا مرة أخرى لعهد دكتاتورية صدام حسين وحتى اسوأ من ذلك”.

وتساءل علي بقوله “العراق غارق بالديون وفاشل اقتصاديا في كل مجال، اذا لماذا تلقي الحكومة على نفسها حملا ثقيلا عبر تنفيذ هذا القانون في وقت تستطيع تأجيله لحين تمكن البلد من الوقوف على قدميه؟”.

واستنادا الى عضو لجنة الامن والدفاع في البرلمان، بدر الزيادي، فان التصويت على القانون لن يحصل لحد ما بعد انتخابات 10 تشرين الأول لغرض فسح مجال للجنة بمراجعته.

وقال الزيادي في تصريح لموقع مدل ايست آي “الشباب من حملة الشهادة الإعدادية سيخدمون لمدة سنة واحدة، اما حملة الشهادة المتوسطة ودون ذلك سيخدمون لمدة سنتين، في حين حملة شهادة البكالوريوس سيخدمون ستة اشهر، وثلاثة اشهر بالنسبة لحملة شهادة الماجستير والدكتوراه”.

مع ذلك فان الزيادي كان منتقدا لبعض جوانب القانون خصوصا الفقرة التي تسمح بالاستثناء من الخدمة للذين يدفعون رسوم بدل، مشيرا الى ان الخدمة الإلزامية مهمة لغرس جانب الولاء والرجولة والنظام، التي يعتقد بان الشباب غالبا ما يفتقرون اليها.

واردف الزيادي قائلا “هذا القانون مهم جدا عندما تغلب هناك صفات التخنث على بعض الشباب، وكذلك مهم بالنسبة لآخرين ادمنوا على قضاء وقتهم على الانترنيت والعاب الفيديو. عليهم ان يلتحقوا بالجيش لفترة لكي يتعلموا الصبر وكيفية التعامل مع الظروف الصعبة”.

احمد محمد 41 عاما، خدم سابقا في الجيش بالتحاقه بالخدمة الالزامية قال ان الالتحاق بالخدمة العسكرية كانت خطوة جيدة لتعزيز القدرات لدى الشباب وتعلمهم لمهن مستقبلية وكذلك تعزيز روابطهم بوطنهم. واكد بقوله “ستعلم الشباب قيم الرجولة والانضباط والاذعان واطاعة الأوامر فضلا عن صياغة علاقات اجتماعية حقيقية. وكذلك تعزز الخدمة بناء المؤسسة العسكرية على أسس وطنية وليست أسس طائفية او ولاءات حزبية سياسية”.

وأضاف محمد قائلا “الخدمة في الجيش لها عدة جوانب إيجابية، أحدها هو انها علمتني كمهندس كيف امارس مهنتي. كذلك تفسح الخدمة العسكرية لك المجال للتعرف على أناس وأصدقاء آخرين من مختلف المحافظات، انا من البصرة وكانت وحدتي العسكرية في محافظة الانبار، فانك تلتقي بأشخاص من أماكن وخلفيات ثقافية وبيئية مختلفة”.

عن مدل ايست آي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here