العراقُ ، مالئ الدنيا وشاغل الناس

العراقُ ، مالئ الدنيا وشاغل الناس

عباس الصباغ

كانت زيارة قداسة البابا فرانسيس التاريخية الى العراق فاتحة خير لزيارات مهمة اخرى ولرد الاعتبار للعراق العريق ، فمن خلال متابعاتي الشخصية والمهنية لمجريات قمة بغداد (التعاون والشراكة) التي عُقدت مؤخرا بالاشتراك مع دول جوار العراق زائدا فرنسا اللاعب الدولي المهم ،كنت اترنّم برائية العلامة مصطفى جمال الدين :

بغداد ما اشتبكت عليكِ الاعصرُ

إلا ذوت ووريق عمرك أخضرُ

ولاشتباك الاعصر على بغداد قلب الشرق الاوسط النابض ، بغداد التي كانت تئّن قبل سنين مضت من ضراوة ووحشية العمليات الارهابية لتنظيم القاعدة القروسطي المتوحش الذي احال بغداد الى ارض محروقة واستهدف الحرث والنسل، وسرعان ما انبثق داعش الاكثر توحشّا وبربرية من رحم تنظيم القاعدة والذي استحلّ حوال ثلث مساحة العراق وتسبّب في استشهاد وتهجير الالاف من المواطنين فضلا عن ارتكابه جرائم خطيرة ضد الانسانية كالتي اقترفها ضد المكون الايزيدي وتدميره للبنى التحتية والشواخص المعمارية والحضرية ، لكن العراقيين بفضل تماسكهم وتلاحمهم الوطني تمكنوا من طرد هذا التنظيم وتطهير البلاد من رجسه المستطير.

كثيرة هي الايام الصعبة التي اشتبكت على بغداد من جميع النواحي والكثير من النوازل التي المّت بها خرج منها العراق كالعنقاء من الرماد وسرعان ما استعاد نشاطه والقه وديناميكيته عابرا بكل ثقة المطبات الكثيرة والعصيّ الغليظة التي وضعت في طريق تقدّمه الحضاري التي بدئت من فجر التاريخ ، وقد آن الاوان ليلتقط العراق انفاسه ويضع نفسه على السكة الصحيحة كمرتكز ومحور وبؤرة اهتمام اقليمي وعالمي استراتيجي ، فالعراق هو راس المؤشر العالمي في بوصلة الاهتمام ليكون مالئ الدنيا وشاغل الناس ولابد من ان يأخذ دوره واستحقاقه التاريخي في فضائه الحيوي والجيبولوتيكي ، والذي يليق بمكانته الجيوسياسية التي طالما أُبِعد عنها .

فجاءت قمة بغداد الناجحة بكل المقاييس الدولتية والحكوماتية لتقوم بهذا المسعى الذي هو استحقاق عراقي تاريخي ولتهيئة الظروف لعراق آمن ومستقرّ والذي سيكون مرتكزا لاستقرار المنطقة والعالم ككل .

الآمال التي عُقدت على هذه القمة كبيرة فمن المؤمّل ان يدخل العراق الى بوابة اعادة الاعمار من خلال دخول شركات رصينة ورؤوس اموال عظيمة وينفتح باب الاستثمار الخارجي انفتاحا حقيقيا مع تهيئة الارضية القانونية لذلك ، فلا إعمار بدون استثمار ، وهذا سيؤدي إلى توسيع تعاون تجاري مع الجميع وبالتالي سيكون ممراً جيداً وآمناً لعلاقات تجارية مع كل دول العالم ، ولايخفى عن الجميع ان مصلحة العراق العليا تقتضي اقامة طاولة حوار إقليمية ودولية هدفها تصفير مشاكل المنطقة المستعصية وبداية مرحلة جديدة للحوار الهادئ والعقلاني مع الجميع انطلاقا من بغداد .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here