نموذج للمرأة القيادية في وزارة خدمية

نموذج للمرأة القيادية في وزارة خدمية

بقلم: عباس عبدالهادي الجنابي

منذ 2003 ولغاية اليوم، لم تحصل المرأة العراقية على استحقاقها الحقيقي في إدارة الدولة، والنساء القليلات اللواتي وصلن الى قبة البرلمان أو تسلمن مناصب حكومية غالبيتهن تم المجيء بهن كفضل أو منّة من قبل الكتل السياسية، أي لم يتم المجيء بهن من أجل الاستفادة من خبراتهن في بناء الدولة .

ومن خلال التقييم العام للمرأة السياسية العراقية، نجد أن أكثر من نصفهن يتمتعن بقدرة على صناعة القرار والمشاركة الحقيقية في إدارة الدولة، ولكن.. هل شاءت الأقدار أن نحصل على امرأة قيادية في عراق ما بعد 2003 ؟

وعندما نختار شخصية قيادية للحديث عنها يجب أن لاننبهر سريعاً ولا نجامل على حساب الحق، فالحيادية مهمة في هذا الشأن، فبعد احتجاجات تشرين واستقالة حكومة عادل عبدالمهدي تحت ضغط الشعب ومجيء حكومة مصطفى الكاظمي، برزت ايفان فائق جابرو (وزيرة الهجرة والمهجرين) كشخصية ذات كاريزما مميزة، ومَن يتابع نشاطاتها على صفحتها في الفيسبوك او على صفحة الوزارة يجد أنها تعمل بشكل دؤوب، تتجول بين المخيمات بلا توقف، تنتقل من محافظة الى اخرى في نفس اليوم، تختلط بالنازحين والناس الفقراء وتستمع الى همومهم وتحل مشاكلهم، ونشاطها هذا ليس دعاية انتخابية، فهذا العمل دأبتْ على القيام به منذ اليوم الأول لاستلامها الوزارة، أي منذ مدة طويلة، بخلاف الكثير من المسؤولين والسياسيين الذين لايتذكرون معاناة الناس إلا قبيل الانتخابات بمدة قصيرة.

هذه السيدة يجب أن لاتكون مكرسة فقط للجانب الخدمي، بل يجب الاستفادة منها في مواقع قيادية اخرى رغم نجاحها في الجانب الخدمي والإنساني، نعم هي كانت بشكل شبه يومي مغطاة بتراب المخيمات من رأسها الى قدمها، تتجول تحت أشعة الشمس اللاهبة أو تحت المطر وكأنها خائفة من أن يصرخ أحد النازحين (لقد أهملتنا هذه الوزيرة) ، فالمسؤول الحكومي يجب أن يكون في خوف دائم من المواطن، هذا هو الصحيح، لأن المسؤول – مهما كان منصبه – هو في حقيقته موظف يعمل في خدمة المواطن.. ولكن هل أن الوزارات الخدمية أو ذات العمل الانساني هي المكان المناسب حصراً لإيفان فائق؟ لماذا لا تتولى مناصب تتيح لها أن تكون واجهة العراق في المرحلة المقبلة؟! أو تكون صاحبة القرار في هذا البلد الذي يتعدد فيه صناع القرار؟ بمعنى أدقّ: لماذا لانستثمر هذه السيدة بالطريقة التي تخدم المصلحة الوطنية؟

ايفان فائق جابرو امرأة قيادية، تتمتع اليوم بشعبية كبيرة بين جميع أطياف الشعب، والكل يعلم مدى حاجة العراق الى سيدة قيادية ذات شخصية قوية (قوة حقيقية وليست مصطنعة) ، تتمتع بثقة كبيرة بنفسها ولا تجامل أحداً على حساب الحق، نحن بحاجة الى هكذا شخصيات لقيادة البلد وتمثيله في المحافل الدولية، والأمر ليس حكراً في يد الأحزاب السياسية، بل في يد الشارع العراقي الذي بإمكانه أن يدعمها ويضغط باتجاه الاستفادة من هذه الشخصية القيادية في المراكز المهمة .

لطالما قلنا سابقا، اعطونا حاكماً عادلاً حتى لو كان مسيحيا او صابئيا او سنياً او شيعياً، لا تهمنا ديانة الشخص بقدر ما تهمنا عدالته ونزاهته وكفاءته وإخلاصه لشعبه دون ان ينحاز الى مكون معين، والسيدة التي نتكلم عنها اليوم خدمت السنة في مخيمات النزوح، كما خدمت الشيعة والمسيحيين والأيزيديين والصابئة والكرد والتركمان، لم تكن منحازة الى أية جهة، وبصراحة، هذه الصفة لطالما احتجنا الى وجودها لدى الكثير من المسؤولين.

وما بين سيناريو تقاسم المناصب الذي قد يتكرر مجدداً بين الكتل الكبيرة، نأمل ان تحظى هذه الأخت الكلدانية العراقية الأصيلة بمنصب يتناسب مع قدراتها .

عباس عبدالهادي الجنابي

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here