ألفساد وراثة الأنظمة الشمولية

ألفساد وراثة الأنظمة الشمولية

كان الفساد و على الدوام مناهضآ للوطنية فلا يمكن للوطني الصادق ان يكون فاسدآ حيث ان اموال و ممتلكات الدولة هي ملك جميع ابناء الشعب و لا يمكن و تحت أي مسمى كان وضع اليد و الأستحواذ على تلك الأموال و الممتلكات بطريقة غير شرعية بالسرقة و الأستيلاء الا لاؤلئك الذين لا ينتمون و لا يرتبطون بالوطن و الوطنية بأي شكل من اشكال الولاء او الأنتماء الى الوطن المنهوب و الذين سرقوا ثروات الشعب و امواله و املاكه هم مجموعة من اللصوص و الحثالة الذين لا تهمهم و لا تعنيهم مصالح الشعب و الوطن بقدر ما تهمهم مصالحهم و غاياتهم الشخصية الضيقة و بأي وسيلة مهما كانت دناءتها في تحقيق تلك المطامع و الأهداف غير الشريفة و غير المشروعة .

ارتبط الفساد بالأنظمة الشمولية و ما تلاها فحين انهارت منظومة الدول الأشتراكية نهاية الثمانينيات و هي دول ذات أنظمة شمولية تحكمها احزاب تنفرد بالحكم و ان كان البعض من تلك الأنظمة ( يزوق ) بعدد من الأحزاب المصطنعة التي تدور في فلك الحزب الحاكم كدليل على ( الديمقراطية و التعددية الحزبية ) المزيفة و منذ انتهاء و انهيار تلك الأنظمة الشمولية في اوربا الشرقية و رغم كل المحاولات و الضغوطات الدولية في التقليل من الفساد و الرشى الا انها لم تتمكن من القضاء نهائيآ على الفساد و الفاسدين رغم كل تلك السنين التي اعقبت نهاية الحقبة السوفيتية و انهيار أنظمتها الدكتاتورية .

كان النظام العراقي السابق يصنف ضمن الأنظمة الشمولية الأستبدادية ذات الحزب الواحد و الزعيم الأوحد حينها اختزلت الدولة بمؤسساتها و اختزل الشعب بمكوناته في الحزب و من ثم تصغر الحلقة اكثر فأكثر ليكون ( القائد ) هو الذي ينصهر في ( بوتقته ) الجميع دون استثناء ( اذا قال صدام قال العراق ) حتى صارت الدولة و الشعب و حتى الحزب الذي سوف يصبح هو الآخر جهاز مخابراتي أمني يمارس التنكيل و التعذيب و أنتزاع الأعترافات بالقوة و تتحول البلاد الى سجن كبير و مرعب يفقد الناس في ذلك المعتقل الكبير ارواحهم و انسانيتهم و يصبحوا عبيدآ ليس عند الدولة و ليس عند الحزب ( الحاكم ) انما للقائد الذي صار يملك البلاد بما عليها من بناء و حيوانات و بشر .

ألأنظمة الشمولية متشابهة و تتقاسم الكثير من الصفات على الرغم من الفروق في درجة الأجرام و الوحشية و التي قد تختلف من نظام استبدادي الى آخر نظرآ لطبيعة المكان و الجغرافيا فقد تكون أنظمة دول اوربا الشرقية القريبة من الديمقراطيات الأوربية العريقة أقل عنفآ و شراسة من ألأنظمة الشبيه في البلدان الآسيوية او الأفرقية او الأمريكية اللأتينية الا ان الصفة المشتركة و المتلازمة لهذه ألأنظمة هو الفساد و سرقة اموال الدولة المنقولة و غير المنقولة و الرشاوي و الأتاوات المنتشرة في دوائر الدولة و مؤسساتها .

عندما أختزل ( الحاكم الدكتاتوري ) الدولة و الشعب و حتى ( الحزب ) في شخصه و جعل الولاء بدلآ من ان يكون للوطن و الشعب صار الولاء للحاكم و قد انتزعت الوطنية من افراد الشعب و لم تعد تعني الأنتماء للوطن بقدر ما تعني الطاعة العمياء للحاكم المستبد و ما ان يفقد الحاكم منصبه في انقلاب عسكري او احتلال أجنبي و غير ذلك يكون المواطن الذي فقد الأنتماء للوطن و كذلك الأنتماء ( للزعيم ) الذي سقط و أنتهى حكمه و كان الشعور العام عند ( المواطنين ) هو الأغتراب في الوطن و كانت مشاهد السلب و النهب التي اعقبت سقوط ( صدام حسين ) و انهيار حكمه و كأن السراق و اللصوص يسطون على غنائم و ممتلكات بلدآ آخر محتل و هم كانوا حقيقة يسرقون انفسهم لكن النظام الدكتاتوري الأستبدادي جعلهم يعتقدون ان كل الدولة وشعبها و ممتلكاتها هي ملك صرف للحاكم و ليس للشعب و من أكبر جرائم الأنظمة الفردية هي في تفوق الولاء الى ( الزعيم ) على الولاء للوطن حتى اصبح الدفاع عن الوطن هو دفاع عن ( الزعيم ) في معادلة لا يستطيع الفكاك منها فكان فقدان الهوية الوطنية أشبه بفقدان الروح .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here