هرول خلف بناة المستقبل وصناع الحياة ودع عنك مدمني بناء النُصِب والتماثيل والمولات!

هرول خلف بناة المستقبل وصناع الحياة ودع عنك مدمني بناء النُصِب والتماثيل والمولات!

احمد الحاج

لاشك أن النصب والتماثيل والمولات والمتنزهات والمطاعم والكافيتريات والمجسرات والجزرات وحدها لاتبني وطنا ولاتنهض بشعب ولا بأمة قط وان كانت من مظاهر الرفاهية الزائفة المخادعة،واذا ما كنت وطنيا مخلصا تأمل جادا ومن خلال الانتخابات-على حد وصفك وقناعتك وادعائك -أن تصلح أحوالك وتغير من واقعك وواقع بلدك وشعبك المظلوم الذي يعيش بكل فئاته وشرائحه البؤس بأجلى صوره وهو يمشي على أرض من الذهب، فعليك أن لاتنخدع بالنافورات والمولات والمتنزهات والمجسرات والمدن المائية ومدن الألعاب والنشرات الضوئية والاشجارالصناعية والفنادق والمنتجعات والجداريات، ولا بنصب بشع هنا ،ولابتمثال – يخرب من الضحك -هناك،ظنا منك بأنها من طلائع ومقدمات الرخاء والرقي والتقدم والازدهار، فهذه كلها انما هي تحصيل حاصل فيما بعد ونتائج للتقدم والرخاء والاعمار وبمثابة افرازات لها بعد ان يتحول الازدهار الى واقع معاش تتنفس كل الجماهير عبقه وتتنسم اريجه، وكلها بمجملها عبارة عن ملهاة وتسلية ثدي ومنافذ للتنفيس وبوابات -للتقفيص -وهي ليست وفي اي حال من الاحوال ركائز ولامقدمات للنهضة الواعدة أو خط شروع جدي لها في بلد دمرته الحروب المتلاحقة ومزقته الكوارث المتعاقبة واتت على كل بناه التحتية من القواعد بتاتا (بخلاف ذلك فنحن ننهض ونبرمج اعادة الاعمار بالمقلوب ونضع الحصان خلف العربة وليس امامها ونحشر بهذا الصنيع الاحمق كل العصي في دواليبها ،ربما لخداع العقول والحصول على الاصابع البنفسجية في الانتخابات المحلية والبرلمانية ولكسب قلوب المضحوك على ذقونهم ببريق نهضة كارتونية ورقية وهمية هزيلة تخطف أبصارهم وتخلب ألبابهم فيما لاتقدم لهم شيئا نافعا يذكر ..اذ ماذا يعني ان تبني العشرات من مدن الالعاب واماكن اللهو والسهر تريد ان تخدع الناس بنهضة عمرانية مزيفة بينما مدارسك سدسها طينية ، خمسها كرفانية من تبرعات المنظمات الانسانية ، ثلثها رباعية أو ثلاثية بوجود 7 ملايين امي امية ابجدية ؟ بماذا نفسر أن تبني مولا ،فندقا ،متنزها عاما ،مطعما راقيا بالمليارات على انها بدايات النهوض لتخدع جماهيرك ببهرجتها وزينتها واضوائها وعلى بعد امتار قليلة من المول والمتنزه والفندق المضاء،مصانع معطلة مظلمة مهجورة ينعق في خرائبها البوم ، وينعب على اطلالها الغراب ،مصانع انتاجية وطنية ضخمة ذات تأريخ ناصع وسمعة طيبة تلبي احتياجات المواطنين وتغطي حاجة السوق المحلية وتوفر العملة الصعبة وتشغل الاف الايدي العاملة وتقضي على البطالة واذا بها كلها قيد التجميد ، أو التأجيل ، أو النهب ، او الاهمال …اي هراء هذا ياقوم واية نهضة -فالصو – تلك التي يخدعونكم بها وبالمليارات ؟! ) ، هذه كلها داخلة في لعبة تدوير الاموال بين الاغنياء منكم من دون المسحوقين والكادحين والفقراء ،وبعضها لغسيل الاموال القذرة ايضا ، وكلها صور حية تؤسس للفجوات الطبقية واتساع الهوة السحيقة بين الاغنياء والفقراء ، واختفاء الطبقة المتوسطة بالتدريج ، وابتلاعها عبر ثقب انتهازي وبرجوازي واقطاعي وإقصائي وحزبي وفئوي نتن اسود ، جلها مشاريع كالخشب المرفع يضر ولاينفع وجميعها تشكل جزءا لايتجزأ من البزنس والاستثمارات والعقود والفساد المالي والاداري والسياسي والعشائري وصورة من صور الرأسمالية البشعة وهي بالنسبة لمستقبل العراق وشعبه مجرد كماليات لاتسمن ولاتغني من جوع أشبه ما يكون بهاتف ايفون 12 بيد كهل ، أمي ، فقير ، مستأجر ، غارق في الديون ، صاحب علل وعيال ، عاطل عن العمل كليا = مكدي وعليجته قديفة ، بمعنى – هواء في شبك – فهذه المشاريع الترفيهية والتخديرية لشعب مسحوق عن بكرة ابيه يعاني من الغلاء والوباء والبلاء ما لا اذن سمعت ولاعين رأيت ، مشاريع هزلية لن تؤمن لك ولا لعيالك بمجملها مسقبلا ، لن تبني لك دارا ، لن تعمر لك وطنا ، لن تقوي لك دولة ،لن ترفع لبلدك اسما ، لن تعلي لك راية ، انها لن تعيد لك نازحا ، لن تأوي لك مشردا ، لن تكفل لك يتيما، لن تطعم لك جائعا ، لن تكشف للمفقودين ولا للمغيبن ولا للمختفين قسريا مصيرا ، لن تحقق لك أمنا ” أمن اقتصادي ، أمن صحي ، أمن صناعي ، أمن زراعي ، أمن مجتمعي …الخ ” .
ركز على تأهيل وبناء المصانع الوطنية لأن الدول القوية انما تحلق عاليا بصناعاتها الوطنية لتفاخر وتنافس بها وبفوة ، لضمان الاكتفاء الذاتي وتقوية الاقتصاد المحلي وتشغيل العاطلين وتحجيم البطالة – والبطالة هي أم الجرائم – وللحفاظ على خزين العملة الصعبة وتقوية العملة الوطنية واعلاء قامتها ورفع قيمتها فضلا عن زيادات الصادرات على حساب الواردات .
ركز على احياء الارض والاستصلاح الزراعي وبناء السدود وحفر الابار والقنوات وانشاء البحيرات والاحواض الصناعية وتأهيل البساتين والمزارع والنهوض بالثروة الحيوانية في كافة المجالات وعلى مختلف المستويات ، على حل مشكلة نقص المياه مع تركيا وايران ، على توطين الفلاحين والمزارعين في اراضيهم وايقاف الهجرة العكسية من الارياف الى المدن لأن الزراعة معين لاينضب لضمان الأمن الغذائي والامن الوطني ” أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ” ، واية دولة في العالم لازراعة ولا صناعة ولاتجارة ولا ثروة حيوانية حقيقية ومزدهرة وممنهجة فيها ، فلاخير ولا أمن ولا آمان فيها وهذه ستعيش طوال حياتها عالة على من سواها ، ستأكل مما لاتزرع ، ستلبس مما لاتصنع ، ستستورد وتستورد وتستورد ولن تغطي حاجتها الفعلية ولن تشبع ، ستستدين وتقترض ربويا و لن تقنع ، ستطأطيء رأسها وتنزل رايتها ولن ترفع ، ستهان وتركل وتستباح وتحتل ولن تحمي ارضها ولاعرضها ولا نفسها ولا كرامتها ولادينها ولكل غاز أجنبي ستخضع صاغرة ذليلة وتركع ، امة لن تقف بوجه الصائلين ايا كانت خلفياتهم وعناوينهم ولن تدافع عن شرفها وعن حياضها فلن تدفع : ” وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ” .
ركز على استحداث منظومة نقل معتبرة على مختلف الصعد ، على القطارات الحديثة ومترو الانفاق وخطوط السكك الحديد ، على الموانئ والمرافئ العملاقة ، على الانفاق والطرق والخطوط السريعة والجسور والمطارات .
ركز على تنويع مصادر الدخل وبناء المستشفيات والمدارس الانموذجية والمطابع الحديثة والمكتبات المركزية والملاعب الرياضية والمعاهد والكليات والجامعات الاهلية منها والحكومية ، ركز على بناء وتأهيل البنى التحتية وتوفير وسائل ومصادر الطاقة المختلفة وتوفير المياه والخدمات .
ركز على النهضة العمرانية المبرمجة الحقيقية الشاملة ،ركز على اولئك الذين يسعون مثابرين وجادين للحفاظ على المعالم الفلكلورية والتراثية والسياحية والاثارية من عبث العابثين وكيد الكائدين ، ركز على الاستثمار الوطني الامثل البعيد كل البعد عن الشركات الاحتكارية الاجنبية الاستدمارية للمعادن والخيرات والثروات ، اما عن المولات والكافيتريات والجزرات الوسطية والنشرات الضوئية والفنادق والمطاعم والمجسرات فهذه كلها مجرد مكملات ترفية وترفيهية لاقيمة نهضوية فاعلة وحقيقية لها البتة -وبعضها غسيل اموال قذرة – من دون ان تسبقها ثورة عمرانية حقيقية ، نهضة صناعية كبرى،وثبة زراعية هائلة ، قفزة اقتصادية وتجارية وصحية وتعليمية وخدمية وعلمية وتربوية وعسكرية رصينة تخلب الالباب وتثير الاعجاب لتعود بالعراق رقما صعبا بين الامم والشعوب ،بين الاعداء والاصدقاء ،بين الاغراب والاحباب !
ولايفوتني ان انوه الى ان أسهل الطرق لتسقيط مدعي الاصلاح وايقاعهم في الحفرة والشَرك هي بتسهيل صعودهم فالى ماقبل عام 2000 كان منع مدعي الاصلاح والتغيير من الوصول الى الحكم بأية وسيلة كانت هو الاسلوب الرائج والتكتيك الناجع للحكومات الخفية والدويلات العميقة ولكن وبعد هذا التأريخ تغير التكتيك وصار”اذا اردت ان تسقط مدعي اصلاح ونويت اهانته بنظر اتباعه علاوة على معارضيه فأوصله بنفسك الى الحكم وبارك له وسهل له عملية الوصول والجلوس على الكرسي ، ساعتها ستكتشف الجماهير فضلا عن مدعي الاصلاح نفسه بأن الجعجعة والتغريد المتواصل بالاصلاح للدعاية والنشر وتأليب الشارع وكسب قلوب الجماهير المسحوقة عاطفيا ولسانيا شيء ، والحكم بالاصلاح واقعيا وفعليا وسط كم لايحصى من المخاطر والتحديات شيء آخر تماما لاسيما حين يسهم بصعودك الفاسدون انفسهم …ولزيادة التنكيل يتم تأجيل كل المشاريع التطبيعية والاستخذائية والاستسلامية والانبطاحية والاحتكارية واللا اخلاقية لحين وصول المصلح المزعوم الى الحكم لختمها بنفسه وتوقيعها بقلمه ، وتبريرها بلسانه ، والدفاع عنها بإعلامه ، ليكون السقوط مدويا ومخزيا ومذلا ولاقيام من بعده ابدا ….!
الخلاصة ،والنصيحة ان ” الصعود الذي يعبد طريقه الانتهازيون والاقطاعيون والفاسدون والمنحطون امام المصلحين على حين غرة ويفرشون على رصيفيه الورود ،ويمدون على طول شارعه السجاد الاحمر أمامهم …هو صعود مشبوه غايته تشويه الصورة وتسهيل عملية التسقيط النهائي المذل والى لا رجعة في ما بعد ، لا لتمكين الاصلاح ولا لنصرته ولا لتفعيله وما حن ثعلب على دجاحة ، ولا ذئب على خروف، لا ورب الكعبة “.اودعاكم اغاتي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here