التوابين من ايران لم ولن تقبل توبتهم

د. سلمان لطيف الياسري

التوابون’ في اللغة هم الذين فعلوا فاساءوا، وبعد ان اعترفوا وندموا عزموا على عدم العودة الى فعل الخطيئة. اما ‘التوابون’ كمصطلح سياسي فقد ظهر اثناء الحرب العراقية الايرانية في ثمانينيات القرن المنصرم، ولم يكن احد من العراقيين يعرف معناه او مغزاه السياسي. انه من اختراع جهاز المخابرات الايرانية (اطلاعات) التي قامت بانشاء شبكة واسعة من الورش الفكرية، التي تركز عملها على بلورة آليات ووسائل للتأثير النفسي على الاسرى العراقيين انذاك.

وقد انحصر اهتمامها في سبل تحريض الاسرى على التشكيك في تاريخ بلادهم، والسخرية من مثلهم العليا والشخصيات الدينية والتاريخية وقادتهم السياسيين والعسكريين، من خلال تسليط حزمة واسعة من المعلومات المضللة والمزورة التي يرافقها التهديد بالرعب وقسوة التعذيب، لخلق واقع جديد في نفوسهم يهوي بهم الى تسليم مقاليد وعيهم الى الجهات الملقنة، او الشخص القائم بعملية التلقين، الى الحد الذي يفقد الاسير حتى الرغبة في التواصل مع اهله عبر رسائل الصليب الاحمر، خاصة عندما يجري اجباره على الزواج من فتاة ايرانية والانجاب منها وتكوين عائلة.

كانت عمليات غسيل الادمغة للاسرى العراقيين قائمة على اساس ان الدفاع عن العراق جريمة، وان دولة ام القرى’ايران’ هي الاولى بالدفاع عنها باعتبارها الاطار الاسلامي الاوسع من الهويات الاخرى والانتماءات القطرية، لذلك تم تشكيل ألوية عسكرية من هؤلاء كانت تقاتل بشراسة ضد الجيش العراقي، الذي هو جيش بلدهم. وعندما حدث الغزو دخلت هذه الالوية عبر الحدود الى العراق، وكانت تؤمن ظهير القوات الغازية الصاعدة الى بغداد، وتبسط سيطرتها على كل القرى والمدن والمحافظات، من البصرة الى حدود بغداد الجنوبية مع محافظة واسط. وعندما اصبح الاحتلال واقعا وبدأت عملية التأسيس لحكم جديد، احتل ‘التوابون’ غالبية المؤسسات المهمة وتسنموا المناصب الاولى فيها، كي تبدأ عملية جديدة هدفها تتويب الشعب العراقي باجمعه من شماله حتى جنوبه ومن شرقه حتى غربه، باموال الدولة العراقية وبسلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، لذلك لم يكن غريبا ان تُشرع قوانين وتُسن قرارات تُقصي الملايين من شعبنا، وتُشن حملة تطهير واسعة بالكاتم وغيره كي يتم القضاء على كل من لا يصلح لاعلان التوبة، حتى اعضاء البرلمان الذين وصلوا اليه عبر المحاصصة الطائفية لم تشفع لهم بالاستثناء من اعلان التوبة. أتذكرون كيف وقف اثنان من ابرز زعماء القائمة العراقية امام التوابين تحت قبة البرلمان العراقي فاعلنوا ندمهم وتوبتهم، كي ترفع عنهم قرارات الاجتثاث ليمارسوا عملهم نوابا في البرلمان في بداية الدورة الحالية؟ واذا كان البرلمان بمحدودية اعضائه لازال حتى اللحظة تخضع ترشيحاته لسلطة التوابين، فما قولكم بالمئات من المنظمات الواجهية للتوابين التي تمارس عملها تحت تسمية منظمات انسانية وثقافية ودينية وحقوقية وتربوية واجتماعية؟ انهم يمارسون الى جانب التتويب عملية منظمة هدفها اقتلاع العراقيين من جذورهم، كي تسهل عملية قيادتهم ثم وضعهم دواليب في ماكنة اقليمية تسير على طريق الحرير الطائفي، الرابط بين طهران والضاحية الجنوبية لبيروت. انظروا الى حرب الانبار المستعرة منذ ثلاثة اشهر وتمعّنوا في اسبابها ونتائجها حتى اللحظة، هل تجدون فيها اي مصلحة وطنية تجعلنا نقبل التبريرات الحكومية التي بها شنوا الحرب؟ اي مصلحة وطنية يمكن ان تتحقق تحت قصف الطائرات والمدفعية وراجمات الصواريخ؟ اي هدف انساني شُنت به هذه الحرب وقد تجاوز عدد المُهجرين ثلاثة ارباع المليون مواطن؟ لماذا استعيض عن تقديم الخدمات والبناء والاعمار وتشغيل العاطلين، بصرف ملايين الدولارات يوميا على الآلة الحربية كي تهدم وتدمر كل البنى التحتية التي كانت قائمة ما قبل الغزو؟ أليس كل هذا الفعل يخدم استراتيجية التوابين الذين يسعون الى ان تعلن الانبار توبتها؟ ولكن عن اي ذنب يُطلب من الانبار اعلان التوبة والندم؟ ان العودة الى قراءة التاريخ القريب لهذه المحافظة الباسلة، خاصة خلال فترة الغزو والاحتلال، وتصدي اهلها البطولي لجحافل الغرباء المرتزقة، كان هو الذنب الاكبر الذي اقترفته في حسابات التوابين، فلولا هذه الجحافل لما وصلوا الى سدة السلطة في العراق. لقد راهنوا بالامس على التوابين الذين اعلنوا توبتهم من مقاومة الاحتلال، الذين انشأهم المحتل تحت تسمية الصحوات، لكنهم تخلوا عنهم بعد ان اكتشفوا بانهم توابو المحتل وليسوا توابيهم، وان المجتمع في الانبار قد لفضهم بعد خيانتهم حتى باتوا رهائن المَحبِسين، مَحبِس الخيانة ومَحبِس الخوف من القصاص. صحيح انهم عادوا اليهم اليوم مرة اخرى وصرفوا لهم الملايين من الدولارات، لكن ذلك لاهداف مرحلية لا ترقى الى اعتبارهم من التوابين، لذلك ارسلوا جيشهم كي يقتل الشيوخ والاطفال ويحاصر المدن والقرى ويجوّع الناس الابرياء، بينما لا زالوا في كل مناسبة يُصرّحون بان الحرب العراقية الايرانية كانت جريمة كبرى ارتكبها الجيش العراقي. اذن لماذا المعركة في الانبار معركة عز وشرف، بينما المعارك في الحرب العراقية الايرانية عار يوجب التوبة والندم؟ لانهم وضعوا انفسهم والايرانيين في صف اتباع الحسين، وكل ما عداهم فهم من اتباع يزيد. أليس هذا هو وصفهم لكل من يظهر عوراتهم وفشلهم وسرقاتهم وتخبطهم في السياسة والاقتصاد والتربية والتعليم والصحة والاعمار؟

لقد حاولوا ان يجعلوا من الميدان الاداة الفعالة للضغط كي يجبروا الاخرين على اعلان التوبة والندم والخضوع والخنوع لهم، خدمة للمشروع السياسي الطائفي المطروح، ولذلك اقحموا الجيش لاذكاء الشارع كي تبقى النار مشتعلة فيه، ثم تستغل هذه الحالة ذريعة لمزيد من العنف بحجة مكافحة الارهاب، لذلك امتدت ايديهم الى محافظات اخرى ومناطق كانت حتى وقت قريب هادئة. لقد دخلوا في الاسبوع المنصرم الى قضائي بهرز وقره تبه، في وضح النهار، بارتال من السيارات المدنية مع القطعات العسكرية، ثم احرقوا المساجد ودور المواطنين والسيارات الخاصة وقتلوا كل من صادف وجوده في الطرقات ساعة دخولهم. لقد باتت السياسة الحالية قائمة على اساس ان لم يستطع الجيش حسم الموقف فليدخل التوابون لحسمه، في ظل صمت رهيب من كل اولائك الذين يُعتبرون نوابا عن هذه المناطق. لقد صمت نواب الانـــــبار وديالى وكركوك والموصل وصلاح الدين، وكأن كل هذه المجازر في بلد اخر غير العراق، والسبب في ذلك هو ان كل من يرفــــع صوته سيتم منعه من الترشح للانتخابات بسلطة التوابين، ولان المصلحة الخاصة تتقدم على المصلحة العامة فقد صمت كل هؤلاء.

إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون ( 90 ) إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين () )

يقول تعالى متوعدا ومتهددا لمن كفر بعد إيمانه ثم ازداد كفرا ، أي : استمر عليه إلى الممات ، ومخبرا بأنه لا يقبل لهم توبة عند مماتهم ، كما قال [ تعالى ] ( وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت [ قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما ] ) [ النساء : 18 ] .

ص: 72 ] ولهذا قال هاهنا : ( لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون ) أي : الخارجون عن المنهج الحق إلى طريق الغي .

إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به ) أي : من مات على الكفر فلن يقبل منه خير أبدا ، ولو كان قد أنفق ملء الأرض ذهبا فيما يراه قربة ، كما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن جدعان – وكان يقري الضيف ، ويفك العاني ، ويطعم الطعام – : هل ينفعه ذلك ؟ فقال : لا ، إنه لم يقل يوما من الدهر : رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين .

وكذلك لو افتدى بملء الأرض أيضا ذهبا ما قبل منه ، كما قال تعالى : ( ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ) [ البقرة : 123 ] ، [ وقال ( لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة ) ] [ البقرة : 254 ] وقال : ( لا بيع فيه ولا خلال ) [ إبراهيم : 31 ] وقال ( إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم ) [ المائدة : 36 ] ، ولهذا قال تعالى هاهنا : ( إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به ) فعطف ( ولو افتدى به ) على الأول ، فدل على أنه غيره ، وما ذكرناه أحسن من أن يقال : إن الواو زائدة ، والله أعلم . ويقتضي ذلك ألا ينقذه من عذاب الله شيء ، ولو كان قد أنفق مثل الأرض ذهبا ، ولو افتدى نفسه من الله بملء الأرض ذهبا ، بوزن جبالها وتلالها وترابها ورمالها وسهلها ووعرها وبرها وبحرها .

العراق ما بعد عام ٢٠٠٣ اصبح ليس دولة فاشلة فحسب بل فقد جميع مقومات الدولة وحولته عصابات الأحزاب التي باركها الاحتلال الأمريكي الى بلد عصابات كانت اغلبها تقاتل الجيش العراقي مع العدو الفارسي خلال حرب المقبور خميني ضد العراق. فقد كان العديد من قادة الكتل وأعضاء الأحزاب القادمة من ايران تقاتل مع حرس خميني ضد العراق من أمثال هادي العامري وجبر باقري صولاغي ومحمد باقر الحكيم الاصفهاني واخوه عبد العزيز الحكيم وأبو مهدي المهندس و فالح الفياض وعادل عبد المهدي الذين ينتمون لفيلق بدر والمجلس الإسلامي الأعلى ثم تعددت بعد عام ٢٠٠٣ المجموعات المسلحة التي دربتها ومولتها ايران من اجل اسقاط الدولة العراقية وتشتيتها واضعافها بحيث تصبح مجرد مكب نفايات لإيران ومجرد عصابات تدافع عن ايران وللأسف الشديد بإدارة ضابط فارسي مخنث هو قاسم سليماني الخبيث الذي يتبع مباشرة لولي الفقيه الفارسي. ولقد بقيت تلك العصابات على ولائها الشديد للفرس بل ولم تقدم ندمها على قتال الجيش العراقي وبقيت تفتخر بذلك بعدة مناسبات. ومن تلك المناسبات ما أكده رئيس تحالف الفتح والامين العام لمنظمة بدر هادي العامري في 16/4/2019 في حديث امام مجموعه من أعضاء منظمته داخل مقرهم حيث قال: ” لقد قاتلت الجيش العراقي في حرب الثمانينات، وقتلت الكثير من الجنود والضباط على يدي بما فيهم الذين وقعوا في الاسر ورفضوا الانصياع لمطالب الثورة الاسلامية، واضاف ” اني عقائدي الارتباط وسأنفذ ما يطلبه مني الامام خامئني حتى اذا تطلب الامر اسقاط العاصمة بغداد خدمة لمشروع الثورة الاسلامية”.

هكذا هؤلاء جميعهم ولا ننسى كيف كان محمد باقر الحكيم وهادي العامري وجبر باقري صولاغي وغيرهم كيف كانوا يعذبون الاسرى العراقيين ويستخدمون معهم كلمات نابية يخجل الانسان من ذكرها بحيث انهم اجبروا العديد من الاسرى على اعلان توبتهم واسموهم (التوابين) وذلك بالتعذيب الجسدي والنفسي وغسل الدماغ. وكانوا هم انفسهم أي بدر ومجلس محمد باقر الحكيم مجرد أدوات بيد الفرس فقد استخدموهم في بداية الحرب مع العراق لحفر الخنادق للجنود الإيرانيين ثم استخدموهم لقتال مجاهدي خلق أي انهم كانوا بيادق رخيصة وذليلة بيد الفرس. وهذه هي نفس الأسباب التي دعت هؤلاء ان يكونوا ضد العراق خلال تنصيبهم في الحكم من قبل الامريكان فهم تعودوا الذل والهوان وفقدان الشعور بالوطنية تماما لانهم انعقدت نفوسهم المريضة على تقبل تلك الحقارة والدناءة بالعمالة للفرس. وقول مثل قول العامري أعلاه لو كان في دولة أخرى لجعل من الحكومة وبرلمانها الذي هو فيه تنهار مرة واحدة لان هذه خيانة ولكن هذا خير مثال على كيفية إدارة الدولة العراقية بعد ٢٠٠٣عام وكيف ان الفرس تريد (طيحان حظ هذه الدولة).

رى لجعل من الحكومة وبرلمانها الذي هو فيه تنهار مرة واحدة لان هذه خيانة ولكن هذا خير مثال على كيفية إدارة الدولة العراقية بعد ٢٠٠٣عام وكيف ان الفرس تريد (طيحان حظ هذه الدولة).

وفيما يتعلق بالأسرى العراقيين كانوا يتعرضون من قبل هؤلاء المرتزقة مثل الحكيم وقادة بدر الى سباب فاحش لا يتماشى مع المعاهدات الدولية للتعامل مع الاسرى ويخالف تعاليم الدين الإسلامي بكل مذاهبه علاوة على فحشه المخجل الذي لايستطيع الانسان ان يكتبه بمقال كهذا. وقد اشتهر عن المقبور محمد باقر الحكيم بكلامه الفاحش للأسرى العراقيين وهناك فديوات توثق ذلك. ومن هذه الفيديوهات التي تظهر قتل الفرس ومرتزقتهم من عناصر الحكيم والعامري وغيرهم للأسرى العراقيين بأبشع الصور التي لا يقبلها دين او ضمير او مواثيق دولية الفديو التالي.

ولقد اعدمت ايران بعد معركة (البسيتين) ثلاثة الاف اسير عراقي حيث قاتل فيها اللواء المدرع 26 من الفرقة الآلية الخامسة في الجيش العراقي. وبعد ان أسرت القوات الإيرانية أكثر من ٣٠٠٠ أسير عراقي بعد الالتفاف عليهم قامت القوات الإيرانية بعد هذه المعركة بحملة تعذيب وقتل لأغلب الأسرى الذي أسروا في معركة البسيتين، وقتلتهم بطرق وحشية مثل ربطهم بالسلاسل بين المركبات وتقطيع أوصالهم. وقد شارك في هذه المذبحة الجناح العسكري لمنظمة فيلق بدر ويقودها قائد منظمة بدر سيىء الصيت، هادي العامري. حيث كان يوم الشهيد هو يوم الأول من ديسمبر فحولته هذه العصابات الحاكمة ليوم ٩ نيسان الذي احتلت به أمريكا العراق. وفي الفديو ادناه يظهر الذليل العميل هادي العامري يقاتل العراق الى جنب الفرس.

اذن وعلى شاكلة العامري والحكيم والفياض وعبد المهدي والمالكي وأبو مهدي المهندس وصولاغي وعمار الحكيم والحلبوسي والنجيفي وسليم الجبوري وحيدر العبادي واياد علاوي وباقي الكتل والأحزاب تم تفكيك المجتمع العراقي على أسس طائفية وعرقية ومذهبية بمخططات تعقد في قم وطهران وتنفذ في بغداد والنجف وباقي محافظات العراق. لهذه الأسباب تم تدمير البنى التحتية مثل الصناعة والزراعة والكهرباء والتعليم والصحة والماء بحيث لم يسلم مرفق او شيء في العراق من المخططات الفارسية البغيضة منذ عام ٢٠٠٣. وتم تدمير العراق واصبح العراقي يشعر بمضاضة انه لا يعيش في وطن بل في (ضيعة) تابعة لإيران بشكل مذل ومخجل ومعيب. هذه الضيعة التابعة أصبح أهلها يشعرون بالعار والذل وخاصة الشباب الذين انفتحت لهم الافاق لكي يروا باقي العالم كيف يعيش؟ هؤلاء الشباب اصبحوا يعيشون في بلد ولكن ليس لديهم وطن. اصبح الوطن مرتهن ذليل مفقود يدار بواسطة عملاء وعلى المكشوف. ولم يتحرك احد لوضع الحل وانهاء التبعية للفرس بل تفاقم الوضع وصارت المناصب والوزارات وغيرها تباع وتشترى ولاتتتم الا بموافقة قاسم سليماني الذي قاتل جنبا الى جنب مع هادي العامري الجيش العراقي اثناء أعوام الحرب الثمانية. ولم تكن المرجعية الدينية ذات قوة بل دارت حولها الشكوك بانها أصبحت تثري على حساب الشعب وايدت تلك الأحزاب في البداية الى ان انتفض الشعب واثير ما اثير حول تدخل محمد رضا ابن السيستاني بالتعاون مع سليماني والإيرانيين علما بان السيستاني إيراني الأصل. وحتى لحد هذه الأيام لم ينفك الفرس يصرحون بانهم يثقون بان السيستاني قادر على حل الازمة فماذا يعني ذلك؟! ولقد ذكرنا سابقا ان البرلمان هو أساس الفساد ورغم ذلك فان السيستاني لايزال يعتبر ذلك لبرلمان شرعيا رغم مطالبة الشعب بحله وفقدان شرعيته واحتوائه على الفاسدين كلهم والطائفين جلهم والأحزاب التي انبثقت منها الحكومة والعملاء الخونة.

انها الطامة الكبرى والمأساة والفجيعة والعار والتخلف والذل الذي ما بعده ذل وعار ان يقوم جنرال اشترك بقتال العراقيين وقتلهم يصبح هو الذي يدير شؤونهم ويعين ويتدخل حتى بوظيفة رئيس الدولة ورئيس الوزراء وهلم جرى. الشباب الجديد والذي تطلع الى ما يدور حوله شاهد ان في هذه الكرة الأرضية لا توجد دولة مثل العراق وتأكدت له يوما بعد يوم انه يعيش بدون وطن تقتله البطالة ويدمره الفقر وتسرق الأحزاب العميلة ثروته. المشاكل العديدة وعدم الخجل والاستهتار والدونية والنذالة والعمالة ان هذه الأحزاب ليس عميلة ومدمرة للبلد فقط بل مستهترة الى ابعد الحدود بحيث تقوم بالعمالة في يد وبالسرقات وعدم الاهتمام والاستهتار في يد أخرى. استهترت بالشعب بشكل لايطاق ولايفهم ولن يقبل به انسان. اصبحنا لانستطيع حصر الفساد والسرقات والسراق والعمالة بين دفتي مجلدات لان ذلك يفوق المجلدات. وعلى هذا الأساس فقد الوطن وصار مكب نفايات بيد الفرس واصبح تملق الحكام للفرس على المكشوف لدرجة تقبيل ايدي الفرس ولربما احذيتهم. حتى سفيرهم سيء الصيت الذي أيضا كان جنرالا في حرس خميني اثناء حرب العراق وشارك في قتل العراقيين ولهذا استهتر بالوقوف للشهيد العراقي ورفض ذلك وخرج والجميع شاهد ذلك ورفضه الا العملاء اخذوا يتلمسون له الاعذار ولايزال هو في المنطقة الغبراء. ضاع الوطن وفقد الوطن وتدمر الوطن وتمزق الوطن واستهتر هؤلاء بالوطن وهم يحكمونه (أي وطن يحكمه عملاء). هذا هو سبب الثورة ثورة شباب الالفية لانهم جيل تفتحت عيونه على وطن مسلوب وطن غير موجود وطن مفقود وطن تم بيعه بثمن بخس للفرس. فوق هذا وذاك ماذا عمل فيه الفرس؟ جاشوا فيه استهتارا واذاقوه جرع الذل والهوان واهانوا جيشه ومقدراته وزرعوا فيه عصابات ما انزل الله بها من سلطان وصاروا يتحكمون فيه بشكل يثير المرض والاشمئزاز والقيء والعار. ولقد بنوا من اجل ذلك ميليشيات واشتروا بثمن بخس كما اظهرته الوثائق الأخيرة عمائم ومرتزقة من الكتاب وغيرهم. فضاع الشعب وتفاقمت الأحوال وانتشرت البطالة وادخل الفرس الى البلاد المخدرات والدعارة وانتشرت حالات الانتحار بين صفوف الشباب واصبحوا فاقدي الامل من ان يجدوا وضيفة لان التنمية صارت دون الصفر والوظائف تعطى حسب المحسوبية والأحزاب. واصبح العراق الغني بثرواته يصنف ضمن افسد الدول وافقرها ومدنه للعيش تصنف من أسوأ المدن وجواز دولته صار في الحضيض. ورغم ذلك بقيت ذات الوجوه العميلة المقرفة المشؤومة تحكم بطرق همجية تتقاتل مع بعضها لتقاسم (الجيفة) التي اعتبروها كعكة. نفس الوجوه الكالحة تسيدت في البرلمان والسلطة والإدارات والمطارات فعم الفساد في كل مكان واصبح التسابق على العمالة شطارة يتنافسون عليها في طهران وبيروت وسوريا وبغداد وغيرها. وهكذا انتهى العراق فاصبح اسم بلا وطن ودولة بلا سيادة وحكومة بلاشرف ولاضمير. انفقد الامن وادخل داعش من قبل الفرس للأسباب المعروفة وقتل الشباب في سبايكر بالالاف فتم اهمالها وتم اركان ملفاتها على الرفوف كغيرها من ملفات الفساد بل وبدل محاكمة نوري المالكي في ذلك تم تنصيبه نائب رئيس وسوف نعرف فيما بعد لماذا أعطاه قاسم سليماني ذلك المنصب وذلك لضلوعه بإدخال داعش لكي تكون ذريعة تدخل فيها ايران بقوة للعراق بحيث اصبح هادي العامري يعير العراقيين بان الفرس هم من حرروهم من داعش! فيا له من نذل قبيح. هكذا اصبح الشباب يعيشون في عراق الضيعة الفارسية وانفقد منهم الوطن فخرجوا يقولون (نريد وطن). هل فهمتم أيها الامعات ذلك ام لم تفهموه؟ انتم سبب فقدان الوطن وعليه فان ارجاع الوطن بحاجة الى قلعكم جميعا من البرلمان الى الأحزاب وصولا الى اصغر موظف يعمل بالفساد.

علي الشباب الثائر ان لا يبيع ثورته بثمن بخس لان دم الشهداء والجرحى لايباع بثمن وارواح الشهداء تراقبكم وتعيش معكم وهي لن تهدأ ولاتستريح الا بقلع جميع الأحزاب والكتل وبرلمانها ومحاسبتهم على الفساد والقتل وفوق هذا وذاك محاسبتهم على العمالة للفرس ولماذا باعوا الوطن فاصبح العراقي بلا وطن!

والدماء التي يجب ان يحاسبوا عليها هي ليست التي سالت في العراق اليوم بل منذ عام ٢٠٠٣.

النصر لشباب العراق الذين اصبح كل واحد منهم الف (جيفارا) والذين اصبحوا امثلة للثائرين المتحضرين نساءا ورجالا واليوم نستطيع ان نموت براحة بال لان في العراق شباب سوف لن يضيعوه ولن يساوموا عليه بعد ان كدنا نفقد الامل ولكن تأريخ العراق يقول غير ذلك فالذين أعطوا الحضارة واسسوا أسسها كلها قبل الالاف السنين وعلموا حتى بلاد فارس كيف تكتب سوف لن يموتوا ولن ينطفيء نبراس علمهم وحضارتهم وزهوها ما دام فيها شباب مثل شهداء العراق يتحدون الموت بصدورهم العارية ويعلمون الناس في الأرض كلها كيف تكتب الشعوب اسطورة تحررها من الطغاة.

يقول الحق سبحانه وتعالى في سورة النساء: إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً، وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تُبْتُ الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذاباً أليماً .

في هاتين الآيتين الكريمتين يبين الحق سبحانه وتعالى من تقبل منهم التوبة، ومن لا تقبل توبتهم .

والتوبة: هي الرجوع إلى الله تعالى، وإلى تعاليم دينه بعد التقصير فيها مع الندم على هذا التقصير والعزم على عدم العودة إليه .

والمراد بها هنا قبولها من العبد، أما المراد من الجهالة في قوله: يعملون السوء بجهالة الجهل والسفه بارتكاب ما لا يليق بالعاقل، لا عدم العلم، لأن من لا يعلم لا يحتاج إلى التوبة .

والمعنى: إنما قبول التوبة كائن أو مستقر على الله تعالى لعباده الذين يعملون السوء ويقعون في المعاصي بجهالة، أي يعملون السوء جاهلين سفهاء، لأن ارتكاب القبيح مما يدعو إليه السفه والشهوة، لا مما تدعو إليه الحكمة والعقل .

وبدأ سبحانه الآية الكريمة بإنما الدالة على الحصر، للإشعار بأن هؤلاء الذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب، هم الذين يقبل الله توبتهم ويقيل عثرتهم .

وعبر سبحانه بلفظ: على الله للدلالة على تحقق الثبوت حتى لكأن قبول التوبة من هؤلاء الذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب من الواجبات عليه، لأنه سبحانه قد وعد بقبول التوبة، وإذا وعد بشيء أنجزه، وقوله: يتوبون من قريب أي ثم يتوبون في زمن قريب من وقت عمل السوء، ولا يسترسلون في الشر استرسالاً ويستثمرونه ويتعودون عليه بدون مبالاة بارتكابه .

ولا شك أنه متى جدد الإنسان توبته الصادقة في أعقاب ارتكابه للمعصية كان ذلك أرجى لقبولها عند الله تعالى وهذا ما يفيده ظاهر الآية .

والمراد بقول تعالى من قريب أي من قبل حضور الموت، وبعض المفسرين قال المراد إن المذنبين يتوبون في وقت قريب من وقت عمل السوء، فالعاقل من الناس هو الذي يبادر بالتوبة الصادقة عقب المعصية بلا تراخ، لأنه لا يدري متى يفاجئه الموت، ولأن تأخرها يؤدي إلى قسوة القلب وضعف النفس، واستسلامها للأهواء والشهوات .

وقوله تعالى: فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً، بيان للوعد الحسن الذي وعد الله به عباده الذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من قريب أي: فأولئك المتصفون بما ذكر يقبل الله توبتهم ويأخذ بيدهم إلى الهداية والتوفيق، ويطهر نفوسهم من أرجاس الذنوب، وكان الله عليما بأحوال عباده وبما هم عليه من ضعف، حكيماً يضع الأمور في مواضعها حسبما تقتضيه مشيئته ورحمته بهم .

ثم بين سبحانه من لا تقبل توبتهم بعد بيانه لمن تقبل توبتهم فقال: وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار .

أي: وليست التوبة مقبولة عند الله بالنسبة للذين يعملون السيئات ويقترفون المعاصي، ويستمرون على ذلك، حتى إذا حضر أحدهم الموت بأن شاهد الأحوال التي لا يمكن معها الرجوع إلى الدنيا، وانقطع منه حبل الرجاء في الحياة قال إني تبت الآن أي قال في هذا الوقت الذي لا فائدة من التوبة فيه: إني تبت الآن .

وقوله: ولا الذين يموتون وهم كفار أي وليست التوبة مقبولة أيضا من الذين يموتون وهم على غير دين الإسلام .

فالآية الكريمة قد نفت قبول التوبة بين فريقين من الناس .

أولهما: الذين يرتكبون السيئات صغيرها وكبيرها، ويستمرون على ذلك بدون توبة أو ندم حتى إذا حضرهم الموت، ورأوا أهواله، قال قائلهم: إني تبت الآن، وقد كرر القرآن هذا المعنى في كثير من آياته، ومن ذلك قوله تعالى: فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا، وقوله تعالى حكاية عن فرعون: حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين، الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين، فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلقك آية .

وعدم قبول توبة هؤلاء في هذا الوقت سببه أنهم نطقوا بها في حالة الاضطرار لا في حالة الاختيار، ولأنهم نطقوا بها في غير وقت التكليف .

وثانيهما: الذين يموتون وهم على غير دين الإسلام .

ثم بين الحق سبحانه سوء عاقبتهم فقال تعالى: أولئك أعتدنا لهم عذاباً أليماً أي أولئك الذين تابوا في غير وقت قبول التوبة هيأنا لهم عذاباً مؤلماً موجعاً بسبب ارتكاسهم في المعاصي، وابتعادهم عن الصراط المستقيم الذي يرضاه سبحانه لعباده .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here