الصراعات الحزبية على مقاعد السلطة.. مخاوف تؤرق الأقليات العراقية

رغم أن قانون الانتخابات الجديد خصص مقاعد “كوتا” للأقليات الدينية والقومية في العراق، إلا أن ثمة “خشية” من اندثار التمثيل السياسي والحكومي لها خلال المرحلة المقبلة.

وبحسب قانون الانتخابات، ومن مجموع 329 مقعداً، خُصصت تسعة فقط للمكونات، كالتالي: خمسة مقاعد للمسيحيين ومقعد واحد لكل من المكون الإيزيدي والشبكي والصابئي والكردي الفيلي.

وخلال حديثهم، عبّر مواطنون مسيحيون وإيزيديون وأتباع ديانات وقوميات أخرى، عن “قلق يعتري أغلب الأقليات الدينية والقومية في العراق من مصير مجهول في ظل تصاعد الصراعات الحزبية على مناصب الدولة”.

أمل أم زيف سياسي؟

يقول سام محمود (43 عاماً)، وهو إيزيدي يعمل في بغداد: “في كل انتخابات ومع تبدل الحكومات، لا نصادف اهتماماً واقعياً بوضع الإيزيديين، خصوصاً بعد ما تعرضت له نساؤنا ورجالنا وأطفالنا، وهم بالآلاف، على يد تنظيم داعش الإرهابي، فالتحالفات تتشكل بعد الانتخابات من أجل ضمان مصالح أصحاب النفوذ والزعامات السياسية”.

وحصل الإيزيديون في أول انتخابات نيابية أجريت في العراق عام 2005 على مقعد كوتا في البرلمان، ويسعون أيضا للحصول على تمثيل “حقيقي” لهم في برلمان إقليم كردستان.

ويرى محمود “ضرورة وجود مراقبة أممية جادة للانتخابات التي ستجري في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر المقبل، لأن هناك خوفا لدى الإيزيديين من ضياع أصواتهم وتزويرها، وبالتالي ضياع الأمل مجدداً بأن يكون هناك صوت حقيقي يمثلهم تحت قبة البرلمان الجديد”. وفي شارع حيفا وسط العاصمة، تتوزع لافتات مرشحين من الديانة المسيحية تحت عناوين وأسماء مختلفة، ليعلق كنعان مجيد بالقول: “في عمارات شارع حيفا السكنية يوجد الكثير من المسيحيين الذين لم يقرروا الهجرة إلى خارج العراق، والمرشحون من الديانة المسيحية ينشرون دعاياتهم الانتخابية بين أزقة الشارع”. ويمضي مجيد (60 عاماً)، بالقول: “نحن المسيحيون ظلمنا في العهد السابق، مثلما ظلمنا الآن، فكل من مثلنا في البرلمان وكل من وصل بأصواتنا إلى المناصب الوزارية والإدارية، لم يحقق أي تغيير يذكر على واقع المسيحيين في العراق”.

“هجرة المسيحيين في ازدياد، وأعدادهم في العراق تتناقص يوماً بعد آخر، وكل مسيحي يعيش في بغداد أو نينوى وحتى في كردستان، ينتظر الفرصة والوضع المناسبين له ولعائلته لكي يتخذ من دول أوروبا أو أميركا محطة أخيرة في حياته، سأكون صريحا معكم، هذا ما نفكر به، نحن الذين نلقب بملح أرض الرافدين، نُجبر على ترك ديارنا بسبب ما نتعرض له منذ عقود”. وفي العراق، كان المسيحيون يشكلون 8 بالمئة من مجموع السكان خلال تسعينيات القرن الماضي، بمجموع بلغ نحو مليون ونصف المليون نسمة، لكن أعدادهم تناقصت شيئاً فشيئاً بعد 2003 ليصل عددهم الحالي، وفق الإحصائيات الرسمية، إلى نحو 500 ألف فقط. أما الصابئي المندائي، أشرف حارث، فيقول: “لا بأس من الإصرار ومواجهة ما نتعرض له، نرجو من مرشحي الصابئة وغيرها من الأقليات أن يكونوا على قدر المسؤولية فما نواجهه شيء كبير، نحن نتعرض للقتل والتهميش والازدراء منذ 2003 ولم يستطع أحد إيقاف ذلك”. ويضيف حارث، الذي يعمل بإحدى المطابع بمنطقة البتاويين التجارية، وسط بغداد: “عبر موقعكم أريد توجيه ندائي لمن يسمعني، الأقليات الدينية والقومية في العراق تواجه خطر الاندثار، على المسؤولين أن يعوا ذلك جيداً، وعلى الأمم المتحدة أن تأخذ دورها ومراقبة السلوك الحكومي والمجتمعي تجاهنا، وإيجاد متسع من الحرية لكي نعبر عن أنفسنا سواء في الانتخابات، أو حتى في حياتنا العامة”.

ومن كركوك، يقول الكاكائي، سيروان ارجمن، إن “الكاكائيين وخلال الدورات البرلمانية السابقة تعرضوا لغبن وتهميش كبيرين، نتيجة هيمنة بقية المكونات والأقليات على (الكوتا)”.

ويضيف: “مرشحونا ينضوون داخل الأحزاب الكردية القومية التي ننتمي لها ونعتز بها، لكن الزعامات الكردية، حالت دون أن يكون هناك صوت يعبر عنا داخل قبة البرلمان”.

ويلفت ارجمن إلى آماله في “أن تكون الدورة البرلمانية المقبلة أكثر إنصافاً للكاكائيين الذين تعرضوا لشتى أنواع القتل والتكفير والتهجير من قبل جهات متطرفة، ولم نزل إلى اليوم نبحث عمن يوصل صوتنا إلى المسؤولين للنظر في مظلومية عشائرنا التي تتوزع في مناطق كركوك وديالى ونينوى وكردستان”.

أما الشبكي فاهم قدو، فيقول إن “تشتت أصوات الشبكيين بين من يؤيد الأحزاب الكردية وبين من يؤيد الأحزاب العربية، هو الأساس في عدم وجود قيادة واحدة للشبكيين في مناطقهم التي تعرضت للدمار والخراب والتهميش”.

ويضيف: “نتمنى وحدة الكلمة بين الشبكيين، والتوجه نحو إيجاد صوت حقيقي يمثلهم داخل البرلمان، وإلا فمثل كل دورة انتخابية، ستهيمن الجهات المتنفذة على الأصوات، ويصعد من يوالي زعاماته السياسية أكثر من مواطنيه”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here