أسرار وأبعاد ومعطيات زيارة الإمام الحسين عليه السلام

أسرار وأبعاد ومعطيات زيارة الإمام الحسين عليه السلام

حسن كاظم الفتال

ثمة نصوص وردت في بيان أبعاد زيارة الإمام الحسين عليه السلام ومعطياتها وما لها وما عليها وحين نشرع لتبيان مضامين هذه النصوص وما تستبطن لعلنا نستغرق الكثير من الوقت والجهد للإحصاء والإعلان عنها وبيان القيمة العظيمة والتأثير وما تنتج الزيارة وما يفرز هذا الأداء.

وهذا ما دعا لأن يركز أصحاب السير والعلماء والفقهاء والفضلاء والمحدثون الثقاة على بيان وإظهار منطوق هذه النصوص وشرح مضامينها ومعانيها الجوهرية وآثارها وأن يأكدوا بالحث على إستدامة الزيارة بالوصايا على أدائها .

هذا التأكيد والوصايا والحث والتحفيز مستمد من الإرتكاز على ما ورد من أحاديث وروايات مهمة أوردها الأئمة الأطهار صلوا ت الله عليهم .

ولعل أبرز وأوسع مدى لامتداد الأحاديث ونشرها ما احتوته مفكرة الإمام الصادق صلوات الله عليه وما اشتمل عليه منهاجه الفكري والإستراتيجي والعمق التربوي في أخذ الحصة الأكبر عن مكانة وعظمة ومنزلة الإمام الحسين صلوات الله عليه وثم عظمة زيارته وأبعادها ومعطياتها وما يؤول إليه أداء الزيارة وما تغدق على المؤدي مراسيم الزيارة من فيوضات ونتائج إيجابية روحية.

وإن إدراج وحصر الروايات والأحاديث في حقل محدد أو إحصائها قد يتطلب جهداً لا يقوى عليه الكثير منا

فضلا عن أنها تستحق التمعن والتمحيص والتدقيق والتفصيل ببيان بعض الجزئيات وتناسق العبارات واختيار المفردات بدقة متناهية يتعذر على أحد حذف أو أضافة مفردة معينة لعلها تغير سياق الحديث فهو قول معصوم قوله حُكمٌ وَحَتمٌ وَرَأيُه عِلمٌ وَحِلمٌ وَحَزمٌ .

مدلولات أصحية الأحاديث

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وخضع الكثير من هذه الأحاديث للجدولة والتصنيف والفهرسة والتدوين الموثق إذ أن رغم شيوع هذه الأحاديث وشموليتها في الخطاب الجمعي إلا أننا نجد أحيانا أن كل حديث يندرج في صنف معين ويحمل مغزى معين ويخاطب أناس معينين فضلا عن المقارنة والتمييز بين العقول التي يراد مخاطبتها .

وهذا مما يعضد ويضيف له صمودا بالأصحية أمام التضعيف أو التشكيك ويمدُهُ بقوة المصداقية والثقة . ويوثق حقيقة مهمة مضمونها أن الحديث عن زيارة الإمام الحسين صلوات الله رغم سلاسته وعذوبة مفرداته وجمالية وروعة عباراته وحبكة صياغته لكنه ليس من السهل استيعابه ببساطة ويسر كما هي الأمور الأخرى على المتلقين حيث تتعاطاه الروح والبصيرة والأفئدة السليمة النقية التي هي كالمرآة الصافية النقية التي لا يعتريها خدشٌ أو تهشمٌ أو تراكم ذرات غبارعليها .

إذ أن القلوب المعافاة من الدرن والزيغ عادة تكون أوعية نقية في تمام الجهوزية للإستقبال وللإستضاءة بنور الحديث المروي عن إمام معصوم مفترض الطاعة صاحب الولاية التشريعية والتكوينية وصاحب العلم اللدني . وهذه القلوب هي قلوب الموالين المحتشدة بالهدى وهم الذين يستمعون للقول فيتبعون أحسنه .

تجانسية مصداقية الأحاديث بوهج الاشتياق

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولعل التفكر في هذه الأحاديث والروايات يظهر لنا حقيقة معينة نتيقن من خلالها بأن زيارة الإمام الحسين صلوات الله عليه ليست مجرد فعل مشوق يقوم به الفرد أو يتخذُه كعادة أو تقليد من التقاليد المجتمعية كما هي التقاليد والعادات والممارسات الأخرى المؤداة . إنما هي إقامة شعائر عبادية أمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وآله وثم آل بيته الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين . وهي ليست عبارة عن أداء تقليدي أو ممارسة فردية أو جماعية توافقية مثلها كمثل أي ممارسة أخرى للترويح أو للإستنئناس أو لتغيير واقع محدد أو أجواء معينة إنما هي ممارسة عبادية وأداء ذاتي تفاعلي مصدره شدة الشوق للقاء الغرض منه التزود بمعاني وبقبسات فكرية روحية عقائدية إيمانية نتاجها إنفتاح روحي واكتساب طاقة إيجابية تطرد الكثير من الشرور وتشرح الصدر وتؤنس القلب وثم تؤدي إلى إحراز البركة وكسب الأجر والثواب وسعادة الدارين .

وهذا ما جعل زيارة الإمام الحسين صلوات الله عليه من أبرز الشعائر الحسينية التي هي من شعائر الله.

ولعل أول ملمح للجذب أو الحافز إلى الإصرار على مواصلة أداء زيارة الإمام الحسين صلوات الله هو إعلان الولاء والمواساة لرسول الله صلى الله عليه وآله المبعوث رحمة للعالمين والتلبية لدعوته المباركة المتكررة والإستجابة لأوامره ووصاياه فطالما بَيَّنَ ووضح بالقول وبالفعل والتقرير منزلة ومكانة الإمام الحسين صلوات الله عليه وشدد على اتباع منهج الإمام الحسين صلوات الله عليه الذي هو الإمتداد الطبيعي الحقيقي له وهو الوارث علمه والمؤدي رسالته وأوصى بدوام التواصل مع المنهاج الحسيني وذكر فضل وعظمة زيارة سبطه الإمام الحسين عليه السلام حتى قبل استشهاده ثم تبعه أهل بيته الأطهار صلوات الله عليهم للإعلان والبيان عما بينه النبي محمد صلى الله عليه وآله

حسن كاظم الفتال

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here