حمى الانتخابات الشعبوية الفرنسية ستفرز قادة معادين للعرب والمسلمين

حمى الانتخابات الشعبوية الفرنسية ستفرز قادة معادين للعرب والمسلمين

لقد استخدمت اللعب السياسية للفوز في الانتخابات في فرنسا منذ فترة طويلة من قبل اليمين واليسار على حد سواء. فمنذ فوز الاشتراكيين في بدايةً الثمانينات استخدم الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران اليمين المتطرف بقيادة جان ماري لوبين لاضعاف اليمين الديغولي. واستخدم اليمين الديغولي اقصى اليسار لاضعاف اليسار الجمهوري المعتدل.
اليوم يستخدم ماكرون نفس اللعبة لكن هذه المرة لاضعاف الطرفين المعتدلين اليمين واليسار. بعد ان خرق حزبه القاعدة المتوارثة في الديمقراطيات الغربية كامريكا وبريطانيا بتداول السلطةً بين حزبين رئسيين. لقد تمكن بصورة غريبة قبل حوالي اربع سنوات من تجميع افراد من اليمين واليسار ليفوز بالانتخابات بعد ان وجد نفسه امام اليمين المتطرف.
لقد استغل الرئيس ماكرون ضعف الحزبين ليطرح نفسه كمصلح واسس له حزب سياسي لا يمتلك برنامج حقيقي لاصلاح ما افسدته الاحزاب التقليدية. لقد لعبت الصدفة في ذلك الوقت اثر موجات الهجرة الى صعود الاحزاب الشعبوية كحزب ماكرون وحزب مارين لوبين. هذان الحزبان لا يملكان برنامج وطني شامل. لاجل ان يفوز ويحصد اكبر قدر من الاصوات المسلمة اطلق تصريحات نارية بضرورة الاعتذار من الجزائريين نتيجة الحرب الاستعمارية الفرنسية ضدهم.
بما ان ماكرون وحزبه اوصلتهم الاحداث الاستثنائية الى السلطة ولا يملكون اي تجربة وكفاءة. اعتمد في حكومته الاولى على شخصيات يمينية. ان غياب برنامج اصلاحي حقيقي جعل حكومته تفشل فشلا ذريعا في معالجة الملفات الاجتماعية المطروحة منها اصلاح نظام التقاعد ومعالجة المطالب الاجتماعية والاقتصادية للسترات الصفراء. لقد كاد ان يسقط منذ السنة الاولى. لكن جائحة كورونا انقذت نظامه بعد ان وضع وزر التردي الاقتصادي على كورونا وتاثيرها العالمي.
اليوم يعمل الرئيس الفرنسي جاهدا لطمأنة اليمين المتطرف والعنصريين بانه سيحقق لهم ما يريدون. فشن مبكرا ومنذ نهاية العام المنصرم وهذا العام رغم الضروف الصحية السيئة بسبب جائحة كورونا حملة شعواء لتشويه الاسلام من خلال تشجيعه الرسوم المسيئة لرسول الله واجباره مسلمي فرنسا توقيع عقد اذعان. همش حركة المسلمين وقيد حركتهم الدعوية والسياسية والدينية.
في نفس الوقت وبعد ان استنفذ الورقة الاسلامية في فرنسا اتجه الى منافسيه السياسيين من العنصريين واليمينيين القدامى والجدد ليمزق معسكرهم. كي يحظى بالفوز لمرة اخرى. فلا يبالي الرئيس الحالي من تحطيم اليمين واليمين المتطرف واليسار واليسار المتطرف ليضع الجميع امام معادلة. اما نظامه وحزبه او الطوفان والفشل.
من اجل الاعتذار عن تصريحه الذي اطلقه في حملته الانتخابية قبل اربع سنوات ونصف بالاعتذار من الرث الاستعماري والجرائم ضد الجزائريين. اشهر قبل عدة ايام عودته الى تبييض وجه الاستعمار الفرنسي. فقام بصورة معاكسة لتعهده السابق فاعتذر لخونة الشعب الجزائري وعملاء فرنسا من الحركيين.
لقد خطى خطوة اخرى عندما رفع من شان الشعبويين الحاقدين على الاجانب لا سيما المسلمين. عندما دفع احد الصحفيين المغمورين الذي بنى مجده بالسب والشتم الرخيص المقزز للمسلمين واسمه اريك زمور. للترشح للانتخابات الرئاسية مما فسح له فضاء اعلامي واسع لاضعاف زعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبين.
يعتقد الرئيس ماكرون ان توزيع الاصوات بين متطرفين سيسهل فوزه بالانتخابات القادمة. وهذا احتمال قوي لان اليسار المعتدل لا يزال منقسم على نفسه واليمين الكلاسيكي يمثله اكثر من مرشح مما يجعل صعوده للمرتبةً الاولى او الثانية صعب جدا. ان المد الشعبوي المعادي للاجانب يزداد قوة في ظل اعلام متحيز يبحث عن الاثارة ويهتم باللحظة دون حساب المستقبل
د. نصيف الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here