خبراء يقولون معالجة المشاكل المتجذرة للبلد ضرورية لكسب ثقة الناخب

ترجمة \ حامد احمد

صور ولوحات إعلانات انتخابية لمرشحين تجدها معلقة فوق أكوام أنقاض بنايات محطمة وعلى جدران مثقبة متصدعة تحمل شعارات ووعودا بإعادة الحياة لمدينة الموصل وإعادة اعمارها وسط تشكيك من اهاليها بتطبيق هذه الوعود لفشل مسؤولين سابقين بإعمارها،

وعدم شعور العراقيين من جانب آخر بان الانتخابات ستؤدي الى تغيير ملموس. الهدف من هذه الوعود، حسب ما يشير تقرير لموقع ذي ناشنال الاخباري، هو تشجيع الناخب للتصويت. مرشحي انتخابات تشرين الأول القادم وعدوا سكان الموصل بمستقبل زاهر ومحاربة الفساد وإعادة اعمار بيوتهم التي تحطمت اثناء الحرب على داعش ما بين عامي 2014 و2017. ولكن الكثير من أهالي الموصل يعتبرون تعهداتهم غير واقعية، نظرا لحجم الدمار الهائل الذي حل بالمدينة خصوصا في الجانب الأيمن منها الذي يضم مدينة الموصل القديمة. سكان محليون في الموصل قالوا انهم فقدوا الأمل في ان تصويتهم سيساعد في انتخاب جيل جديد من قادة سيهتمون بهم ويعملون على تلبية احتياجاتهم ومطالبهم. قال رجل من اهالي المدينة القديمة “يعتقدون ان بإمكانهم شراءنا وشراء اصواتنا بعباراتهم وشعاراتهم، أين كانوا عندما غزانا داعش عام 2014 وماذا فعلوا بعد التحرير ولحد الان؟”. وأضاف قائلا “لم نعد نثق بالنخب السياسية التي تحكم البلد، كل ما يقولونه عبارة عن أكاذيب”. المدينة القديمة، الواقعة على الجانب الغربي من نهر دجلة، تعتبر قلب الموصل وشريانها النابض. فهي ما تزال تقبع تحت الأنقاض على مدى سنوات منذ تحريرها من قبضة داعش عام 2017 رغم الوعود بإعادة اعمارها. هياكل الأبنية حول المنطقة تعكس مدى الدمار الذي لحق بها وآثار اطلاقات النار واضحة على جدرانها وشوارعها تكاد تكون خالية من الاعمار والسكان. تعرضت المدينة القديمة في الموصل للجزء الأكبر من الدمار ولحق بها خراب أكثر من أي مكان آخر في محافظة نينوى اثناء الحملة العسكرية لطرد تنظيم داعش منها. حيث يوجد فيها جامع النوري التاريخي الكبير ومنارته الحدباء الذي دمره تنظيم داعش الإرهابي قبيل انسحابه منها. محاولات اعادة اعمار المدينة سارت بخطى بطيئة جدا. جزء كبير من اللوم يقع على المسؤولين المتعاقبين للسلطة المحلية لمحافظة نينوى، ويذكر أن منصب محافظ نينوى ومركزها مدينة الموصل قد تغير ثلاث مرات منذ تحريرها. مواطن من مدينة الموصل قال “ما جعل الامر أكثر سوءا هو ان مرشحي الحملة الانتخابية جاؤوا وعلقوا صورهم ودعاياتهم الانتخابية فوق مباني ومناطق محطمة، ناسين ما حصل للمدينة، انهم يهتمون فقط بكيفية فوزهم في الانتخابات”. علي البارودي، محاضر في جامعة الموصل، قال لموقع ذي ناشنال “ليس هناك شيء جديد سيحدث بعد الانتخابات. الوضع سيبقى نفسه، تكررت الانتخابات عدة مرات سابقة وتكررت صورهم ودعاياتهم الانتخابية كما هي الان معلقة من على اسطح مباني وبيوت وأماكن محطمة”. وأضاف البارودي قائلا “سمعنا قبلها وعودا كثيرة عن إعادة اعمار ولكن لم يتحقق منها شيء. لحد الان جثث وعبوات ناسفة والغام ما تزال مدفونة تحت أنقاض مباني في انحاء الموصل. لحد الان يتم انتشال جثث مجهولة الهوية من تحت أنقاض مباني في مركز المدينة. لا يوجد شيء جديد. انها مجرد وعود لمكاسب سياسية كما حصل في السابق”. وجاء في تقديرات الأمم المتحدة ان اكثر من 8,000 آلاف بيت قد تحطم في الموصل اثناء شدة معارك الحملة العسكرية والضربات الجوية لقوات التحالف ضد مسلحي داعش. وحول انعدام الثقة بين الأهالي والنخب السياسية يقول الباحث، ريناد منصور، من معهد جاثام هاوس البريطاني للدراسات في تقرير جديد له بان ما يميز انتخابات هذا العام هو ليس التركيز على من سيفوز ومن سيخسر فيها بقدر التركيز على مدى حجم مشاركة الناخبين المتوقعة في يوم الاقتراع. ويقول منصور في تقريره ان انتخابات العراق الحرة الأولى عام 2005 كانت نسبة مشاركة المصوتين فيها تقارب 80%. ومنذ ذلك الحين بدأت نسبة المصوتين بالتناقص تباعا، وآخرها عام 2018 بلغت نسبة الناخبين 44% من عدد الذين يحق لهم التصويت، ويرى مراقبون وحتى مسؤولون اقروا بان نسبة مشاركة المصوتين في هذه الانتخابات قد تكون ادنى وربما اقل من نسبة 30%.

ويشير الباحث الى ان العراقيين لا يشعرون بان الانتخابات تمثل قناة لإيصال صوتهم أو وسيلة لإحداث تغيير. فمنذ فترة ما بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003 نشأ نظام سياسي في البلد، ليس للشعب دور فيه، يخدم شريحة نخبة حاكمة بمنافع مالية ووظيفية مع غياب توفير خدمات أساسية مطلوبة لعامة الناس. الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت في تشرين عام 2019 وفرت فرصة لرفع الشباب من المجتمع صوتهم، لان الانتخابات لم تحسن وضعية حياتهم. مع ذلك ولحد الان فان كلا من المسؤولين العراقيين والأطراف الدولية الأخرى مستمرون بالتركيز ليس على اصلاح النظام السياسي بقدر تركيزهم على نجاح الانتخابات كوسيلة لجعل العراق بلدا ديمقراطيا. ولهذا فان المطلوب أكثر هو معالجة المشاكل المتجذرة قبل ان يكون لأي صوت فرصة لإحداث تغيير.

عن موقع ذي ناشنال وموقع Just Security

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here