داعش ينتقم من مدنيين فـي ديالى يصدّون هجماته منذ سنتين

بغداد/ تميم الحسن

آلاف الصور لزعماء غير عراقيين تنتشر وسط ديالى، شمال بغداد، بالقرب من مرشحي الانتخابات، حيث تشير معلومات هناك، الى دور طهران في منع عودة بعض سكان القرى النازحة.
“الفيتو” الإيراني، كان السبب وراء عدة هجمات جرت في بلدة تابعة لمدينة بعقوبة (مركز المحافظة)، آخرها فجر أمس، وتسبب بمقتل وإصابة 9 اشخاص بينهم ضابط رفيع.

والهجوم الاخير الذي حدث في بلدة تدعى “العبارة” تضم عدة قرى في شمال بعقوبة، هو ضمن سلسلة هجمات بدأت قبل عدة اسابيع.

ويشتبه في الوقوف وراء تلك الهجمات بفصائل مسلحة “طامعة” بالبساتين المثمرة في البلدة، بالإضافة الى تنظيم “داعش”.

والعبارة كانت قد سجلت رقما قياسيا في تلقي الهاونات حتى استطاع متطوعون من الاهالي تقليل تلك الهجمات.

وتشهد هذه البلدة قصصاً غريبة مثل تشكيل تحالف عشائري لمحاربة المسلحين بدلا عن الحكومة، ورد الأخيرة بإرسال تعزيزات عسكرية لكن الحوادث لا تتوقف.

قناص العبارة

أحدث فصول الخروق الأمنية في العبارة، جرى فجر الأحد، حين انفجرت عبوة ناسفة على شاحنة تعود لأحد سكان قرية الحد الأخضر.

بحسب المصادر في بعقوبة الذي تحدث لـ(المدى)، فان العبوة الناسفة استهدف شاحنة رشيد البياتي قرب منزله “واستشهد البياتي مع نجله على اثر الانفجار”.

بعد أن سمع سكان القرية صوت الانفجار، هرع الجميع الى مكان الحادث ليكون القناص في انتظارهم.

وبحسب المصدر وهو ضابط في شرطة المدينة وطلب عدم نشر اسمه، ان “القناص تسبب بقتل مدنيين اثنين كانا يزوران منزل البياتي إضافة الى مدنيين اثنين آخرين من سكان القرية وجرح 4 من الأهالي”.

كان نهر صغير يفصل بين “القناص” وسكان القرية، وبعد وقت قصير وصلت عجلات دعم من الشرطة، وكان الهجوم الثاني بانتظار التعزيزات.

يضيف المصدر: “صاروخ انطلق على سيارات الشرطة من الجانب الآخر للنهر، وتسبب بجرح ضابط برتبة عقيد”.

وتعتقد الشرطة، التي أجرت بعد ذلك بساعات حملة تفتيش في المنطقة، ان الهجمات تحمل بصمات تنظيم “داعش”.

متطوعون

ويقوم سكان متطوعون في “الحد الأخضر” القرية التي جرى فيها الهجوم، بتنظيم خفارات لحماية المنطقة منذ نحو سنتين معتمدين على السلاح الشخصي، وهو ربما ما دفع “داعش” للثأر من السكان.

وكانت هذه القرية متهمة بأنها المكان الذي تنطلق منه “الهاونات” على باقي القرى، ومنذ تنظيم الواجبات تراجعت أعداد الهجمات.

وهجر الكثير من أصحاب القرى مناطقهم على اثر النزاعات المستمرة حيث سقطت على البلدة نحو 100 قذيفة هاون منذ إعلان التحرير في نهاية 2017.

وقبل نحو 3 أسابيع، كان سكان العبارة قد نظموا اعتصاما مفتوحا بسبب تكرار الهجمات، استمر لنحو أسبوع، قبل أن تقوم الشرطة بتقديم تعزيزات وينتهي الاعتصام.

ويقول علي رضا، احد مسؤولي الاعتصام في اتصال مع (المدى) ان “قائد الشرطة جلب 60 عنصرا امنيا ووضعهم في المناطق التي يعتقد ان المسلحين يتسللون منها”.

ولم يطمئن الأهالي حتى الآن لهذا الإجراء، لكن رضا يشير الى ان “الأهالي يترقبون إداء هذه القوات”.

وكان الاعتصام الذي قطع فيه المحتجون طريقا رئيسا في البلدة، قد جاء عقب هجومين جديدين تسببا بإصابة 5 من المدنيين والشرطة.

أسلوب جديد للهجوم

وكان مسلحون قد هاجموا مطلع أيلول الحالي، منزل احد السكان في القرى هناك، وتسببت الاشتباكات بين الأهالي والمسلحين بإصابة 2 من المدنيين.

ثم أوقع المهاجمون بعد ذلك 3 جرحى آخرين اثنين منهم من الشرطة، بعد ان زرعوا عبوات ناسفة قرب المنزل، انفجرت على القوات والأهالي الذين حاولوا صد الهجوم.

وفي الاسابيع القليلة الماضية، كشفت (المدى) عن تحركات مريبة للتنظيم في ديالى والموصل، فيما أجرى “داعش” تغييرات في مواقع عناصره واستخدم “تكتيكا جديدا”.

والأسلوب الجديد الذي يتبعه التنظيم، هو “تكتيك الكمائن”، حيث يقوم “داعش” بنشر قناصين وعبوات ناسفة لاستهداف التعزيزات العسكرية وتأمين انسحاب المسلحين بعد الهجوم.

وكرر “داعش” هذا الاسلوب بهجمات متعددة في كركوك والموصل وكذلك في مناطق شمال شرقي ديالى.

دخول الفصائل على خط الأزمة

ويتعقد المشهد الأمني في ديالى مع دخول الفصائل المسلحة على خط الأزمة، حيث يوجد في ديالى أكبر عدد من تلك الجماعات.

ويقول مصدر سياسي في ديالى طلب عدم ذكر اسمه في تصريح لـ(المدى) إن المحافظة “هي الباحة الخلفية لإيران والفصائل التابعة لها”.

ويؤكد المصدر ان هناك نحو ألفين صورة لزعماء إيرانيين في بعقوبة، تنشر منذ سنوات وازدادت مؤخرا مع تصاعد صور المرشحين للانتخابات.

وكانت ديالى هي المكان الذي اختارته الفصائل لتقيم الاستعراض الأخير للحشد في حزيران الماضي، الذي أظهر وجود مدرعات ودبابات وطائرات مسيرة.

ويشير المصدر الى ان “النفوذ الإيراني يمنع عودة عدد من السكان في ديالى وفي قرى في بعقوبة وناحية العبارة، في محاولة لتغيير ديموغرافي”.

ولا يستبعد السكان في ناحية العبارة، أن ما يجري في ديالى هو ضمن خلق اصطفافات طائفية جديدة استعدادا للانتخابات.

وكانت عشيرة بني تميم قد قررت على إثر الحوادث السابقة بأنها “ستقاتل تنظيم داعش والحواضن التابعة له” في إشارة إلى بعض المتعاونين مع التنظيم.

وانضمت إليها بعد ذلك عشيرة المصالحة والتي نددت بشن عمليات مسلحة في ديالى خلال شهر رمضان.

وحاولت وزارة الداخلية تهدئة غضب السكان بعد هجمات بعبوات ناسفة، لكن أثناء زيارة الوفد إلى العبارة سقطت 5 صواريخ على بعض القرى.

قرى فارغة

ويحصي مرشح جديد عن بعقوبة، أكثر من 10 قرى في ناحية العبارة خالية من السكان منذ ظهور “داعش” في 2014.

ويقول مؤيد الزيدي المرشح عن تحالف عزم برئاسة خميس الخنجر، في اتصال مع (المدى) ان “هذه القرى الفارغة تحولت إلى مناطق تواجد داعش، ومنطلقا للهجمات على القرى”.

وتقع العبارة ضمن مناطق ما يعرف بـ”حوض الوقف” وهي منطقة زراعية واسعة تضم عدة قرى في شمال شرقي ديالى.

ويرجح أن نشاط المسلحين في الحوض وراء مقتل وإصابة نحو 200 شخص في هجمات مسلحة خلال الأربع سنوات الأخيرة.

ولكن بحسب تقارير أمنية، فأن نشاط تنظيم “داعش” في العبارة قد تراجع بشكل كبير في السنتين الماضيتين، مقابل بروز فصائل مسلحة، بدأت تسيطر على الأراضي الزراعية التي تركها سكانها، وتفرض “اتاوات” على طريق الشاحنات.

ويشير الزيدي إلى أن “اغلب السكان في القرى الفارغة لم يعودوا لأنها غير مؤمنة، كما أن هناك اعتراضات من بعض القوى الأمنية على عودة الأهالي”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here