فلسفة الاختصاص القضائي العالمي والزامية محاكمة قتلة المتظاهرين بالعراق..؟ الحلقه الثانيه

فلسفة الاختصاص القضائي العالمي والزامية محاكمة قتلة المتظاهرين بالعراق..؟
الحلقه الثانيه:

بقلم
الدكتور جلال الزبيدي
أستاذ بالقانون العام

نظام الاختصاص القضائي العالمي يشكل بحق جبهة قضائيه جديده في معركة الحريات وحقوق الانسان بالعالم. خاصة وان ولايتها تسمح بمحاكمة المتهم بارتكاب جرائم تشكل انتهاك لقانون حقوق الانسان او للقانون الدولي الانساني في أي دوله يجيز قانونها الوطني بتطبيق منظومة القيم القانونيه لمبدأ الاختصاص القضائي العالمي وقامت بتوثيقها في قانونها الوطني. إن محددات هذا المبدأ القضائي العالمي كان الغرض منها سدد الشلل والترهل القضائي الذي يواكب الواقع التطبيقي للقانون والقضاء الوطني المحلي والدولي ايضآ بمختلف مسمياته.. وجدير بالاشاره انه قد تم تقنين هذا المبدأ القضائي العالمي في اتفاقيات جنيف الاربعه لعام 1949 والتي اشرنا اليها سابقآ فالاتفاقية الأولى والثانيه لجنيف 1949 تندرج وتشير الى الجرائم الجنائيه التي ترتكب خلال( النزاعات المسلحه وانتهاكات حقوق الانسان) حيث اشارت ان مثل هذه الجرائم اثناء الحروب والنزاعات المسلحه هي تلكم الجرائم الخاصه بالاباده الجماعيه والهجوم على الطائرات واختطافها والتعذيب وتجارة الرقيق والإخفاء القسري والعمليات الارهابيهالاخرى. حقيقة ان هذه الجرائم الجنائيه تقع اساسآ ضمن ولاية المحكمه الجنائيه الدوليه بلاهاي والتي كرسها قانون روما لهذه المحكمه لعام 1998والذي اصبح نافذا في2001..لكن نظام الاختصاص القضائي العالمي اكد على مسائل اكثر حيويه وجوهريه جدآ وهي التعاون والتبادل في مجال تسليم المجرمين مرتكبي هذه الجرائم ومقاضاتهم امام (دولة ثالثه) كما انه اضافة الى (المقاضاة والتسليم) اشارت هذه الاتفاقيات الى (البحث والتفتيش والأعتقال) لمرتكبي مثل هذه الجرائم ضد الانسانيه.
وعلينا ان نعيد التأكيد هنا ان مبدأ الاختصاص القضائي العالمي هو الاكثر نجاعة حاليآ لكونه عمل على سد الثغرات في بعض ممارسات البيروقراطيه الاداريه الموجوده في القضاء الجنائي الدولي خاصة في دائرة الجرائم ضد الانسانيه وجرائم الحروب والنزاعات المسلحه..
ونحن نشدد على قضية هامه وذلك في حالة تقاعس بعض الدول او تواطئها مع مرتكبي هذه الجرائم السياسيه وتهربها في تطبيق تشريعاتها الوطنيه اصبح لازمآ على الدول الديمقراطيه الأخرى والتي تحترم حقوق الانسان ممارسة التطبيق الجاد لقواعد ومبادئ النظام القضائي العالمي وفتح محاكمها للنظر في مثل هذا النمط من الخصومات القضائيه وفتح قفص الاتهام لاستيعاب مزيدآ من مرتكبي الجرائم ضد الانسانيه وجرائم الحروب والاباده الجماعيه بعيدآ عن التأثيرات والميول السياسيه والايديلوجيه.. وهنا من الضروري ان نشير إلى احصائيات الامم المتحده التي تشير لوجود 110 من الدول الأعضاء بالامم المتحده قد اقامت وكرست شكلا من اشكال المبادئ العامه للاختصاص القضائي العالمي وادمجتها في تشريعاتها المحليه لابل ان بعض الدول الاوروبيه قامت بإنشاء وحدات قانونيه متخصصه بالنزاعات الدوليه في هيئات الادعاء العام والنيابه العامه والتي تكون مكلفه بالتحقيق بجرائم الحرب والنزاعات المسلحه والجرائم ضد الانسانيه وملاحقة ومحاسبة مرتكبيها اينما كانوا وهذه طريقه وأليه قضائيه جديده للتصدي لظاهرة الافلات من العقاب والتي للاسف اصبحت سائده بشكل واضح بالعراق بعد 2003 وأيضا في العديد من البلدان العربيه الأخرى.
ومع ذلك يجب ان لا ننسى ولا نغفل ان نظام الاختصاص القضائي العالمي يتعرض إلى حملة من المعوقات والعراقيل لتعطيله وذلك تحت ذرائع سياسيه ودينيه وتحت حجية معارضته للقيم الدستوريه الوطنيه والسياده الوطنيه هدفها اساسآ هو توفير ضمانه وحمايه قانونيه للقتله والمجرمين واصحاب السوابق القضائيه من تطبيق العداله الجنائيه عليهم؟
وهنا ايضآ لزامآ علينا التوضيح ان نظام الاختصاص القضائي العالمي هو بالضروره القانونيه أجراءآ أستثنائيآ للعداله الجنائيه الدوليه فهو يجيز لدولة ثالثه ويسمح لها بالتحقيق ومحاكمة مرتكبي الجرائم الجسيمه والخطيره ضد الانسانيه حتى ولو لم تكن لهذه الدوله(الثالثه) اي صله بجنسية المتهمين او من ناحية ليس لها اي علاقه باقليمية مكان وقوع الجريمه وليست طرفآ فيها..
فمثلا نري انه تم دمج بعض الاتفاقيات الدوليه في نظام الاختصاص القضائي العالمي مثل اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984والعراق من الموقعين عليها الا انه للاسف لم يلتزم بميثاقها؟ حيث انه يمكن لضحايا التعذيب والتغييب القسري والسجون السريه تحريك شكوى قضائيه امام قضاء اي دوله اجنبيه أخرى شريطة ان يكون الجاني موجود على اراضي هذه الدوله الاجنبيه وان تكون تلك الدوله من الموقعين علي اتفاقية مناهضة التعذيب لسنة 1984 وقامت بدمجها في تشريعاتها الوطنيه..؟

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here