البرلمان العراقي وفقدان بوصلة الانتماء الوطني

البرلمان العراقي وفقدان بوصلة الانتماء الوطني

عقم عطاء مجلس النواب العراقي الحالي والتي تقتضي الانشغال بالقضايا الرئيسية للأمة وبذل الجهد للدفاع عنها في كافة المحافل الوطنية والدولية، وهو ما لا يتم إلا بالحضور في أشغال البرلمان وتحمل المسؤولية في التعبير عن انشغالات الشعب والانحياز لمصالحه وعلى مدى الدورات الانتخابية السابقة :أولها 2005 في أول انتخابات تشريعية عقب الاحتلال الأميركي للعراق انبثق عنها برلمان برئاسة محمود المشهداني الذي استقال ليخلفه إياد السامرائي. وفي عام 2010، ترأس أسامة النجيفي البرلمان الثاني الذي كان الأكثر جدلاً بسبب الخلافات العميقة بين النجيفي ورئيس الوزراء في حينها نوري المالكي، أما البرلمان الثالث فتشكل في 2014 برئاسة سليم الجبوري، والحالي واصبح محمد الحلبوسي رئيساً للبرلمان العراقي الرابع في 2018 و التي تنتهي دورته ويحل نفسه قبل الانتخابات ولم يأت بجديد وسط انتقادات أغلب الأطراف السياسية لأداء دوره التشريعي والرقابي والذي كان ضعيف فيما يتعلق بإصدار القوانين بالمقارنة مع الدورة السابقة وأن هذه المؤسسة التشريعية المهمة الميزة الوحيدة فيه قد تكررت الوجوه القديمة المرشحة اليه وسجل عجزاً واضحاً عن حل قضايا مهمة متعلقة بالتشريع والمراقبة، ورحّل الكثير من القوانين الخلافية التي فشل في تمريرها، كسابقاته الى الدورة المقبلة بسبب الخلافات السياسية والصراعات وكان عمله ناقص المهنية في الاداء واختفى خلف السفرات المكوكية التي لا جدواً منها غير البذخ وتعجيز الميزانية في مهم غير ذي جدوا والتي اصبحت تلك الزيارات وسيلة انتخابي في الاونة الاخيرة ،قبل ان تكون تقتضي مساهمة البرلمان في تفعيل دور المؤسسة البرلمانية التي هو عضو فيها وفي تنشيط النقاش السياسي بدائرته كما في عموم الوطن عبر المشاركة في الندوات الفكرية والبرامج التلفزية والإذاعية والكتابة الصحفية والمؤتمرات الدولية ذات النتج الوطني وغير ذلك من مختلف من المناسبات التي تكرس في الواقع المسؤولية السياسية للنائب وتجعل منه عضوا فاعلا في المشهد الحزبي والسياسي المحلي والوطني.

ولاشك ان الاداء الكارثي للأحزاب السلطة التقليدية والكتل في إدارة الدولة والمشاركة في البرلمان ، والتي اعترفت هي بفشلها والتي لم تأتي بشيء للمواطن المكبوت، سيجعل من الصعوبة عليها إقناع الشارع المحلي بإعادة انتخاب مرشحيها، ولذلك ستلجأ الكثير من هذه الأحزاب، ، إلى ذات الأساليب القديمة من محاولات تزوير ورشاوى انتخابية ووعود مُبالغ بها يستحيل تنفيذها، فضلاً عن أساليب جديدة من خلال التخفي وراء واجهات إصلاحية لا تريد القيام بها اصلاً لأنها ليست من مصلحتها القيام بها، ولم يخطوا البرلمان اي خطوة الى تلافي الأخطاء التي ارتكبتها البرلمانات السابق وتصحيح مساره وبسبب الكثير من المتغيرات الكبيرة و التي لم يختبر البرلمان بها في الواقع، من الواضح أن الأحزاب التقليدية اليوم تشعر بفقدانها الاطمئنان القديم وتزعزعُ الثقة احتفاظه بالسلطة ومضمونه فاقد اوتوماتيكياً عكس ما كان في السابق ، لأنه هناك إمعان منهم نهجهم وصراعاتهم على المواقع السلطوية ومنافعها المادية. وابقاء قضية الوطن في حسابات مؤجلة ولم نرى ضوءا في نهاية النفق يكشف عن تغيير حقيقي فيه اذا لم يكن اكثر انزوءاً وانطواءاً وكان بعيداً عن ارادة الشعب وآماله وفشلاً في تحقيق المشاريع التي يتم من خلالها معالجة المشاكل التي اصبحت معلقة من دورة الى دورة اخرى ، كي يتم اثارت الكثير من الجدل بشأن نزاهة الانتخابات القادمة في بلد يعاني من “فساد مستشرٍ على نطاق واسع”، وفق تقارير دولية والصورة الكالحة التي ظهر بها المجلس خلال السنتين الحاليتين تعكس مدى عدم المسؤولية التي تميزت بها اكثر اعضائه ولا تزيد عدد جلساته لمناقشة القوانين” المهمة ” والمصيرية والتي لم تأتي بنتيجة عن عدد أصابع اليد الواحدة واخيراً صوت خلال جلسته على حل نفسه في تاريخ 7 / 10 / 2021، على أن تجرى الانتخابات في موعدها 10 / 10/ 2021 وفق نص المادة المادة 64 من الدستور العراقي على أنه “لمجلس النواب القدرة على حل نفسه بناءً على طلب من ثلث أعضائه، أو من رئيس الوزراء بموافقة رئيس الجمهورية. وبعد حل البرلمان يقوم رئيس الجمهورية بالدعوة إلى انتخابات عامة في البلاد خلال مدة أقصاها 60 يوما تمهيدا لإجراء انتخابات مبكرة بعدها بثلاثة أيام. وتعد الحكومة بعد هذه التاريخ في الحال مستقيلة، وتقوم فقط بممارسة تصريف الأعمال. في الحقيقة إن التجربة الديمقراطية في العراق اضحت مشلولة بحاجة إلى اعادة النظر في ادائها وانتكاستها والعمل على خلق مؤسسات مدنية يتم تأسيسها من جديد وفق الأطر السليمة على ان تتولى رصد أداء المؤسسة التشريعية وتوثيق هذا الأداء توثيقا محايداً يمكن أن يتخذه المراقبون للشأن العراقي مرجعية يستندون إليها ولبنة اساسية لمشاريع القوانين وقراءتها و بناء قاعدة بيانات تشمل المعلومات والإحصاءات التي تتعلق بالعمل النيابي العراقي تكون بمتناول يد المختصين والباحثين والإعلاميين، يتم من خلاله رسم خارطة طريق لتجنب الكوارث التي تحيق بالبلاد. و تتجلى مستويات مناسيب الجرعة الوطنية لدى كل كتلة سياسية،و تظهر مدى حرصها على المصالح الوطنية العامة للشعب العراقي قبل المصالح الذاتية، مذهبية كانت أم عرقية.

عبد الخالق الفلاح

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here