جرافيك __ قصة قصيرة

جرافيك __ قصة قصيرة

كان وجه جدتي غائما ينذر بالمطر، جمعت امتعتي و البستني حقيبتي المدرسية، و أنا اراقب تضاريس وجهها بحذر، عندما سألتها عن ذلك الوشم أسفل الفم، قالت: هي من العادات القديمة… يقولون أنها تجلب للفتاة الزينة و الحظ الجميل، لكن الحظ غادرها منذ زمن طويل.
نظرات معلمتي تطاردني بشراسة، قالت لي: انا اثق بك، لهذا رشحتك للمسابقة، ومنذ ان شاركت بلوحتي و علامات غضبها يطفو على السطح، تتظاهر بإجراء مكالمة هاتفية، لكن اصابع يديها و حركة أقدامها و هي تضرب البلاط بكعبها العالي، لاحظها الجميع، اقتربت مني و همست في أذني: ما هذه اللوحة الغريبة الأطوار، ستكونين سبب خسارتنا، لم اكن أعلم أن المسابقة مهمة بهذا القدر الذي حضر فيه كل المسؤولين، و رغم ان عمري لم يتجاوز العاشرة، الا أنني لست خائفة، سقتني الحياة كل أنهار الحزن و ينابيع الدموع، حتى النجوم حفظتها عن ظهر قلب، و انا أتحدث مع أبي كل مساء، اقتربت المسابقة من النهاية، و الجميع يقف امام لوحتي، يتحدثون فيما بينهم، كان علي ان ابحث عن شخص لديه خبرة في الفوتوشوب، متمرس و حاذق في تزييف الحقيقة او مصمم جرافيك ماهر، يصنع من وجهي الحزين ابتسامة جميلة، و لطالما تحدثت مع نفسي و خاطبت الله كثيرا، و قلت يارب ماذا لو وفرت لنا قطع غيار كثيرة، مثلما نصنع الأدوات الاحتياطية للقطارات و السيارات القديمة، و نعيد لها البهجة و السرور، لا أعرف كيف مضى الوقت، كنت خائفة من توبيخ معلمتي و أنا أهديها الفشل، بعد ان شارف المهرجان على النهاية، نادى باسمي عريف الحفل معلنا فوزي في المسابقة، استلمت الجائزة و سط تصفيق حار، تذكرت وجه جدتي الذي غير الحزن ملامحه، و قبل ان أغادر المنصة، قال المشرف المسؤول عن المسابقة: جميل جدا و انت في صغرك تبدعين، اشرحي لي لماذا هذا الشخص لديه أكثر من رأس؟
حينها سالت دموعي وقلت: أبي عاد من المعركة من دون رأس و أنا ارسم له رأس و رأسين و ثلاثة، لعلي اعيد له ابتسامته.
حيدر الهاشمي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here