عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الثَّامِنةُ (١٨) [التستُّرُ بالمُقَدَّسِ]

عْاشُورْاءُ

السَّنَةُ الثَّامِنةُ

(١٨)

[التستُّرُ بالمُقَدَّسِ]

نــــــــــــــــــــــــــــزار حيدر

وهو أَخطر أَنواع التستُّر الذي يلجأ إِليهِ الدجَّالُونَ من الحكَّام على وجهِ التَّحديد، ولذلكَ تكونُ نتائجهُ كارثيَّة على المُجتمع.

والمقصودُ بالمُقدَّس هُنا هو الدِّين الذي يتستَّر بهِ الفاسدُونَ والفاشلُونَ والمُنحرفُونَ من سياسيِّين وزُعماء أَحزاب وقادة.

إِنَّ الدِّين بما يمثِّل من قِيم ومناقبيَّات وأَخلاقيَّات ومُثُل ومبادئ وارتباط بالسَّماء والغيبِ يُشكِّل قِمَّة المُقدَّسات للإِنسانِ، ولذلكَ فإِنَّ التستُّر بهِ لخداعِ الرَّأي العام يُمثِّلُ خطراًعظيماً يُبرِّر كُلَّ رذيلةٍ وحرامٍ وجريمةٍ وانحرافٍ.

وهوَ [التستُّر بالمُقدَّس] أَمرٌ يلجأُ إِليهِ السُّلطَويُّونَ المُتعطِّشُونَ لدماءِ الأَبرياءِ من أَجلِ تثبيتِ دعائمِ سُلطانهِم وتخفيفِ حدَّة التَّناقُض بينَ المُثُل العُليا التي يتغنَّون بها والواقعالمُر الذي يعيشهُ المُجتمع.

فلقد لجأَ إِليهِ قائِد جيش الأَمويِّين في كربلاء عُمر بن سعدٍ في عاشوراء عام ٦١ للهجرةِ عندما أَرادَ أَن يُحفِّز المَرَدة لقتالِ سبطِ رسولِ الله (ص) وسيِّدِ شبابِ أَهلِ الجنَّةالحُسين بن عليِّ (ع) بقولهِ [يا خيلَ الله اركبي وبالجنَّةِ أَبشرِي].

تمعَّنُوا في قولهِ فستجدُونَ أَنَّ فيهِ قِمَّة التستُّر بالمُقدَّس، فالخيلُ هي خيلُ الله تعالى، والهدفُ، كما يدَّعي هو الجنَّة، وكيفَ يتحقَّق ذلكَ؟! بقتلِ رَيحانةِ رسولِ الله (ص)!.

أَيَّ تستُّرٍ هذا؟! وأَيَّ تضليلٍ؟! وأَيَّ استخفافٍ بالعقُولِ؟!.

إِنَّ التستُّر بالدِّين هو العُنصر الأَخطر الذي يُنتج عِبادة الشخصيَّة وصِناعة الأَصنام التي تُعبد من دونِ الله تعالى.

وهو الذي يُسقط القُدرة على التَّفكير التي هيَ بمثابةِ الجَوهر الذي خلقَ الله تعالى عبادهُ من أَجلهِ، فبالتَّفكر يحيا عقلُ الإِنسان وبهِ يفهم الأُمور ويُميِّز بينَ الصَّح والخطأوبينَ الحقِّ والباطل، وبهِ ينمُو ويتقدَّم ويتطوَّر، ولذلكَ وردت الآيات الكريمة التي تحثُّ على التَّفكيرِ والتفكُّر كما في قَولهِ تعالى {فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} و {إِنَّفِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} و {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}.

إِنَّ التستُّر بالمُقدَّس [الدِّين] يُلغي كلَّ ذلكَ لأَنَّ النَّاسً عادةً يُخدِّرها [الحديث الدِّيني] المُزيَّف وهي لا تُناقش بالدِّين ولا تُجادل بالنَّص عندما يستشهد بهِ الحاكِم، رغبةًبعطاءاتهِ أَو رهبةً من سَوطه، لا فَرق.

إِنَّهُ يُلغي شخصيَّة الإِنسان.

لذلكَ مارسهُ كُلَّ الطُّغاة لتبريرِ سلطانهِم الجائر وظُلمهِم وحروبهِم العبثيَّة من فرعَون الذي قال {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ} ليُلغي شخصيَّة المُجتمعِ بقَولهِ {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَاأَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} وإِلى الطَّاغية الذَّليل صدَّام حسين الذي سمَّى نفسهُ [الرَّئيس المُؤمن].

وما [العِصابة الحاكِمة اليَوم مِنَّا ببعيدة!.

إِنَّ المُتستِّر بالدِّين دجَّالٌ بِلا جِدالٍ، فالإِمامُ والمُصلحُ والصَّادقُ بشعاراتهِ لا يحتاجُ إِلى أَن يتستَّرَ بشيءٍ.

وإِلى ذلكَ أَشارت عقيلة الهاشميِّين زَينب بنت عليٍّ (ع) عندما خاطبت الطَّاغية عُبيد الله بن زياد في مجلسهِ بالكوفةِ بقولِها {إِنَّمَا يَفْتَضِحُ الْفَاسِقُ، وَ يَكْذِبُ الْفَاجِرُ، وَ هُوَغَيْرُنَا}.

فالصَّادقُ يعتمدُ على عملهِ الصَّالح وإِنجازهِ النَّاجح الذي يخدم بهِ المُجتمع، فهوَ ليسَ بحاجةٍ إِلى أَن يتستَّر بالمُقدَّس لتذكيرِ النَّاسِ بأَعمالهِ الصَّالحة.

اللُّصُّ والدجَّالُ والفاسِدُ والفاشِلُ والذي يريدُ تضليلَ النَّاسِ ليأُكلَ رزقهُم هو الذي يلجأ إِلى التستُّر بالمُقدَّس لإِلفاتِ نظرِ المُجتمع إِلى شيءٍ فيما يعملُ هو النَّقيض مِن ذلكَلسرقتهِم.

إِحذرُوا المُتستِّرينَ بالمُقدَّس فسيزدادُ ويتَّسع سوقهُم هذهِ الأَيام ونحنُ مُقبلُونَ على إِنتخاباتٍ نيابيَّةٍ جديدةٍ.

عندَ اختيارِ المُرشَّح لمنحهِ صوتكَ الإِنتخابي، دقِّق في سجلِّهِ الوظيفي ورصيدهِ الشَّخصي من نزاهةٍ وخبرةٍ وإِنجازٍ ونجاحٍ.

ودونَ ذلكَ أَجِّلهُ حتَّى لا تمنحهُ فُرصة التستُّر بالمُقدَّس.

٢٨ أَيلول ٢٠٢١

لِلتَّواصُل؛

‏Telegram CH; https://t.me/NHIRAQ

‏Face Book: Nazar Haidar

‏Skype: live:nahaidar

‏Twitter: @NazarHaidar2

‏WhatsApp, Telegram & Viber: + 1(804) 837-3920

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here