الصمت المطبق على الشر والظلم الطويل = تطاول وغطرسة وعويل !

الصمت المطبق على الشر والظلم الطويل = تطاول وغطرسة وعويل !

احمد الحاج

عندما سكتت الجزائر ردحا طويلا من الزمن ولم تشرع بمطالبة فرنسا لتعويضها عن كل ما لحق بها من جرائم ودمار وخراب طيلة اكثر من 130عاما متواصلة من احتلال فرنسا للجزائر الحبيبة بعد حادثة المروحة الشهيرة ، ما تسبب بسقوط اكثر من 6 ملايين شهيد واضعافهم من الارامل والايتام والجرحى والمهجرين والنازحين والمعاقين نفسيا وجسديا ، وعندما صمتت الجزائر شعبا وحكومة على فرنسا التي حولت ارضها الى ميدان لتجاربها النووية التي بدأت في شباط من عام 1960 بعملية اطلق عليها ديغول اسم (الجربوع الازرق ) واستهلت بتفجير قنبلة بلوتونيوم اعقبها 16 تفجيرا نوويا في الصحراء الجزائرية هي السبب الرئيس بأنتشار السرطانات الفتاكة بأنواعها بين الجزائريين وعلى مدار 60 عاما وحتى كتابة السطور ، وعندما استولت فرنسا الاحتكارية على عشرات المصانع والمصالح والثروات والخيرات الجزائرية مقابل فتات يلقى للذيول من دون ان ينبس احد ببنت شفة ، بدأ التطاول العكسي ، لأن الصمت الطويل وغير المبرر على جرائم فرنسا النكراء في الجزائر تسبب بتفكيك الذاكرة واضعافها تدريجيا وصارت فرنسا تدريجيا وبناء على ما يروجه افراخها واذنابها بمرور الايام – ماما حنينة …ام الثقافة …ام الرومانسية …ام الفنون …ام الفكر ..أم الجمال ..ام اللغة الرسمية في الجزائر العربية !!- على المستوى الداخلي والخارجي وباتت فرنسا صاحبة ابشع استدمار على وجه الارض هي من تطالب الجزائر بالاعتذار عن بغضها لفرنسا ومطالبتها بطي صفحة الماضي والكف عن التحريض ضدها مع حثها على اعادة كتابة التأريخ ، وليس العكس بما يصدق عليه قول البغادة في امثالهم الشعبية ” فوك الحمل ..علاوة ” ..أو ” نزل ويدبك على السطح ” ولكم ان تتصورا حجم الذل والهوان والخيبة والخذلان الذي وصلنا اليه ؟!!
.ولعل تصريحات أخس مخلوق على سطح الكوكب، بابا نويل سباكيتي معكرون ، رضيع وربيب والابن المدلل لمصارف آل روتشيلد ، زوج حفيدتهم الشمطاء يخرج علينا بتصريحات صادمة للغاية خلاصتها وكما ورد على لسانه لصالح صحيفة لوموند الفرنسية قبل أيام قائلا ” هل كانت هناك أمة جزائرية قبل الاحتلال الفرنسي؟ لقد كان هناك استعمار قبل الاستعمار الفرنسي…إن التاريخ الرسمي للجزائر أعيدت كتابته بشكل كامل ، وهذا التاريخ لا يعتمد على الحقائق، بل على الضغينة التي تُكنها السلطات الجزائرية نحو فرنسا!!” .
وعلى الجزائريين اليوم ليس التظاهر والاعتصام والاحتجاج فقط في كل من فرنسا والجزائر على سواء – لا ، فهذا الاسلوب صار اعتك من الباميا ، واقدم من اليخني بما يمكن احتواؤه بمباراة كلاسيكو واحدة لكرة القدم لتجد الجماهير كلها وقد تركت ساحات التظاهر وميادين الاعتصام متفرغة لمتابعة الساحرة المستديرة فوق المستطيل الاخضر -وانما المطلوب هو رفع الاف الدعاوى دفعة واحدة في كل المحاكم وفي جميع المحافل العربية والدولية ضد رؤساء فرنسا وحكوماتها المتعاقبة طيلة فترة الاستدمار الغاشم ..المطلوب رفع دعاوى مماثلة بالالاف في المحاكم الدولية ضد فرنسا على خلفية التجارب النووية التي لوثت تراب وماء وهواء الجزائر …رفع دعاوى ضد الجيش الفرنسي – جيش بريجيت باردو – بسبب الجرائم والمذابح والمجازر البشعة التي ارتكبت بحقهم بدم بارد وعلى مدار عقود طويلة …قطع العلاقات مع فرنسا فورا وطرد السفير الفرنسي مذموما مخذولا …ايقاف عمل الشركات الفرنسية الاحتكارية في الجزائر طيلة الفترة الماضية واستبدالها بأخرى تركية ، او صينية ، أو تأميم هذه الشركات الفرنسية فورا وهذا هو الخيار الوطني الامثل ولاريب….منع دخول الفرنسيين الى الاراضي الجزائرية ومقابلة تصرفهم بمنع الجزائريين من دخول فرنسا بالمثل ….منع الطيران الفرنسي من التحليق في الاجواء الجزائرية ، اغلاق الملحقيات والقنصليات العسكرية والثقافية والمدارس والجامعات الفرنسية في عموم الجزائر …اطلاق اكبر حملة للتعريب في تأريخ الجزائر نكاية بماكرون وامثاله من الحاقدين ….منع ترشح وترشيح اي نائب ووزير يحمل الجنسية الفرنسية اطلاقا …اقامة عشرات المعارض للصور والرسوم والتشكيل وانتاج وعرض عشرات الافلام الوثائقية والتسجيلية ، علاوة على المسلسلات الاذاعية والتلفزيونية الدرامية التأريخية ، اضافة الى اصدار عشرات الكتب والمؤلفات التي توثق جرائم فرنسا بالصور والخرائط والاحصاءات والارقام لإعادة شحن الذاكرة الجزائرية التي اصيبت بمرض النسيان لاسيما لأجيال البوب جي ، وحليب الكيكوز ، والسيريلاك ..والتيك توك !
المطالبة بعقد قمة عربية طارئة ، واخرى اسلامية ، وثالثة افريقية وان كانت بمجموعها لا تجدي نفعا لأن ( نفس الطاس ونفس الحمام ) الا أن الغرض منها هو إحياء الذاكرة التي ضعفت،شحن الهمم التي خارت،تغذية الارادات التي هزلت،اذكاء جذوة الحماس التي خبت ،تسليط الاضواء الكاشفة على الحقائق التأريخية التي اندرست أو شوهت، وتحت عنوان جامع مانع ( كي لاننسى جرائمهم ) والاهم من ذلك كله هو مقاطعة جميع البضائع الفرنسية بما فيها الادوية والاغذية والاكسسوارات والسيارات والتحول الى بدائل اخرى فورا فضلا عن تشجيع المنتج الوطني والبدائل المحلية ، على ان تكون دعوة المقاطعة الاقتصادية تلك – عربية ،اسلامية، افريقية – وليست جزائرية فحسب لننشط الذاكرة التي اصيبت بالزهايمر ، وتعدل الميزان المعوج ، ونقيم البوصلة التي حرفت عن وجهتها الصحيحة قبل ان يظهر لنا معركون وامثاله ليطالبوننا نحن بتعويضهم ماديا ومعنويا واخلاقيا وشكرهم عن استدمارهم الغاشم والظالم الطويل لنا ، كما حدث ويحدث في كل مكان حاليا !
ولي في الاحتفالات بالاعياد الوطنية ( بمناسبة الاستقلال والتخلص من الاحتلال والانتداب العسكري المعلن فقط مع بقاء الاحتلال الاقتصادي والسياسي والثقافي والفكري لنفس المحتل ) وجهة نظر شخصية ولكن بخلاف المألوف ، نعم أعلم يقينا بأن العطل الرسمية وشبه الرسمية والبين بين في دول العالم – النائم -ولا اقول النامي ،ودول العالم – اللاهث – ولا اقول الثالث ، تبهج قلوب من ادمنوا – البطالة المقنعة والشخير وقلة الانتاج والنوم الى الضحى نهارا والسهر حتى مطلع الفجر ليلا – واعلم انها تسرهم أيما سرور ، وتسعدهم ايما سعادة ، مع ان السنة في الوطن العربي عامة وفي العراق خاصة معظمها عطل رسمية وشبه رسمية علاوة على حظر تجوال بسبب كورونا ، او من جراء الانتخابات ، او على خلفية ارتفاع درجات الحرارة فوق الخمسين صيفا ،وبسبب الأمطار الغزيرة وطفح المجاري وغرق الشوارع والقرى والمدن شتاءا ، واعلم يقينا بأن الدول التي تكثر عطلها لاتقيم وزنا لنهضتها ولا لإنتاجها وتعيش على الاعانات والمساعدات والقروض الربوية الاجنبية ولو كانت كالعراق تمشي على ارض من الذهب ، الا ان الذي افهمه واستسيغه من وجهة نظري الشخصية وقد تكون بخلاف – السمك المسكوف – عفوا العرف المألوف ، هو أن يكون الاحتفال بالعيد الوطني في كل مكان من ارجاء الوطن العربي لاسيما في العراق بذكرى انتهاء – الاستلاب – البريطاني عليه في 3/ 10 / 1932 ودخول العراق في عصبة الأمم المتحدة كأول دولة عربية مستقلة ، انما يكون بالدوام وزيادة الانتاج وليس بسن عطلة رسمية جديدة تضاف الى عشرات العطل أمثالها طوال العام ،لتتعطل فيها المصالح وينام المواطنون الى الظهيرة ويشخرون، ومن ثم الى المتنزهات والمولات والمقاهي جماعات يسيرون ، وفي الاسواق ومدن الالعاب يتسكعون ..المفترض ان يتم الاحتفال بنهاية الاحتلال الذي سبق له ان اوقف عجلة النهوض وعطل عملية الانتاج ونكاية به بالعمل على زيادة الانتاج وبدوام رسمي شبه كامل تخصص الساعة الاولى منه وبعموم الدوائر الرسمية والمؤسسات والمصانع الحكومية للاحتفال بالمناسبة احتفالا مهيبا تلقى خلاله الكلمات الوطنية والقصائد الحماسية ويتم تبادل التهاني و التبريكات وتوزيع الحلوى وعزف النشيد الوطني ورفع الاعلام العراقية في ذات الوقت الذي تجوب فيه المسيرات الجماهيرية الحاشدة الشوارع والميادين هاتفة ضد الانتداب وتقام فيه المعارض الفنية ” صور + رسوم ” وتعرض خلاله الافلام الوثائقية والتسجيلية التي توثق وتستعرض بمجملها بشاعات الاحتلال وما قامت به بريطانيا في العراق طيلة وجودها غير المرحب به فيه ، ليترسخ بغض الاحتلال وكرهه ايا كان صنفه ، ونوعه ،وعنوانه ،بين الناس ، ذاك ان تثقيف الجماهير السنوي ببغض – الاستدمار -وترسيخ هذا البغض في عقولهم وقلوبهم سيحول بينهم وبين الترحيب والتهليل ورفع الزهور أو طلب المعونة بوجه -استدمار- آخر ربما سيرسل تبريكاته وتهانيه وباقات زهوره عن طريق مبعوثيه وسفرائه الى المحتفلين بذكرى نهاية – الاستلاب – البريطاني الاول قبل 89 عاما خلت ، مع بقاء – الاستلاب – الثاني ربما لـ 89 عاما مقبلة ..لماذا ؟ لأن الاحتفال الوطني بنهاية الانتداب البريطاني البغيض على العراق بدأ بكلمة للملك فيصل الاول رحمه الله تعالى لم يتحقق منها الا النزر اليسير الظاهري جاء فيها “اذهبوا بين إخوانكم وانشروا عليهم كلماتي هذه ، إنني وبلادي مستقلون ، لاشريك لنا في مصالحنا ولارقيب علينا بعد دخولنا عصبة الأمم إلا الله سبحانه وتعالى ” مضيفا ، إن ” شعبي ليقدر هذا القرار من قبل المجلس حق قدره ،ويعده اكبر مشجع له على السير في سبيل التقدم !” جميل جدا جناب الملك الراحل ، ولكن هل ياترى قد تحقق شيء ولو بالحد الادنى مما قاله الملك فيصل الاول ، وخلاصة كلمته بعد تفكيكها بمعادلة رياضية “العراقيون مستقلون + لاشريك لنا في مصالحنا+لارقيب علينا + السير في سبيل التقدم = خبز ، حرية ، عدالة اجتماعة ، قوة اقتصادية ،ثورة زراعية ، فورة صناعية ، نهضة تجارية ،قفزة علمية ،وثبة صحية ، ثروة مالية ، لامكان فيها للقواعد العسكرية الاجنبية ولا للشركات ولا الشراكات الاحتكارية ، فهل تحقق شيء من ذلك كله على ارض الواقع ؟! ” انها وجهة نظر شخصية جدا ولكن بخلاف المألوف واعلم تماما بأنها ستزعج عشاق -المخدة والخدة – وكل من لم يعد لنهضة بلاده وزيادة انتاجها وتحليقها عاليا الى أفق أرحب …عدة !
سيقول قائل “ولكن الدول الصناعية العظمى بدورها تعطل دوامها بأعيادها الوطنية ايضا ” واقول ” لسان الحق سبق ..لقد قلت بأنها صناعية +عظمى، بمعنى أن ساعات عملها – الحقيقية وليست المقنعة – تتراوح بين 8 – 12 ساعة يوميا وبلا توقف ، واحيانا تمتد الى 16 ساعة من العمل الجاد والمثمر والمتواصل كما في اليابان والصين وكوريا الجنوبية،أما عن عدد اعيادها فلاتتجاوز اصابع اليد الواحدة في كل عام ،كل ذلك بخلافنا نحن وديدننا هو بين كل عطلة وعطلة ..عطلة ! اودعناكم اغاتي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here