المنافسة الانتخابيَّة تنعش عمل المطابع المحليَّة

المنافسة الانتخابيَّة  تنعش عمل المطابع المحليَّة

 نافع الناجي … علي الغرباوي
يمثل الموسم الانتخابي فرصة فريدة لا تتكرر إلا مرّة واحدة كل اربعة أعوام، لزيادة الإيرادات الماليَّة وتعويض الخسائر لأصحاب المطابع والمهن المتعلقة بها، وهؤلاء بدورهم كشفوا عن أن ما يتم جمعه من المال خلال شهر أو اثنين في ذروة الدعاية الانتخابية، يفوق إيراداتهم لبقية أيام العام بأكمله.
ومن المعلوم أنَّ المطابع بأنواعها تختص بتصميم وتنفيذ الملصقات الدعائية ولوحات (الفليكس) والبروشورات (فلايرز) والبوسترات التي قد تختلف بأحجامها وأعدادها وألوانها، بحسب رغبة المرشحين وحجم أموالهم المنفقة. لكنَّ اللافت في هذه الدورة الانتخابيَّة أنَّ بعض المرشحين بادروا لشراء خطوط طباعيَّة خاصة بهم، كي يطبعوا دعاياتهم الانتخابية كما يحلو لهم ولتوفير الأموال التي يدفعونها للمطابع.
أموال ضخمة للدعايات
لم يحدد قانون الانتخابات العراقي، سقفاً مالياً لما ينفقه المرشحون في حملاتهم الانتخابيَّة، ما يعني السماح بإنفاق مبالغ كبيرة في صنع لافتات دعائيَّة أكبر حجماً وأكثر عدداً من لافتات المنافسين الآخرين، ومن هذه النقطة تبرز حدة التباين وعدم تساوي الفرص بين المرشحين، فبعضهم ينفق مليارات الدنانير بسبب اعتماده على أحزاب مقتدرة مالياً في تمويل دعاياته وحملته الانتخابيَّة، بينما يكتفي البعض الآخر بصور متواضعة الحجم وحملات ترويجيَّة فقيرة تعتمد على الإمكانيات الذاتية، لا سيما المرشحون المستقلون.
وذكرت إحدى الجهات التي ترصد الحملات الانتخابية في العراق، أنَّ إجمالي أموال الدعايات الانتخابيَّة التي أنفقت خلال الانتخابات البرلمانيَّة الماضية فاقت خمسة مليارات دولار.
انتعاش المطابع
فعلى غير العادة من بقية أوقات العام، ينشط عمل المطابع أيام الدعاية الانتخابيَّة بشكل ملفت للنظر وبكثافة تفرحهم، ويصبح المرشحون لدخول البرلمان العراقي هم أصحاب الحظوة والقدح المعلّى عند أصحاب المطابع، حيث تحجز خطوط الإنتاج خصيصاً لهم وترفض أية أعمال طباعية أخرى لا صلة لها بالانتخابات، حسب ما ذكره الطبّاع جاسم فيصل الذي أوضح لـ”الصباح” أن “مطابعنا التي يعلوها الصدأ وتوقف الحال خلال شهور، تعود عجلاتها للدوران وتصيبنا انتعاشة طيبة و(بحبوحة) مالية بسبب إقبال المرشحين للانتخابات لطبع دعاياتهم وصورهم بأحجام ومقاسات مختلفة”.
ويضيف “المرشّحون معروفون لدينا فهناك المرشّح المستند على حزبٍ ذي ثقل، تكون لوحاته الإعلانية بمقاسات تغطي واجهة متجرٍ كبير أو عمارة شاهقة يصل بعضها الى 30 أو 40 متراً، أما المرشح المغمور ذو الإمكانيات المتواضعة فهو يطلب لافتات لا تتجاوز مترين أو ثلاثة أو خمسة أمتار في أفضل الحالات”.
بازار إعلاني
ومع تصاعد وتيرة الحملات الدعائية للمرشحين في مدن ومحافظات البلاد تزداد أعداد الصور والملصقات الانتخابية بمختلف أحجامها وألوانها وتنوع تصاميمها التي تغازل الذائقة البصرية للمواطن بشكل يغيّر من ملامح الشارع نفسه، ما يعكس سعي المرشحين للفت انتباه الناخبين بشتى الوسائل الدعائية، من خلال الاستئثار بمواقع متميزة في أماكن حيوية لوضع إعلاناتهم. ومع هذا الكمّ المتصاعد من الملصقات في الشوارع فإنَّ للناخب رأياً آخر، إذا يقول المواطن كريم زغير: “ما يهمّني في المرشح برنامجه الانتخابي وهل يتسم بالواقعيَّة أم بتكرار الأحلام الوردية التي سمعناها مراراً”، مضيفاً “ضخامة أحجام الصور واللافتات لا تعني بالضرورة كفاءة المرشح، لكنها تعطي دليلاً قطعياً عن إمكانية الحزب أو الكيان الذي يدعمه وهؤلاء معلومة مصادر تمويلهم”.
تأخير مبرّر
وبالرغم من أنَّ الحملات الدعائية للمرشحين ابتدأت منذ مطلع تموز الماضي، إلا أنَّ الدعايات الانتخابيَّة لم تظهر بشكلها الواضح للعيان في الأماكن العامة إلا في وقتٍ متأخر، وهذا الأمر يعزوه البعض الى مخاوف المرشحين من تأجيل الانتخابات أو تحسباً للتقلّبات الجوّية، ما قد يتسبب بخسائر مالية لهم.
واللافت في هذه الدورة الانتخابية التوسع الكبير في الاستفادة من الترويج عبر مواقع التواصل الاجتماعي مثل الإعلانات المموّلة وكذلك استخدام بعض التطبيقات الواسعة الانتشار مثل التليغرام ومجموعات الواتساب وغيرها.
مرشحون أم طبّاعون؟
أربعة أعوامٍ ينتظر فيها أصحاب المطابع أنْ يحلّ عليهم موعد الانتخابات الذي من المفترض أنَّه يدر عليهم بالعمل والرزق الوفير، لتعويض خسائرهم وكساد مطابعهم خلال السنوات الماضية، لا سيما التي تزامنت مع تقشف أجهزة الدولة، لكنَّ بعض معطيات العملية الانتخابيَّة قد تغيّرت خصوصاً في هذه الدورة الانتخابيَّة.
فبعدما كان المرشحون يعتمدون على أصحاب المطابع في طباعة إعلاناتهم وملصقاتهم الدعائيَّة، بادروا لمنافسة أصحاب المطابع بشراء آلات وخطوط إنتاج طباعيَّة حديثة مؤخراً، تستخدم فقط في هذه الفترة الوجيزة قبيل الانتخابات في طباعة عدد من المنشورات الدعائية الخاصة بهم. وبما أنَّ بعض السياسيين نهّازون للفرص ولا تفوتهم فائتة، فقد استوردوا ماكنات طباعة تتراوح أثمانها ما بين (30 الفاً الى 60 ألف دولار) للماكنة الواحدة بحسب جودتها وطاقتها الإنتاجيَّة، بحسب ما أخبرنا الطبّاع خضير الحيالي، الذي أوضح لـ”الصباح”، أنَّ “بعض المرشحين تمكّنوا من شراء مطابعهم الخاصة وحرموا آلاف الأيدي العاملة بهذا المجال من رزقهم”، مضيفاً “اعتدنا من هؤلاء أنهم يفكرون بالبقاء الراسخ وعدم إهدار الفرص، وهذه الخطوة تؤكد نيتهم البقاء في البرلمان لدورات عديدة لذلك اشتروا ماكنات طباعة تقوم بطباعة إعلاناتهم الانتخابيَّة لحسابهم الخاص”.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here