تحشيد رسمي وسياسي وديني للمشاركة في اقتراع اليوم

حتى قبل ساعات قليلة من انطلاق الانتخابات العامة، تتواصل مساعي القيادات الرسمية والسياسية والدينية في العراق، لدفع أكبر عدد ممكن من الناخبين للادلاء باصواتهم اليوم الاحد.

وخلال الاسابيع الماضية تنوعت وسائل الحث على المشاركة حتى وصلت، الى الاعلان في 26 أيلول الماضي، عن مكافأة خاصة لكل ناخب يتسلم بطاقته البايومترية.

وبينت مفوضية الانتخابات حينها أن عدد البطاقات الانتخابية غير المستلمة هو مليونان و663 ألفا و675 بطاقة.

وأكد مختصون ان عدم تحديث البيانات ورفض استلام البطاقات وكذلك الدعوات للمقاطعة تعود الى عدم ثقة المواطنين بالانتخابات وامكانية احداث تغيير عبرها، وكذلك التشكيك بأجواء اجرائها في ظل السلاح المنفلت وهيمنة المال السياسي، وأكدت باحثة ان ضعف المشاركة الشعبية سينتج حكومة فاقدة للمصداقية.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي بهاء خليل أن أسباب عزوف الناخبين في العراق تعود إلى: “أزمة الثقة بين السياسيين والمواطنين، لأن العراقيين مروا بتجارب انتخابية عديدة في السنوات السابقة، وفي كل مرة يشاركون من دون لمس نتائج تغيير حقيقية في واقع البلاد، حيث لم يروا تحسنا في الجوانب السياسية أو الأمنية أو الصحية أو التعليمية وغيرها”.

ويفسر خليل عدم استلام المواطنين بطاقاتهم البايومترية بانعدام الثقة، “حيث أصبح كثير من الشعب العراقي غير مؤمن بالعملية السياسية” كما يقول.

وحول نسبة المشاركة في الانتخابات المرتقبة يقول خليل إن ذلك يعتمد على جمهور الأحزاب التي يمكن أن تضغط على المواطنين من خلال المال السياسي والسلاح المنفلت، مرجحا ألا تتجاوز نسبة المشاركة مستوى 30‍% من إجمالي من يحق لهم التصويت.

من جانبها، تقول مارسين الشمري، الباحثة في مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة هارفارد، إن “هناك مشكلة أكبر من مشكلة رفض استلام العراقيين لبطاقة الناخب البايومترية، ألا وهي رفض التسجيل والمشاركة في الانتخابات، لأنهم لا يشعرون بأن العملية الانتخابية ستكون بوضع آمن للناخبين أو المرشحين المستقلين عن الأحزاب السياسية المهيمنة في البلاد”.

وتنوه الشمري إلى أن “الشعب العراقي يشعر بأن التغيير أصبح صعبا في الفترة الحالية، وأن هناك جهات مسيطرة على وضع البلاد، فلا يرون بأن هناك جدوى من المشاركة في الانتخابات، لأنها ستعيد نفس الشخصيات ونفس الأحزاب إلى حكم البلاد”.

وتشير إلى أن “الحكومة العراقية حاولت جاهدة تحفيز الشعب على تحديث بيانات البطاقة وكذلك على استلامها والمشاركة في الانتخابات، حتى كانت هناك مساع لتحويل بطاقات الناخبين إلى مستمسك رسمي يستخدم في معاملات حكومية أخرى غير الانتخابات، لكن جزءا كبيرا من الشارع العراقي فقد الأمل من الانتخابات”.

وشددت الشمري على أهمية دور المرجعية الدينية والأمم المتحدة في تشجيع الناس على المشاركة بالانتخابات، محذرة من أن ضعف المشاركة الشعبية سينتج حكومة فاقدة للمصداقية، ما قد يؤدي إلى احتجاجات شعبية كبيرة، أو قد يؤدي إلى فراغ أمني أو مشاكل سياسية أخرى.

ورغم إقرار المكافأة المالية من قبل الرئاسات الثلاث أثناء الاجتماع الدوري مع مفوضية الانتخابات، إلا أنها لم تفصح حتى الآن عن مقدار المكافأة، ولم توضح مدى نجاح هذه المبادرة منذ إطلاقها.

ويقول قتيبة محمود، مسؤول شعبة الإعلام لمكتب محافظة الأنبار التابع لمفوضية الانتخابات، في تصريحات تابعتها (المدى): إنهم عملوا على تشجيع المواطنين لتحديث بيانات بطاقاتهم الانتخابية، وتم افتتاح مراكز التسجيل وكذلك زيارة الفرق الجوالة للمناطق لهذا الغرض، واستمر ذلك حتى منتصف نيسان الماضي.

ويضيف أن “المكتب اتخذ سبلا عديدة في هذا الإطار، وذلك من خلال الإعلانات المنوعة في القنوات الفضائية وغيرها، بالإضافة إلى عقد الندوات المتخصصة، لحث المواطنين على تحديث بياناتهم وتثقيفهم على المشاركة في الانتخابات.

وحول المنحة المالية الحكومية يلفت محمود إلى أنها انتهت في الخامس من تشرين الأول الجاري عندما سُحبت البطاقات المتبقية من المراكز.

ونشر مجلس القضاء تقريرا حول الرشوة الانتخابية باعتبارها واحدة من الجرائم التي تهدف إلى عرقلة الآليات الديمقراطية، حيث تستهدف حرية التصويت وإرادة الناخب فتقوم بالتأثير على هذه الإرادة عن طريق استخدام المال أو الوعد بمنحة أو جائزة بحيث توجه حرية الناخب وتمنعه من التعبير عن إرادته.

ونوّه مجلس القضاء إلى أن عقوبة الرشوة الانتخابية هي الحبس لمدة لا تقل عن سنة، وفق نظام الجرائم والعقوبات المتعلقة بالانتخابات والاستفتاءات رقم 14 لسنة 2008 وفي القسم الخامس من النظام فقرة (1) والتي تفصّل صور جريمة الرشوة الانتخابية.

ويرى الكاتب والصحفي براء سلمان أن “الرشوة الانتخابية دفعت بعض النواب إلى تكوين (علاقة زبائنية) مع عدد من الأشخاص أو عشيرة من العشائر بحيث يقدم لهم الرشوة الانتخابية مقابل ضمان مقعده في البرلمان”.

ويبيّن أن “هذا النوع من العلاقة يحوّل النائب من عضو مجلس تشريعي ورقابي إلى (معقب معاملات)، وبذلك ضعف الدور النيابي في العراق إلى درجة وصلت به إلى أن يتحكم رؤساء الكتل وحدهم بالمشهد السياسي بالكامل”.

وحول اعتبار بعض المراقبين قرار المكافأة المالية للمقاطعين مقابل استلام بطاقاتهم أنها تدخل ضمن الرشوة الانتخابية، يقول سلمان إن “التداخل حاصل من زاوية استخدام المال لتغيير قناعات الناخبين، مع فارق أن قرار المكافأة لا يدفع نحو جهة سياسية أو مرشح بذاته، كما أن القرار لا يطلب من الناخب التصويت بل انحصر في استلام البطاقة الانتخابية البايومترية، إذ يمكن للمواطن استلام بطاقته ولكنه يبقى مقاطعا للانتخابات”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here