مراقبون: حصيلة الانتخابات ستحدد مستقبل سياسة العراق الخارجية إقليمياً ودولياً

ترجمة / حامد أحمد

تأتي انتخابات العراق يوم الاحد 10 تشرين الاول وسط تحديات ضخمة يواجهها البلد، فقد تضرر اقتصاد العراق عبر سنوات من حروب وفساد مستشري وكان آخرها تفشي وباء كورونا والإجراءات الاحترازية التي رافقته. مؤسسات الدولة عاجزة، البنى التحتية للبلد منهارة. فضلا عن ذلك هناك فصائل مسلحة متنفذة هددت سلطة الدولة على نحو متزايد، مع استمرار وجود مئات الآلاف من أبناء البلد في حالة نزوح على مدى سنوات منذ انتهاء الحرب على داعش وهزيمته.

وبينما هناك قلة من العراقيين ممن يتوقع حدوث تغيير ملموس في حياتهم اليومية، فان الانتخابات البرلمانية سترسم التوجه الذي ستسلكه سياسة العراق الخارجية في وقت مهم جدا يعيشه الشرق الأوسط يتخلله دور العراق كوسيط ما بين خصمين إقليميين العربية السعودية وإيران.

مارسين الشمري، باحثة أميركية عراقية لدى مركز بيلفير كندي للبحوث بجامعة هارفارد، تقول “انتخابات العراق سيراقبها الجميع في المنطقة لكونها ستحدد مدى تأثير القيادة المستقبلية للبلد على ميزان القوى على المستوى الإقليمي”.

لقد تم عقد الانتخابات مبكرا نزولا عند مطلب الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت عام 2019. انها المرة الأولى التي تعقد فيها انتخابات بسبب مطالب محتجين نزلوا الى الشوارع. الاقتراع يحدث أيضا وفقا لقانون انتخابات جديد يقسم العراق لدوائر انتخابية أصغر ويفسح المجال لمزيد من المرشحين المستقلين، وهو مطلب آخر للناشطين من الشباب.

وكان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قد تبنى في وقت سابق من هذا العام تفويضا بتشكيل فريق أوسع لمراقبة الانتخابات. حيث سيكون هناك 600 مراقب دولي برفقة 150 مراقبا آخر من الأمم المتحدة.

للمرة الأولى في هذه الانتخابات يصدر العراق بطاقات بايومترية للناخبين. ولمنع سوء استخدام بطاقات الناخب الالكترونية وتفادي استخدامها للتصويت مرتين فإنه سيبطل مفعولها بعد 72 ساعة من تصويت كل ناخب.

نشطاء وشباب عراقيون شاركوا بالاحتجاجات الداعية للتغيير تتفاوت آراؤهم الان بين المشاركة بالتصويت من عدمه. وكانت احتجاجات تشرين عام 2019 قد جوبهت بقمع ومواجهات مميتة أسفرت عن مقتل 600 شخص. ورغم ان السلطات استجابت ودعت لانتخابات مبكرة فان كثيرا من الناشطين الشباب الذين شاركوا بالاحتجاجات قد قرروا فيما بعد مقاطعة الانتخابات.

المرجع الديني الأعلى في العراق، علي السيستاني، قد دعا الى مشاركة واسعة بالتصويت، مشيرا الى ان التصويت سيبقى الأسلوب الأفضل بالنسبة للعراقيين بان يساهموا في صياغة مستقبل بلدهم.

نسبة مشاركة المصوتين في انتخابات عام 2018 كانت بحدود 44% فقط من بين الذين يحق لهم التصويت، وجوبهت نتائجها بعدم الرضا بسبب التلاعب الذي رافقها. وهناك مخاوف وقلق من احتمالية حصول تدني مشابه بنسبة المشاركين في هذه الانتخابات.

مصطفى الجبوري، عامل قطاع خاص يبلغ من العمر 27 عاما، يقول انه لن يشارك في التصويت بعد رؤية أصدقائه وهم يقتلون في التظاهرات أمام عينيه.

ومضى بقوله “شاركت بكل الانتخابات منذ ان أصبحت في الثامنة عشرة من عمري. كنا دائما نقول ان تغييرا سيحصل ويطرأ تحسن على الأوضاع. ولكن ما شهدته ان الأمور تنتقل دائما من سيئ الى اسوأ. الان نلاحظ نفس الوجوه لنفس الأحزاب تملأ صور لوحات الدعايات الانتخابية”.

الانتخابات العراقية تأتي وسط موجة نشاط دبلوماسي في المنطقة، مدعوم جزئيا من قبل إدارة بايدن المنسحبة تدريجيا من الشرق الأوسط وعلاقاتها الباردة مع حليفها التقليدي العربية السعودية. سعى رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الى اظهار العراق كوسيط محايد في القضايا الإقليمية، واستضافت بغداد خلال الأشهر الأخيرة عدة جولات من لقاءات ومباحثات مباشرة ما بين الخصمين الإقليميين العربية السعودية وايران في مسعى لتخفيف التوترات في المنطقة.

قالت الباحثة الشمري بان دولا عربية ستراقب الانتخابات عن كثب لترى كم نسبة الأصوات التي ستحصل عليها كتل شيعية تضم فصائل مسلحة، وبالمقابل ستتابع ايران مدى حظوظ السياسيين ذوي الميول الغربية. وأكدت بقولها “حصيلة هذه الانتخابات سيكون لها تأثير على علاقات البلد الخارجية في المنطقة على مدى سنوات قادمة”.

وفقا للقانون العراقي، فان الفائز في انتخابات يوم الاحد هو من سيقوم باختيار رئيس الوزراء القادم، ولكنه من غير المحتمل ان تحرز أي من الكتل العدد الكافي من المقاعد يؤهلها لتحقيق الأغلبية. سيتطلب ذلك وقتا طويلا من مباحثات ومفاوضات ما وراء الكواليس بين أحزاب وكتل لاختيار رئيس وزراء توافقي ومن ثم الاتفاق على تشكيل حكومة ائتلافية.

رندا سلم، من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط، قالت ان دور العراق الإقليمي كوسيط هو انجاز يحسب للكاظمي، وجاء ذلك نتيجة نجاحه بالموازنة ما بين المصالح الأميركية والإيرانية في العراق.

وقالت سلم “لو ان الكاظمي لن يبقى رئيسا للوزراء لدورة ثانية، فان كل هذه المبادرات قد تزول”.

عن أسوشييتدبرس

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here