من رصيف الحياة : يكفيني شرف المحاولة !

من رصيف الحياة : يكفيني شرف المحاولة !

بقلم مهدي قاسم

كانوا أصدقاء في العهد السابق ومعارضين في خندق واحد ، فيما بعد أصبحوا خصوما في العهد الحالي لأن هذا الصديق قد تحول بوقا طبالا بحمد عصابات اللصوص التي سيطرت على مصير البلاد بغفلة غادرة من زمن رديء وقاس ِ ..

فكتب صديقه السابق وخصمه اللدود الحالي وبنبرة تشمت وانتصار اقرب إلى تهكم في الوقت نفسه قائلا :
— أن ما تقوم به أنت و أمثالك الحالمون، من خلال أقلامكم في المثابرة في إزاحة و تكشيط طبقات متحجرة من تراب و غبار الماضي الكثيف والمتكلس تغطي أذهانا غافية و شبه مخدرة ، فجهدكم هذا يشبه جهد مَن يقوم بإحداث ثقب باظفره في قمة جبل صلبة و صلدة ، بهدف وصول إلى مياه نبع عذبة في عمق كهوف خبيئة ..
ويضيف بتفصيل أكثر :
فحسب اعتقادي أنه عمل محكوم بخيبة مسبقا ، و بجهد مبذول عبثا ، في وسط هكذا جماهير ” عريضة “التي تغير مواقفها ومبادئها بسرعة بنفس سرعة عندما تُغّير قمصانها وأحذيتها ،و من المؤكد أنه ستتهرأ رؤوس أصابعك و تتقضم متأكلة من شدة خشونة وقسوة حفر متواصل بكل هباء منثور هدرا ،في مقابل ذلك ستزداد طبقات الغبار و الطمي المتكلسة علوا وارتفاعا وتكلسا فوق تلك الأذهان، أكثر فأكثر ، فهنا ،أي في أرض الفجائع واللعنات ما من شيء جميل ورائع سينجح ، ما عدا الغلاظة القسوة والبشاعة و الأيام القليلة القادمة ستثبت صحة قولي
فرد هو بنبرة هادئة وواثقة لا تخلو من مسحة حزن و خيبة :
— و حتى في هذه الحالة فسوف يكفيني شرف المحاولة التي قمت بها وأرحتُ ضميري ………..

ففي النهاية لستُ ، بل و لا أطمح أن أكون أشبه بنبي مسلح بسيف وساطور لأغير العالم بتهديد ووعيد بقطع أعناق وأطراف !……………………
حتى تنجح مساعيَّ وتتكلل جهودي بنجاح و فلاح في محاولات التغيير والإصلاح .. لأنني بكل بساطة لا أطمح لا إلى سلطة و لا إلى مال ..
فضلا عن أنه :
إذا المظلوم نفسه يعرف ظالمه جيدا ، و مع ذلك يتواطأ معه ليستمر في ظلمه وبؤسه له ( كظاهرة مازوخية جماعية عجيبة حقا ) أقول ليستمر هذا الظلم إلى أمد طويل مع تكريس بقاء هذا الظالم بالسلطة ، مرفّلا بالمال والجاه والغرور والفساد والتخريب ..
حسنا … فليكن !!..
فأنا ــ مثلما أسلفت ــ يكيفني شرف المحاولة فحسب !,,

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here