صراع سياسي وطعن بنتائج الانتخابات.. مراقبون: العراق مقبل على مرحلة حساسة

بغداد/ حسين حاتم

لم تمر 24 ساعة على اعلان النتائج الأولية للانتخابات حتى بدأت اغلب الكتل الخاسرة بتقديم الطعون واتهام مفوضية الانتخابات بـ”سرقة الأصوات”، وبعضهم من هدد بحمل السلاح.

فيما أكدت المفوضية في اكثر من مؤتمر لها على ان هذه الانتخابات هي الأكثر نزاهة منذ 2003، ولم يتم تسجيل حوادث أمنية خلال ساعات التصويت. وبحسب النتائج الأولية التي أعلنتها المفوضية، فأن الكتلة الصدرية حصلت على أعلى عدد مقاعد في البرلمان خلال التصويتين الخاص والعام بواقع 73 مقعدا.

كما أظهرت النتائج الأولية أيضا أن كتلة تقدم جاءت في المرتبة الثانية بحصولها على 38 مقعدا، بينما جاءت كتلة دولة القانون في المرتبة الثالثة بحصولها على 37 مقعدا في البرلمان. فيما حصل تحالف الفتح على 14 مقعدا، ولم يحصل تحالف قوى الدولة، الجامع بين عمار الحكيم وحيدر العبادي سوى على 4 مقاعد. المحلل السياسي غالب الدعمي يقول في حديث لـ(المدى)، إن “هناك مسارات للتحالفات بعد اعلان النتائج النهائية للاصوات الانتخابية”، مبينا ان “المسار الأول وهو الأقرب للواقع يتمثل بتحالف الكتلة الصدرية مع تحالف تقدم والحزب الديمقراطي الكردستاني لتحقيق الأغلبية للكتلة الأكبر”.

ويضيف الدعمي، ان “تحالف الكتلة الصدرية مع تحالف تقدم سيسمح لرئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي بتولي ولاية ثانية لرئاسة البرلمان”، لافتا الى أن “احد اهداف الحلبوسي هو بقائه رئيسا للبرلمان”.

زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، قال في كلمة له، بعد إعلان نتائج الانتخابات، “يا شعب العراق هذا يومكم الذي توعدون، يومٌ يعز فيه الشعب ويكرَّم، وهذا يوم فيه تقوى شوكة العراق وتهاب، هذا يومٌ فيه يستقل العراق ويأمن. نعم. إنَّه يوم انتصار الإصلاح على الفساد، ويوم انتصار الشعب على الاحتلال والتطبيع والمليشيات والفقر والظلم والاستعباد، يومُ العزيمة والثبات، يومٌ ازيحت فيه الطائفية والعرقية والحزبية لتُفتَّح أبوابُ العراق والعراقيين، فلا فرق بين أحدٍ منهم ونحن لهم خادمون، فلا تبعية لأحد الا لله وللشعب، بل استقلال وسيادة وهيبة”.

وأضاف الصدر، أن “كل السفارات مُرحَّبٌ بها ما لم تتدخل في الشأن العراقي وتشكيل الحكومة، وأيٌ تدخل فسيكون لنا ردٌ دبلوماسي أو لعلّه شعبي يليق بالجرم، فالعراق للعراقيين فقط، ولنْ نسمحَ بالتدخل على الاطلاق”، مضيفاً “ومِنَ الآن فصاعداً يجب حصر السلاح بيد الدولة، ويمنع استعمال السلاح خارج هذا النطاق، وإنْ كانَ ممن يدَّعون المقاومة أو ما شاكل ذلك، فقد آنَ للشعب أنْ يعيش بسلام بلا احتلال ولا إرهاب ولا مليشيات تخطف وتروِّع وتُنقِصُ من هيبة الدولة”.

ويتوقع المحلل السياسي، ان “الكتل السياسية الخاسرة ستضغط باتجاه تغيير نتائج الانتخابات او تأجيل اعلان النتائج النهائية بالنزول الى الشارع او استخدام السلاح”، مؤكدا انه إن “حدثت هذه المسائل فستأخذنا نحو فوضى عارمة لا يحمد عقباها، قد تكون محط ارتياح لدول أخرى تشجع على عدم استقرار العراق”. بالمقابل، قدم الإطار التنسيقي لعدد من الأحزاب العراقية السياسية، ليل الاثنين- الثلاثاء، طعنا بنتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة، رافضا ما أعلن من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.

وجاء في بيان الاطار التنسيقي: “حرصا من الإطار التنسيقي على المسار الديمقراطي وصدقيته ولتحقيق موجبات الانتخابات المبكرة التي دعت إليها المرجعية الدينية، والتي أكدت على أن تكون حرة آمنة ونزيهة ومن أجل تجاوز الشكوك والإشكالات الكبيرة التي رافقت انتخابات 2018 وأدت إلى انسداد سياسي تطور إلى أحداث مؤسفة عام 2019”.

وأضاف: “من أجل دعم العملية الديمقراطية ونزاهة الانتخابات قدمنا جميع الملاحظات الفنية الى مفوضية الانتخابات وقد تعهدت المفوضية بمعالجة جميع تلك الإشكالات بخطوات عملية، ولكنها لم تلتزم بجميع ما تم الإعلان عنه من قبلها من إجراءات قانونية”.

المسؤول الأمني لكتائب حزب الله، “أبو علي العسكري”، اكد ان حركته ستقف “بكل حزم وإصرار لإعادة الأمور إلى نصابها”، وذلك بعد إعلان نتائج الانتخابات النيابية التي وصفها بأنها “أكبر عملية احتيال والتفاف على الشعب العراقي”، فيما دعا فصائل “المقاومة” والحشد الشعبي إلى “الاستعداد”.

وذكر العسكري في تغريدة، أن “ما حصل في الانتخابات التشريعية بواقع الحال يمثل أكبر عملية احتيال والتفاف على الشعب العراقي في التاريخ الحديث، والتي لا تقل سوءاً عن الاستفتاءات التي أجراها النظام المقبور”.

وأضاف “ومن منطلق العهد الذي قطعناه لأبناء شعبنا وأمتنا نقول: إننا سنقف بكل حزم وإصرار لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح. ولن نسمح لأي كان أن يضطهد أو يحاول إذلال أبناء العراق”.

ودعا المسؤول الأمني لكتائب حزب الله، “الأخوة في المقاومة العراقية” إلى “الاستعداد لمرحلة حساسة تحتاج منّا إلى الحكمة والمراقبة الدقيقة”، مضيفاً أن “الأخوة في الحشد الشعبي هم المستهدفون الأساسيون، وقد دُفع عربون ذبحهم إلى من يريد مقاعد في مجلس النواب، وعليهم أن يحزموا أمرهم وأن يستعدوا للدفاع عن كيانهم المقدس”.

وخاطب “أبو علي العسكري”، من وصفهم بـ”الأخوة المشاركين في الانتخابات، وأخص بالذكر منهم تحالف الفتح بقيادته الشجاعة والحكيمة، وتحالف قوى الدولة وسيدها الحكيم، والأخوة في العقد الوطني وحركة حقوق ورئيسها العزيز حسين مؤنس وبقية الأخوة المخلصين الذين سُرقت جهودهم”، قائلاً لهم “تيقنوا لن يضيع حق وراءه مطالب، فلا تكلّوا ولا تملوا ولا تهادنوا وسيكون النصر حليفكم بعونه تعالى”.

وتابع: “وبناء على ذلك، نعلن طعننا بما أعلن من نتائج وعدم قبولنا بها وسنتخذ جميع الإجراءات المتاحة لمنع التلاعب بأصوات الناخبين”. فيما رفض رئيس تحالف الفتح هادي العامري، القبول بالنتائج المعلنة.

وقال العامري في بيان مقتضب، “لا نقبل بهذه النتائج المفبركة مهما كان الثمن سندافع عن اصوات مرشحينا وناخبينا بكل قوة”.

ويلفت المحلل السياسي الدعمي الى، ان “الانتخابات التي أجريت تعد الأفضل بعد العام 2003، وتصل في تفوقها على نزاهة انتخابات الاتحاد الأوروبي في التنظيم والاعداد والنتائج”، مؤكدا ان “نتائج الانتخابات متطابقة بين العد الالكتروني واليدوي”.

بدوره، يقول المحلل السياسي مرتجى الكعبي في حديث لـ(المدى)، إن “المرحلة المقبلة ستكون حساسة جدا”، مستبعدا “حدوث أي تغيير في العملية السياسية”.

ويضيف الكعبي، أن “الكتلة الصدرية لا تستطيع العمل ما لم تحقق طموحات الكتل الأخرى”، لافتا الى أن “ولادة الحكومة الجديدة ستكون عسيرة”.

ويتوقع المحلل السياسي، ان “تشهد الحكومة المقبلة مماطلة وتأخرا في التصويت”، مضيفا أن “المحاصصة ستكون عائقا في طريق تشكيل الحكومة”.

ويرى الكعبي، ان “الحكومة الجديدة تتطلب اشخاصا خارج أعضاء البرلمان ولديهم الخبرة في مجال عملهم بعيدا عن المحاصصة والمصالح الشخصية”.

من جهته يقول المختص بالشأن القانوني طارق حرب في حديث لـ(المدى)، إن “الكتلة الصدرية هي الكتلة الاكثر عدداً التي ستكلف بتشكيل الحكومة طبقاً للمادة ٤٥ من قانون انتخابات النواب والمادة ٧٦ من الدستور”.

ويضيف حرب أن “رئيس الجمهورية الذي سيتم انتخابه من البرلمان سيقوم بتكليف الكتلة الصدرية دون سواها من الكتل لترشيح المكلف بتشكيل الحكومة”، مستدركا “لان النتائج الانتخابية اظهرت تفوق هذه الكتلة على الكتل الاخرى و طالما ان تفسير المحكمة الاتحادية العليا قد تم ضبطه وتحديده في المادة (٤٥) من قانون الانتخابات لمجلس النواب الجديد رقم ٩ لسنة ٢٠٢٠ التي منعت الانتقال بين الاعضاء والكتل ذلك الانتقال الذي سبب اضطراباً سابقاً في تحديد الكتلة الاكثر عددا”.

وتابع، “اذ ان منع الانتقال للعضو او للأعضاء من كتلة كاملة يعني ان الكتل النيابية تكون اعدادها ثابتة ولا تتغير كما وردت في النتائج النهائية ولا يمكن زيادتها بالانتقال الذي منعته المادة المذكورة”، مبينا “حيث ان الكتلة الصدرية الاعلى عدداً من الفائزين لذا فأنها ضمنت تكليف رئيس الجمهورية لها والانتقال يختلف عن الائتلاف فالأول يتم حسابه كعضو في الكتلة المنقول اليها والائتلاف لا يضيف شيئاً الى اعداد الكتل لان الائتلاف يبقى على نفس عدد الاعضاء للكتل دون تغيير اذ تبقى الكتلة على اعدادها بدون زيادة”.

ويبين المختص بالشأن القانوني أن “المادة (٤٥) من قانون الانتخابات منعت الانتقال وفتحت الائتلاف الذي لا يزيد عدداً في الكتلة ولكنه يبقى خارج عدد الكتلة ويحقق الفائدة للكتلة عند التصويت على التشكيلة الحكومية”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here