ما هو اللاهوت ..وكيفه نفهمه .؟؟؟

ما هو اللاهوت ..وكيفــه نفهمـــه .؟؟؟
يعكوب ابونا

من المحكمات الفكرية نفهم ماهية اللاهوت وابعاده لذلك علينا ان نعرف اولا “ما هو اللاهوت؟” وثانياً، ما هي أهداف اللاهوت؛ وثالثًا، ما هي مواضيع اللاهوت ؟؟.. .
ما هو اللاهوت ..؟؟
لقد نشأ مفهوم اللاهوت مع فلاسفة اليونان ، عندما بدأءة أسئلة تدور حول أصل الكون وطبيعته و نهايته، ويعتبر افلاطون ( 347 – 427 ) قبل الميلاد اول من استعمل مصطلح اللاهوت في كتابه جمهورية افلاطون ، يشير أفلاطون إلى اللاهوت للتعبير عن عملية فهم الطبيعة الإلهية من خلال العقل ، بمعنى دراسة الحقائق الأبدية، حيث اعتبره عالمًا أسماه الأفكار…
وأصبحت فكرة اللاهوت والتأمل شائعة في الفلسفة الهلنستية في العالم الروماني الذي ظهرت فيه المسيحية، فوجدت هذه الأفكار قبولًا بين المفكرين المسيحيين ولا سيّما اللاهوتي أوريجانوس الذي عاش في القرن الثالث الميلادي ، والذي وضع مبادئ التواصل مع الله بثلاث مراحل ، تبدأ بالمرحلة الأخلاقية ومن ثمَّ المرحلة الجسدية تليها مرحلة البصيرة، وتطور هذا المفهوم ، ليصل الى اعتبار أنّ اللاهوت ثمرة النضال ومجاهدة النفس الانسانية… 
تبنت المسيحية فكرها اللاهوتي بين القرنين الرابع والخامس ، وكان يدرس مع الفلسفة حتى عصر النهضة ، ولكن تم فصلهما عن بعضها البعض..وحسنا فعلوا لان الولوج في فكرالله وفهم طرقه واعماله بالاتكال على الوسائل الانسانية سوف يخيب املنا ، لان الفلسفة بشرية لا تصل الى معرفة الله ، لذلك يجب ان تاتي بعد كلمة الله الموحى بها لان الذي يحكمنا هوالكتاب المقدس فهو فلسفتنا وليس العكس ” عبرانيين 4 : 12 ” ..
يذهب قاموس ويبستر ليعرف اللاهوت بأنّه علم الله أو الدين بحد ذاته، فهو العلم الذي يتعامل ويناقش وجود الله وصفاته وقوانينه وحكمه، والمذاهب التي يجب أن نؤمن بها والواجبات التي علينا أن نأتيها، والمحرّمات التي يجب علينا تجنّبها، فهو باختصار علم الإيمان المسيحي والحياة المسيحية،”…..
قد يكون هذا التعريف شاملا بمعناه ، ولكن بسبب الاختلاف العقائدي الكنسي ، ظهرت تعريفات مختلفه اهمها ..
التعريفات التي وردت في كتابات الأربعة من اللاهوتيين الكبار وهم: توما الإكوينى، تشارلز هودج، وليم إيمس، واللاهوتي جون فرايم …..
1- توما الإكوينى، هو اهم اللاهوتين الكاثوليكي ،ففي كتابه الأول، في الفصل الأول، من القسم السابع من عمله الشهير “سوما ثيولوجيكا” (( Summa Theologica،
عرف اللاهوت “بالعقيدة المقدسة” وعرَّفه كعلم بانه:” علم جامع بمعنى أنه يتكلم عن كل الامور من وجهة نظر الله، فالله ذاته هو موضوع هذه الامور أم أنها تشير إليه ..

2 – العالم اللاهوتي البروتستانتى تشارلز هودج (من جامعة برينستون)، والذي عاش في الفترة ما بين 1797 و 1879  عرف اللاهوت في الفصل الأول من كتابه “علم اللاهوت النظامي” بقوله: “علم اللاهوت هو علم حقائق الإعلان الإلهى بقدر ما لهذه الحقائق من صلة بطبيعة الله وعلاقتنا به ، من خلال معطيات الكتاب المقدس ..

3- وليم ايمس، البيوريتاني (التطهري) الذي عاش من سنة 1576 إلى سنة 1633  نظر الى علم اللاهوت بطريقة مختلفة قليلاً. ففي افتتاحية كتابه، “جوهر علم اللاهوت”، قال إن جوهر علم اللاهوت هو في “عقيدة أوتعليم كيفية العيش لله “… بمعنى أن علم اللاهوت هو مسعى عقلاني نحو أفكار وتعاليم بمجال أوسع من حياة المؤمن..
4- اللاهوتي جون فرايم. ففي الفصل الثالث من كتابه، “عقيدة معرفة الله”، يعرّف فرايم علم اللاهوت بأنه: ” تطبيق أشخاص لكلمة الله على كل مجالات الحياة”. (ص81 )
  “كالتعليم” أو “العقيدة.” فان التعليم بالنسبة له هو عملية استخدام الكتاب المقدس …
ذهب بعض الشراح من خلال التعريفات الأربعة اعلاه بان هناك وجهتى نظر ، الأولى المنحى الأكاديمى والثانية المنحى الحياتي ..
يمثل الإكوينى وهودج ، المنحى الأكاديمى في علم اللاهوت. وتمثّل وجهتا نظرهما الطرق التى عرفا “علم اللاهوت” لتتوافق مع أصل كلمة  “ثيولوجي” اليونانية “ثيوس” التي تشكل الجزء الاول من كلمة “ثيولوجي”، تعنى الله، بينما كلمة “لوجى” مشتقة من “لوجوس” اليونانية وتعنى “علم، أوعقيدة أو دراسة”. وهكذا، فان أصل الكلمة “ثيولوجي” تعنى العقيدة او الدراسة عن الله .”..
واما تعريفات لأيمس وفرايم تشكل منحى علم اللاهوت الحياتية ، كونه مرتبطا بالمجال الأوسع لحياة المؤمن ارتباطا محكما لا سبيل للخروج من معطياته ..
كي لا نقع في اخطاء عند دراسة علم اللاهوت علينا التمسك بالقيم الكتابية. على سبيل المثال وليس الحصر الرسول يعقوب الفصل 1 والعدد 22،” ولكن كونوا عاملين بالكلمة لا سامعين فقط خادعين نفوسكم”. نلاحظ هذه الكلمات تدين الرياء الفكري عند الكثيرين من اللاهوتيين. فعلم اللاهوت الجيد لابد أن يقود الى حياة مستقيمة وليس فقط الى مجرد تعليم ايكاديمي صحيح.كذلك نجد ما قصده الرسول بولس عندما أعلن للكورنثيين في الفصل 8 والعدد 1 من رسالة كورنثوس الأولى “… العلم ينفخ ولكن المحبة تبني”، وأيضاً عندما أعلن في كورنثوس الاولى الفصل 13 والعدد 2،  “وإن كانت لى نبوة وأعلم جميع الأسرار وكل علم، … ولكن ليس لى محبة فلست شيئا.” …..
لذلك يجب تعليم اللاهوت وتعلمه بطريقة موضوعية فكرية. بقيّم الكتاب المقدس ليجسّد ايماننا ، ولكي نقاوم الخطر المضاد للعقل في الكنيسة من تعاليم زائفة ومفاهيم خاطئة عن الإيمان المسيحي، فقد أدرك الرسول بولس هذا الخطر عندما حذّر تيموثاوس في 2 تيموثاوس الفصل 2 والعدد 15، قائلاً، ” اجتهد أن تقيم نفسك لله مزكى عاملا لا يخزى مفصلا كلمة الحق بالاستقامة.”
ثانية: أهداف علم اللاهوت.
في لغة كتاب الإيمان الويستمينسترى المختصر لتعليم العقيدة بالسؤال والجواب، نرى إجابة السؤال الأول هناك، بأن علم اللاهوت هو إحدى الطرق التى “نمجد بها الله ونتلذذ به الى الأبد.”
. يذهب بعض اللاهوتين الى تقسيم اهداف علم اللاهوت الى ثلاثة أهداف رئيسية 1- العقيدة الصحيحة 2- الممارسة العملية الصحيحة، و 3- العاطفة الصحيحة.
المقصود بالعقيدة الصحيحة
هى غاية اساسية لعلم لاهوت. لان نؤمن بالأمور الصحيحة عن الله، وعن عالمنا والكون، وعن أنفسنا وذواتنا .. لكي نستطيع ان نبعد التأثيرات المربكة من خارج المجتمع المسيحي،. لان تاريخ الكنيسة يكشف عن خطايا واخطاء عديدة ارتكبت باسم الحق.وهناك سلوكيات مريعة كانت مدعومة بحجج لاهوتية محترمة في زمنها .. لتبرير شتى أنواع الخطايا البغيضة. ….
رغم تحذير الرسول يعقوب لأولئك الذين أتقنوا الأمور الصحيحة، لكنهم فشلوا في تطبيق معرفتهم بصورة صحيحة. في رسالة يعقوب الفصل الثاني والعدد 19 نقرأ هذه الكلمات، “أنت تؤمن أن الله واحد. حسنا تفعل والشياطين يؤمنون ويقشعرون”. ففي ناحية واحدة على الأقل، يعتبر الشيطان  صحيح العقيدة. لكن هل عقيدته الصحيحة تفيده بشيء؟ أنا متأكد أن الشيطان يؤمن بالثالوث؛ ويؤمن أن يسوع مات من أجل الخطاة؛ وهو يؤمن أن القيامة حدثت فعلاً؛ وهو يعرف رسالة الخلاص بالنعمة بالإيمان. لكن ما منفعة هذه المعتقدات الصحيحة بالنسبة لمصير الشيطان الابدي لانها لا تنقله من العقيدة الصحيحة الى الممارسة العملية الصحيحة أى الى عبادة الإله الواحد ، من هنا يجب أن نقاوم تجربة جعل السلوك الصحيح هدفًا ثانوياً في علم اللاهوت المسيحي؛ ويجب أن تبقى الممارسة العملية الصحيحة أحد الأهداف الرئيسية لعلم اللاهوت
بالإضافة الى العقيدة الصحيحة والممارسة العملية الصحيحة، هناك هدف لاهوتى يسمى “أورثوباثوث أي “المشاعر أو العواطف الصحيحة”. فالعيش لله يتضمن أن نكون متأكدين بأن مشاعرنا وعواطفنا العميقة فرحنا واحزاننا هى في خدمة الله ، و يجب ان تنسجم مع مشيئة الله ..
نجد من الناحية الواقعية بان هذه الأهداف الثلاث لعلم اللاهوت، متشابكة معا بحيث لا يمكننا ان نعزل احدهما عن الاخر لان فهم الحق باي بواحده هو للكل والعكس صحيح .
لان ما نؤمن به سوف يؤثر على الطريقة التى نحيا بها
وما نتعلمه عن الحق سوف يؤثر بعمق في الطريقة التى نحيا
فيها ، من المفيد أن نفكر في أهداف علم اللاهوت ، لان
الروح القدس يقودنا نحو الأهداف اللاهوتية بطرق كثيرة مختلفة ..
النقطة الثالثة : ماهي مواضيع علم اللاهوت… .
يهتم علم اللاهوت كونه علم معرفة الله ، الى المهارات التي توصل الى هذه المعرفة ، بالسعي اللاهوتي لتحقيق بعض المواضيع العملية الدراسية مثل الإرساليات، التبشير، الدفاعيات (أي الدفاع عن الإيمان)، العبادة، خدمات الرحمة، المشورة والوعظ. وهو يتضمن أيضاً مجموعة واسعة من المواضيع النظرية أو المجردة: مثل سوتيريولوجي (أي عقيدة الخلاص)، اكليسيولوجي (أي عقيدة الكنيسة)، أنثروبولوجى (أوعقيدة الإنسان)، بنوماتولوجي (أي عقيدة الروح القدس)، كريستولوجي (أي عقيدة المسيح)، علم اللاهوت الحقيقي (أي عقيدة الله)، إسخاتولوجي (أي عقيدة الأمور الأخيرة)، علم اللاهوت الكتابي (علم لاهوت التاريخ الفدائي المسجل في الكتاب المقدس)، علم اللاهوت النظامي ( أي الترتيب المنطقي للتعليم الكتابي)، علم اللاهوت التاريخي (تتبع تطور العقائد في تاريخ الكنيسة)، وعلم التفسير وغيرها ..
يعتبر المسيحيون اللاهوت أداة لا غنى عنها في دراسة العقيدة التي كشف عنها الكتاب المقدس. رغم وحدة الايمان بالكتاب المقدس الا ان هناك ثلاثة خطوط عريضة للتفسير عند المسيحيين : اللاهوت الكاثوليكي ، اللاهوت الأرثوذكسي ، واللاهوت البروتستانتي.كل منها يبني دراسته على لغزين …
السر الكريستولوجي الذي يركز على حياة يسوع المسيح منذ ولادته وحتى وفاته ،..
والسر الثالوثي القائم على الاعتراف بإله واحد تحت صورة الآب والابن والروح القدس
واخيرا للاسف اقول رغم وحدة ايماننا المسيحي وكتابنا المقدس الواحد الا انه نفهم لاهوت خلاصنا وفق لاهوت الكنيسة التي ننتمي اليها .. فالى متى سيكون لاهوت خلاصنا بربنا يسوع المسيح واحدا لا يتجزء ..؟؟؟؟
والرب يبارك الجميــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع
يعكوب ابونا ………………………………. 14 / 10 /2021

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here