العبودية واجب عيني

العبودية واجب عيني

كامل سلمان

اي شيء يفرضه عليك المجتمع او الواقع او المعتقد او التقاليد فهو قبول من منطلق العبودية طالما عليك الخضوع بلا اي مقاومة ولا اي تساءل وكل شيء يتنافى مع القيم الإنسانية العليا هي قيم العبودية ، الضعف امام الشهوات عبودية ، الضعف امام المال عبودية ، الضعف امام الحال عبودية وأخطرها تلك العبودية التي تشل وجودك كأنسان وتمنعك من التفكير لإن هناك من يفكر أفضل منك وعليك ان تأخذ تفكيرك منه فهو الأعلم وهو الأدرى وهو الارقى علما ونسبا . كانت العبودية في المفهوم التقليدي السابق هو ان يسوقك من استطاع استعبادك بالسوط الى حيث يشاء اما مفهوم العبودية المتطورة هو ان تحمل انت ايها العبد ذلك السوط لتضرب به نفسك وتخفف عن كاهل سيدك حمل السوط وعبد اليوم يجيد هذه المهمة طالما لم يبقى شيء من عقله تحت تصرفه بل يجيدها وهو في ابعد نقطة من الأرض دون مرآى او مسمع من سيده او من ينوب عنه لإنه برمج نفسه وبكامل ارادته بالولاء والعبودية مادام حيا.
وفي زمن الحرية اصبحت بعض المجتمعات تضحي بإنفسها من اجل العبودية بل اصبحت العبودية المطلقة قمة الطموح لما لها من لذة في الأنفس الذليلة . لم يعد عندها من يبحث عن الحرية فالباحث عن الحرية انسان رجعي متخلف متمرد عن القيم الدنيئة التي يرسخها العبيد الأوفياء. ان دعاة الثقافة والاخلاق والقيم والتفكير لم يعد لهم وجود ووجودهم يعني الموت يعني الخزي لذويهم . فهم في وادي والناس في وادي ، فكل يوم تحقق مناهج العبودية طفرات نوعية مشهودة في سباق مع الطفرات التكنولوجية التي يحققها الإنسان الحر في العالم الحر حتى ان التأريخ شلت قدماه وتوقف عن الدوران فماذا سينقل التأريخ للمستقبل اذا كان الماضي هو الذي سيكون البديل للمستقبل بكل جدارة واستحقاق وابتسامة عريضة . المفكرون والمثقفون سيختارون طوعا حياة المشردين فهو ملاذهم الآمن او ان يرحلوا عن الديار بلا توديع لما لهم من سمعة سيئة لإنهم نادوا للحرية لإنهم اهانوا العبودية والقانون على الارض يحرم ازدراء العبودية او المساس بها فهي الخط الاحمر . الحاجة الى العبودية اصبحت مطلب شرعي وعلى العقل ان يستجيب للشرع دون اي تذمر نظرا لعلو كعب الشرع على العقل الذي دائما وعلى مدى التأريخ يسبب الإزعاج للشرع فقد حان الوقت ان يدفع العقل فاتورة اي تمرد قام به العقل ضد الشرع وينال جزاءه العادل وليكن عبرة ودرس بليغ لكل ذي عقل او لهذا الذي يسمي نفسه عقل وتفكير لإن هذا العقل والتفكير هو عبارة عن فتنة شيطانية ماكان لها ان تعيش داخل البشر وان اكبر خطأ ارتكبه الانسان منذ نشأته انه سلك مسلك التطور والرقي وهذا الخطأ التأريخي حان الوقت لتصحيحه واعادة الانسان الى مستنقع العبودية المقيتة، ففي الوقت الذي تبحث المجتمعات التي نستطيع ان نطلق عليها بشرية عن لقاحات لقتل الفايروسات المهاجمة وعشاق العبودية ازدادوا نشاطا للبحث عن اساليب حديثة لقتل العقول المتحررة فشعارهم صار ( لا تفكر لا تموت ) فمتى ما بدأت تفكر تبدأ مشاكلك تظهر الى السطح و تبدأ احوالك تسيء وتبدأ قدماك تنزلق في المهالك وتقترب خطوات من الموت ، هذه هي الصورة التي التقطتها عدسات الأحرار من قلب الواقع بلا رتوش .
العبودية اصبحت فلسفة وفكر لها منظريها ولها دعاتها ولها كل مقومات الوجود والتنافس على المقدمة وقاعدتها الشعبية في توسع سريع ، فبإمكان اي داعية للعبودية ان يحشد الملايين بمجرد ان يستحضر حديث مصطنع وقليل من الكلمات ضد الامبريالية والصهيونية وتعلو كلماته الصرخات مع وجود عدد من المهرجين المطبلين ، فهو الأسلوب التقليدي الذي حفظناه عن ظهر قلب ، اما السؤال ماذا قدم لنا هذا الداعية او غيره فهذا سؤال من وحي الشيطان ، علينا ان نستغفر الله اذا مر على البال بل تستوجب الكفارة .
نحن بكل صراحة نعيش عصر الظلمات ، عصر جنوح العقول وشللها ، عصر انتصار الخرافة والدجل ، ولكن للأمانة فقد تم عزلنا باحترافية عن العالم الحر مع وجود كل وسائل التواصل والإتصال مع العالم الحر ، وقد نجحوا وسيستمر نجاحهم طالما لنا الاستعداد ان نستمع دون ان نميز ما يضرنا عن ما ينفعنا ، ودون ان يكون لنا الرأي الفاصل بما يخص مصيرنا في الحياة .
هذه الكلمات تخرج من القلب بمرارة ، ومرارات القلب كثيرة ولكن هذه طغت على جميعها وأحلت قومنا دار البوار فلم يعد لنا حلاوة ننطق بها الا ما نصبر بها النفس، ولنا مع الايام حكايات وحكايات .

كفيف يسوق الناس ضاحكا…. وذو البصيرة يساق باكيا

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here