سيرة فاسد/ الحلقة الاولى

سيرة فاسد/ الحلقة الاولى

علي عباس الحجامي

من المعلوم أن هناك فرقاً كبيراً بين (الُمخرب) وبقية العناصر السيئة في المجتمع، فأي مجتمع في العالم قد يتواجد فيه الفاسد والقاتل والسارق والمزور والعديد من السيئين الذين يتسببون بشكل أو بآخر بإلحاق الضرر بالمجتمع، ولكن (المخرب) هو الشخص الذي يجمع كل هذه الصفات الإجرامية ليتسبب بتخريب البلد، وبالتالي فهو الأخطر بين كل هؤلاء، وهو بطبيعة الحال يُصنف خطيراً فيما لو كان شخصاً من عامة الناس، أما اذا تولى منصباً سيادياً في البلد فهذا يعني أن البلد معرض للخراب تماماً.

والمخرب الذي يتصدر الساحة العراقية هو محمد ريكان الحلبوسي، من مواليد 1981 بمحافظة الأنبار، حاصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة المدنية من الجامعة المستنصرية، هذا الشخص تسلق ليصل الى منصب رئيس مجلس النواب العراقي في عام 2018 ، ليبدأ العراق بالسير نحو الهاوية بعد أن أصبحت السلطة التشريعية في قبضة أعظم زعماء المافيا في الشرق الأوسط، وقد نظلم الكولومبي بابلو إسكوبار فيما لو شبهناه بالحلبوسي، لأن إسكوبار (الذي كان نائباً في البرلمان الكولومبي) كان رغم إجرامه يعطي المال بسخاء للفقراء، بينما الحلبوسي المصاب بالسادية يتلذذ بتعذيب الفقراء ويستمتع عندما يراهم يتضورون جوعاً.

هذا المقال هو الأول من بين سلسلة مقالات عن سيرة حياة هذا الشخص الفايروس الذي جاء لينسف ما تبقى من بلد أنهكه الفساد وأتعبته الحروب والإرهاب، وسنتكلم بكل حيادية وموضوعية عن بدايات هذا الشخص منذ انطلاقته مع القوات الأمريكية ومروراً بتعاونه مع تنظيم القاعدة الإرهابي وإقامته للمشاريع الوهمية بمبالغ خيالية وحتى وصوله الى منصب رئيس مجلس النواب العراقي بمباركة من الجارة ايران وبدعم سري من المخابرات الإسرائيلية.

سنتناول في سلسلة المقالات هذه (التي سنجمعها لاحقاً في كتاب بعنوان: سيرةُ فاسد) أدق التفاصيل في حياة هذا المخرب الذي دخل تاريخ العراق بعد أن دمر مِن البلد ما لم يدمره هولاكو، والهدف من هذه السلسلة هو إظهار الحقيقة بشكل جلي أمام الرأي العام العراقي، ربما يأتي يوم تتم فيه محاكمة هذا الشخص محاكمة عادلة ويتم استرجاع مليارات الدولارات التي نهبها من أفواه الفقراء في وسط وجنوب العراق، وربما تتم استعادة أموال النازحين الذين داس على كرامتهم الحلبوسي وتركهم حفاة عراة في المخيمات يعانون برد الشتاء وحر الصيف، فمن غير العدل أن تقوم دول خارجية بتسليط هذا المجرم على رقاب الناس ليبقى يعيش عيشة الملوك في امبراطوريته التي أسسها بالسحت الحرام.

وقد استندتُ في هذه السلسلة الى العديد من الوثائق التي تم جمعها على مدار السنين، والى افادات الشهود الذين سيتم اخفاء اسماء بعضهم تفاديا لتعرضهم للانتقام، علماً بأن هناك من بين الشهود أشخاص اجانب قدموا لنا قصصاً عجيبة عن حفلات سرية اقامها الحلبوسي بحضور نساء تم احضارهن من الخارج، بالاضافة الى مقاولين عرب واجانب تعاملوا معه منذ قيامه بتأسيس شركة (بيت الحديد) السيئة الصيت واستمر تعاملهم معه لعدة سنوات .

ستكون هذه السلسلة مثيرة جداً لأنها تتضمن تفاصيل ستنشر لأول مرة عن هذا الشخص الذي نسف العراق اقتصادياً واجتماعياً وأخلاقياً وزرع الفساد في معظم مفاصل الدولة العراقية .

علي عباس الحجامي

(المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية عما ورد فيه)

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here