الطريق الى الحرية

الطريق الى الحرية

بقلم كامل سلمان

لقد ارتكبت اكثر السيئات فضاعة ولكني لم اتجرأ على ظلم احدا ، وعندما تعرضت الى الظلم والإجحاف أدركت ان السيئات كلها لا تساوي قطرة في بحر امام سيئة الظلم .
وما رأيت ظالما الا وقد اذله الله بأضعاف ما ظلم ، هذه الحقيقة التي يغفل عنها الناس لإنهم ينظرون الى ظاهر الانسان والى حلاوة لسانه متناسين ظلمه عن عمد او غير عمد لأخيه الانسان ويحرمه طعم النوم ويكدر عليه معيشته معتقدا انه يفعل الصواب بعد ان غطى نفسه بثوب الدين او ثوب الغرور التي اوهمته نفسه الجشعة بها دون حق . ما أجهلك ايها الظالم وما أنجسك حين تبادر الى ظلم غيرك وما أرذلك حين تتوسل عندما تدور الدنيا عليك لتدفع فاتورة ظلمك .
هذا الإنسان الذي يتحول الى وحش كاسر يرى في نفسه الغرور والعظمة لحظة الظلم ولا يرى في المظلوم الا فريسة سهلة تلبي نوازعه المريضة لينهش ما يستطيع نهشه من نفس وجسد الضحية ويشفي غليله به ناسيا ان قوته وغروره ما هي الا فورة قدر ستتحول في يوم من الايام الى وبال عليه وندم شديد لا يجدي له نفعا .
الحياة لا تسير بشكل صحيح الا مع الحق والعدل والظلم عملية ارباك للحق والعدل وكل ارباك يصيب الارض يمتد اثاره على جميع الناس ، فحتى الطيبين لن ينجوا من اثاره بسبب سلوك الظالم وان كان بعيدا . فلا تفرح بما يفعله الظالم بغيرك وان كان عدوك فلن يعفيك هذا من أثمه . كل المصائب والويلات التي اصابت بني البشر منذ فجر التأريخ والى يومنا هذا هو نتيجة الاخلال بالحق والعدل والسبب هو الظلم غير المبرر الذي يبادر اليه من يتصدى للمسؤولية او من هو بالموقع الأعلى وهو لا يدري بجهله لقوانين الدنيا القائمة على الحق فيخلق الفوضى والالم في نفوس الناس فيصيب الاخرين عواقبها السيئة ، فلينظر كل منا الى نفسه كيف انه يثقل عليه ايذاء دابة تمشي على الارض لإن هذا العمل يخالف تركيبة البشر فالكل على الارض له حق العيش والكرامة وان اختلفت المستويات ولا يحق لأحد ان يزيد على الاخرين الا بما استحق .
ان مجتمعنا اليوم يتعذب وسيزداد عذابه كلما استمر سكوته وقبوله بالظلم ولن تنفع معه دعوات الليل والنهار لأن مسببات العذاب مازالت قائمة واولها الظلم ولن يرى النور الا بزوال الظلم فالخلل واضح وهو وجود الظالمين الغارقين في بحر الظلام والذين لم يفقهوا شيئا من سنن الحياة . هذا النوع من الجهل لا تنفع معه مدارس الدنيا كلها ولن تنيره مصابيح الدنيا كلها لإنه جهل تسنده الشرائع المنحرفة وتغذيه باستمرار وهذا الجهل له جمهوره المشبع بالعواطف الفائضة وهذا الجهل لا يقارن نفسه الا بمن هو اجهل منه فيرى نفسه هو الحق المبين امام الجهل الاخر النظير له ، وهذه مشكلة مستعصية والخروج من دائرتها يعني الانتحار والفناء وما يسعى اليه العاقل الواعي لم يكن سوى وضع منبه بصوت خافت عند اذن الميت منذ سنين متأملًا صحوته. ان عدالة الرب قائمة وعدالة الرب تستدعي تغيير الأنفس وتغيير المفاهيم وتغيير النظر الى الامور بعقلانية لا بعاطفة جياشة والتغيير يجب ان يكون مصحوبا بالعودة الى الذات ومصارحتها بالوقائع وايقاف تداعياتها فالارتماء بأحضان الظالمين جريمة اكبر من الظلم بحق النفس وبحق المجتمع يلجأ إليها من ضعفت نفسه وهانت عليه عزتها ولا يقدم عليها لبيب محترم ، فهي معادلة غير قابلة للتداول اما ان تصحو وتعيد للنفس طهارتها وتعيش كما يعيش باقي البشر او ان تبقى تحت المطرقة تعاني وتصرخ ولا أحد يسمعك ، فإن كنت تتأمل من ينجيك منها فهي الضلالة بعينها ، تغيير الذات ليست متعة بل هي قسوة وقرار كبير ، لكنها ستكون اعظم خطوة وألذها طعما تخلق منك انسانا كبير بكل معنى الكبر والسمو ولا ينالها الا من تطهرت سرائره وعرف قيمة الحياة حق المعرفة . هذه هي الحقيقة وهذه هي الطريقة المثلى لنيل الحرية وازاحة الظلم وهذه شروط العيش بكرامة ومن راهن على غيرها فهو الاعمى والاضل سبيلا .
انا على يقين بإن بعض الكلام لا يطرق مسامع من هو أصم ولكن بعض الكلمات تعيها أذن واعية ودائما مثلما عودتنا حوادث الدهر بأن القلة القليلة تنطلق الى فضاء الحرية وتعلن تمردها على الظلم وهؤلاء القلة موجودون على الارض وهم الامل وهم من تطرق مسامعهم الكلمات العليا فهم يفهمون قيمتها وعلوها ولا رهان على الغافلين .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here