ساحة التظاهر و الأعتصام بين تشرينيين

ساحة التظاهر و الأعتصام بين تشرينيين

حين افترشت جموع المتظاهرين الغاضبين المطالبين بالحرية و الوطن و العيش المحترم الكريم و حين أمتلئت ساحات ( التحرير ) في بغداد و المحافظات بتلك الحشود الغفيرة و هي تنشد للوطن و الشعب و تنادي بالتغيير و التحرير و الأنعتاق من الأحتلال الأجنبي الظاهر منه و المخفي و قدم اؤلئك المنتفظون المئات من الضحايا و الالاف من الجرحى برصاص الميليشيات العميلة التي استرخصت الدم العراقي و وجهت بنادق الغدر الى صدور ابناء ( جلدتها ) تنفيذآ لأوامر جاءت من خلف الحدود و طاعة ( للولي الفقيه ) هكذا كانت هبة تشرين التحررية و هكذا كانت وقفة الشموخ و التحدي البطولي الذي سطرته دماء اؤلئك الشباب و جراحاتهم و هم يتصدون بكل بسالة و اقدام لأسلحة العملاء و الخونة من فصائل الأحزاب العميلة المسلحة .

اما حين افترشت جموع ( المتظاهرين ) المطالبين بعودة الأحزاب الفاسدة و ميليشياتها المسلحة الى الحكم من جديد من خلال التشكيك بنتائج الأنتخابات و نزاهتها و على الرغم من كل الأجراءات المشددة و المراقبين الدوليين و المحليين و الأجهزة الألكترونية الدقيقة و الغير قابلة للأختراق و التسلل الا ان الأصرار على التمسك بالحكم و السلطة و ما تدره من مكاسب و ارباح لا يمكن لهذه الأحزاب التنازل عن تلك المغانم حيث اعتبرت الدولة العراقية و مؤسساتها ( غنيمة حرب ) استولت عليها تلك الأحزاب و ميليشياتها بوضع ( اليد ) حين مولت من تلك الأموال المنهوبة عشرات القنوات الفضائية التابعة لأحزاب السلطة و دفعت رواتب و أمتيازات جيوش الميليشيات التابعة لها و غيرها من الأنشطة غير المشروعة .

كانت حركة تشرين جماهيرية عفوية و كان المشاركون فيها و بالكاد يملكون أجرة النقل التي توصلهم الى ساحات التظاهر و خيم المعتصمين و كان المتبرعون من كرماء الناس هم من ينفق على تلك الجموع و يتكفل بأطعامهم و سد جوعهم في حين تجندت العديد من نساء التحرير في غسل و تنظيف ثياب المتظاهرين مجانأ دون مقابل دعمآ في استمرار الزخم الشبابي التشريني و اسناد قوة متصاعدة واعدة لم تكن لها اطماع في السلطة و لا احلام في الحكم الا ان مطالبهم كانت واضحة صريحة مدوية في محاولة مستميتة في انتزاع الأستقلال الوطني بعد ان احتل العراق من قبل ( الحرس الثوري الأيراني ) من خلال اذرعه ( العراقية ) و كانت فصائل ( المقاومة ) المسلحة رأس الحربة في ذلك الأحتلال الغاشم .

اما التشرينيين ( الحاليين ) المعتصمين امام بوابات ( المنطقة الخضراء ) فأن الأغلبية منهم و المطالبين بأعادة فرز الأصوات عسى و لعل ينالهم حظآ من اصوات مبعثرة هنا او هناك فأن ( اعتصامهم ) كان مدفوع الثمن مقدمآ من مسكن ( خيم ) و مأكل و خدمات تنفق عليها الأحزاب المهزومة من الأموال التي دأبت على نهبها و سرقتها خلال تلك السنوات العجاف من سيطرتها على مقاليد الحكم و التمكن من مفاتيح خزينة الدولة العراقية و الأستيلاء على مقدرات البلاد المالية من حصص النفط المهربة الى السطو على المنافذ الحدودية و سرقة ايراداتها الى الأستيلاء على املاك و عقارات الدولة بقوة السلاح و النفوذ .

الفرق بين ( التشارنة ) واضح و جلي فهؤلاء كانوا و ما زالوا يقارعون النفوذ الأيراني المحتل في اغلب الأحزاب الشيعية و ميليشياتها المسلحة و التي جعلت من العراق ساحة تصفية حسابات ايران مع امريكا في معارك و حروب يدفع الثمن الغالي فيها الشعب العراقي الذي لا ناقة له و لا مصلحة في ذلك النزاع المزمن و تارة أخرى تجعل هذه الميليشيات العميلة من العراق ميدانآ و منطلقآ في الهجوم على خصوم و اعداء ايران في المنطقة و هم كثر الى جعل العراق ممرآ و معبرآ الى ( حزب الله اللبناني ) و امداده بالمساعدات و المعونات الأيرانية ما جعل ( أسرائيل ) تشن العدوان تلو الآخر على فصائل ( الحشد الشعبي ) المتواجدة على الحدود العراقية السورية و توقع فيها خسائر و اصابات و الدم العراقي هو المراق و الأرواح العراقية هي التي تزهق فالفرق واسع و شاسع بين من باع الوطن و بين من حلم بوطن .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here