حرية الاعتقاد في الإسلام

يثير بعض الخبثاء من العلمانيين وأذنابهم ؛ مسألة حرية الاعتقاد التي يقررها الإسلام كمبدأ أساسي في الحياة ، وبخلطونها بقانون أساسي في الإسلام أيضاً ؛ وهو حد الردة ؛ ويعتبرون الثاني معارضاً ، ومناقضاً للقانون الأول .. وهذا ناتج إما عن سوء فهم ، وقلة بصيرة ، أو عن سوء نية خبيثة للطعن في الإسلام.

وفي هذا المقال القصير ، والموجز.. نبين الحقيقة جلية واضحة ، لا لُبس فيها ولا غُموض ..

يجب أن تعرف – يا أخي الكريم – أن الله تعالى لا يحب ، ولا يرضى لعباده الكفر إذ أنه يقول : ( إن تكفروا فإنَ اللهَ غنيٌ عنكم ، ولا يَرضَى لعبادِه الكفرَ ) .. ولكنه من عظمته ، وعدله ، واحترامه للإنسان الذي خلقه وصنعه بيديه .. سمح بحرية الاعتقاد ، وسمح له إذا شاء أن يكفر .. فله أن يكفر … ولكنه سبحانه أنذره ، وحذره ، وهدده ، وتوعده بالعذاب الأليم في جهنم خالداً مخلداً فيها إن كفر … وهذا ما جاء في تتمة الآية التي يستشهدون بها على حرية الاعتقاد ( فمنْ شاءَ فليؤمنْ ، ومنْ شاءَ فليكفرْ ، إنا أعْتَدْنا للظالمين ناراً أحاط بهم سُرادِقُها ، وإن يستغيثوا يُغاثوا بماءٍ كالمهلِ يَشوي الوجوهَ ، بئسَ الشرابُ وساءتْ مرتفقاً ) …

فالكفر ، حرية ، ولكن يترتب على هذه الحرية، ضريبة كبيرة .. وهي العذاب الشديد في نار جهنم ..

وحينما يؤمن الإنسان ، يصعد إلى أعلى مراتب الكمال الفكري ، والعقلي ، والإنساني .. فما ينبغي له أن يهبط إلى مرتبة الأنعام كما قال تعالى ( والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكلُ الأنعامُ والنارُ مثوىً لَهُمْ ) فيرتد إلى الكفر ..

فإذا ارتد إلى الكفر .. فهذا يدلُ على أنه قد أصابه خللٌ في عقله ، واضطرابٌ في تفكيره ، ومرضٌ في قلبه .. مما يستدعي معالجته كأي مريض عضوي …

وحينئذ تتشكل لجنة من العلماء والقضاة .. ويبدؤوا يناقشونه ، ويحاورونه عن سبب ارتداده إلى الكفر .. ولا يُقام عليه الحد مباشرةً .

فإن تمكنوا من علاجه .. واستجاب لهم ، ورجع إلى دينه الإسلام … فيبقى مسلماً ولا يُقامُ عليه أي حد ..

ولكن إن أصر على كفره ، ولم يُفلح العلماء في علاجه .. فحينئذ يجب بتره – كما نفعل نحن الأطباء ببتر أي عضو مريض وفاسد في جسم الإنسان .. خشية أن ينتقل المرض إلى بقية أعضاء الجسم –

فأي فرد مسلم .. هو عضو في جسم المجتمع المسلم .. فإذا أصابه المرض .. ولم يفلح الدواء في علاجه .. فيجب بتره .. لئلا يُفسد أعضاءً آخرين في المجتمع ..

ولهذا يجب قتل المرتد عن دينه .. وهذا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عن ابن عباس (مَن بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ).

فلا يوجد في هذا أي تناقض ولا اضطراب ، ولا خلل ..

لك الحرية الكاملة أن تبدأ حياتك بالكفر .. فلا أحد يتعرض لك أبداً .. وتتحمل أنت نتيجة كفرك .. تتعذب في نهار جهنم أبد الآبدين …

ولكن إن دخلت في دين الإسلام .. فعليك المحافظة عليه .. وإلا مصيرك القتل إن ارتددت عنه ..

وهذا الشيء معمول به في كل الدنيا … فأي شيوعي يرتد عن الشيوعية يُقتل … وأي نصراني يرتد عن النصرانية يُقتل … وأي بوذي يرتد عن البوذية يُقتل …

فلا غرابة ! أن يكون في الإسلام نفس الشيء … مع الفارق الكبير بين الإيمان بالله .. والإيمان بالشيوعية أو النصرانية أو البوذية أو سواها …

24 ربيع الأول 1443

31 تشرين الأول 2021

موفق السباعي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here