كيف سيكون المستقبل

كيف سيكون المستقبل :
بقلم ( كامل سلمان )
لقد عرفنا كيف كان الماضي ، وعرفنا كيف هو الحاضر ، ولكن هل يمكننا التطلع الى رؤية المستقبل او على الأقل معرفة بعض ملامحه ، فالمستقبل يعني اجيالنا ومصيرهم ، وبكل الأحوال ستكون لنا بصمة في تحديد هذا المستقبل .
هنالك رؤيتان للعالم القادم او المستقبل ، النظرة الأولى تشاؤمية والنظرة الثانية تفاؤلية . النظرة الأولى تبنى على مانراه من صراعات دموية وحروب باردة ومشاكل المناخ والانهيارات الاقتصادية وضمور قوى الخير وهيمنة قوى الشر وهجمات الفايروسات اضافة الى النقص الغذائي العالمي وحروب المياه وتطور الآلة العسكرية القادرة على إبادة الحياة على الأرض . اما النظرة الثانية وهي التفاؤلية التي تبنى على تطور عقل الإنسان وتقارب الحضارات والأديان وتطور العلوم بمختلف مجالاتها العلمية والإنسانية اضافة الى التطور التكنلوجي السريع ، هاتان النظرتان تستطيع أحداهما حسم المستقبل ، فأيهما اقرب الى الواقع .
بعض الدول والشعوب والمجتمعات تعمل جاهدة بإتجاه سمو الإنسان نحو الخير وبناء الأساس الرصين لأجيالها فنرى الاهتمام بالإنسان وبناء عقل الإنسان وخاصة الأطفال وتعمل على توفير كل ما يسعد الإنسان من غذاء جيد وماء نظيف ورعاية صحية وتعليم صحيح يستند على القواعد العلمية اضافة الى المستلزمات الحياتية الضرورية وحتى غير الضرورية فبذلك يكون المستقبل قد بان واضحا لأجيالها بتفاؤل مطلق وقد وضعت هذه الدول خطط بعيدة المدى لمستقبل افضل ووضعت الحلول والعلاجات لكل طارىء وهذه الدول او المجتمعات اصبحت تعيش المستقبل بشكل مبكر ، اما الدول والشعوب او المجتمعات التي مازالت تعيش في الماضي ولا تكترث لما يحدث في المستقبل وتجيش ابناءها وتسلب منهم حرية التفكير واساليب العنف في التعامل المجتمعي واستغلال الحاضر ابشع استغلال لخدمة مصالح فردية او ايدلوجية وترك ابناءها يقتتلون من اجل لقمة العيش ناهيك عن تردي الحياة في كل مجالاتها من تعليم وامان وصحة فهي الأخرى قد حسمت المستقبل بالنسبة لأجيالها وهو المستقبل التشاؤمي المظلم ، وعلى الأرض يمكن ان نلاحظ الفرق الكبير بين مجتمعات الصنف الأول ومجتمعات الصنف الثاني .
إذا المستقبل سيكون فيه عالمين متباعدين احدهما عالم مجهول مظلم والأخر عالم معلوم منير ، اي شعوب ارتضت ان تعيش في الحضيض وشعوب لن ترضى الا بالقمم وهذا الفارق سيجعل الحياة صورة اخرى غير الصورة التي عرفناها بمراحل التاريخ وسيجعل من الأفكار التي أدت الى ترهل بعض المجتمعات تموت قبل أوانها ، تلك الأفكار التي لم تعرف سوى التمني وضربة الحظ والرواية ستسحق نفسها بنفسها ولكن بعد ان تدفع مجتمعاتها الثمن من حياة ابناءها ، وشعوب اغلقت صفحة الماضي واستثمرت الحاضر وعرفت كيف تستفيد من اخطاءها لرسم الصورة الناصعة لمستقبلها وهذا الفارق لا يصح ان نمر عليه مرور الكرام ، فهو مصير شعب ومجتمع كان له بالأمس القريب مكانة بين شعوب الأرض وتردي مستقبله بعد حاضره جريمة لا تغتفر .
السيئون والمخربون والنفعيون موجودون في كل مكان فلماذا استطاعت بعض المجتمعات تحجيمهم ولماذا اخفقت مجتمعات اخرى امامهم والسبب واضح وهو انجرار الطبقة الواعية وراء الجزئيات والمعروف ان الطبقة الواعية هي الورقة الرابحة في اي مجتمع لا يمكن ان تكون هي الورقة الخاسرة وإذا حدث هذا فهناك عيب كبير ، اي بمعنى الوعي المزيف هي حقيقتهم ، وهذا مانراه للأسف الشديد ، اما التبرير وخلق الاعذار مهما كانت صحيحة فهي غير صحيحة .
نحن امام مسؤولية تأريخية لا يمكن استغفالها فقد اصبح الفارق الزمني كبير جدا مع شعوب الأرض واي تهاون يعني المزيد من الانحلال والانحدار وهذا يستوجب قدر أكبر من الابداع الفكري وقدر اكبر من التحدي وقدر أكبر من الشعور بالمسؤولية فهي أمانة في أعناق الخيرين ان يسعى كل منهم في اعادة صياغة مفاهيم الحياة وايصالها الى ابسط الناس .
استفحال الأمراض لا يعني ملازمة الفراش وكتابة الوصية وانتظار الأجل ، فبعض من هذه الأمراض يمكن علاجها بكبسولة وبعض منها يمكن علاجها بتداخل جراحي ولكن يشترط وجود الطبيب المتمكن ، هذه حقيقة يجب ان يدركها الجميع لان الأمراض ان تركت فإنها سوف تفعل فعلتها بجسد الإنسان وهي قادرة على ذلك ان كان طريقها سالك دون مقاومة ، وكذلك تفعل بنا جراثيم التخلف والجهل .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here