التحديات التي تواجه موازنة 2022

التحديات التي تواجه موازنة 2022
استنادا إلى السياقات الدستورية ، فمن المفروض أن تكون موازنة 2022 قد تم الانتهاء من إعدادها في هذا الأيام تمهيدا لإحالتها إلى مجلس النواب لمناقشتها والمصادقة عليها ونفاذها عند بداية السنة المالية ، وقد أعلنت وزارة المالية في تصريحات سابقة بأنها أكملت جاهزيتها لتقديم الموازنة ، ولكن تحول الحكومة لتصريف الأعمال وتقييد صلاحياتها بخصوص اقتراح القوانين أرجا هذا الموضوع إلى موعد غير معلوم ، وهو ما أثلج صدور الكثير من العراقيين الذين تضرروا من قسوة السياسات المالية لحكومة تصريف الإعمال ، والموازنة لا يمكن أن تقدم وقد تم حل مجلس النواب ولم تنعقد الجلسة الأولى لدورته الخامسة بعد ، وحسب التوقعات فان المجلس حتى وان انعقد خلال الأسابيع الباقية من السنة المالية الحالية فان تشكيل الحكومة ( مجلس الوزراء ) سيتأخر إلى ما بعد بداية السنة المالية 2022 ، وهذا هو التحدي الأول للموازنة القادمة لأنها ستتأخر في توقيتات صدورها رغم إن بعض الفائزين في الانتخابات لا يرغبون بتكرار حالة التأخر في إصدار الموازنة الذي ساد منذ سنوات ، ومن البديهي فان أية حكومة ستتشكل سيكون لها برامج وأهداف وأسبقيات ربما تختلف عن ما التزمت به الحكومات السابقة ، مما يشير بان الحكومة القادمة وان لم تتوضح معالمها حتى اليوم ستكون غير ملزمة بما أعدته الحكومة الحالية في إعداد الموازنة لأنها ستكون إرثا او بمثابة أملاءات ، لان حكومة ألكاظمي تتمسك بما ورد في الورقة البيضاء التي لا تعد ملزمة لآية حكومة قادمة لأنها لم تصدر بتشريع او قانون وإنما بقرار من مجلس الوزراء وبما يمكن الحكومة القادمة بإخضاعها لفيتو الالتزام بمضامينها كلا او بعض ، ويعني ذلك إن الحكومة الجديدة ستكون ملزمة بإعداد موازنة بمواصفات وجودة تطابق او تقترب من برنامجها الذي سيصادق عليه مجلس النواب وذلك تحدي أخر يواجه إعداد موازنة 2022 لان عليها أن تأتي بأفضل مما كان ، ومع الأخذ بنظر الاعتبار إن مناقشة الموازنة التي ستقدمها الحكومة القادمة يتم من قبل اللجان التي يشكلها مجلس النواب وان تشكيل هذه اللجان لا يتم إلا بعد اكتمال الحكومة والتوافق على رئاسة وعضوية اللجان فان الموازنة ستحتاج لمزيد من الوقت ، وفي أحسن الأحوال فان أمام البرلمان خيار بتشكيل لجنة للموازنة لحين تشكيل اللجان المالية والاقتصادية والقانونية وغيرها التي لها علاقة بمناقشة الموازنة الاتحادية لتقديمها للتصويت بالسياق الدستوري .
ولان الحكومة التي ستشكل قد ولدت من رحم الانتخابات المبكرة وما سبقها من فعاليات ، فإنها أمام تحديات عديدة في تنفيذ مطالب الجماهير في مواضيع عديدة ومنها الإصلاح الاقتصادي الذي تم استخدامه كمادة إعلامية خلال السنوات السابقة بلا تطبيق ، والجمهور له مطالب واضحة من حيث معالجة البطالة والخدمات وضعف الأداء وعشرات ومئات الملفات التي لا يمكن ولوجها إلا بسياقات غير اعتيادية تختصر الوقت والجهد والتكاليف ، ومن بين تلك الأمور التصدي لظواهر ارتفاع تكاليف المعيشة وزيادة التضخم عاما بعد عام وتنويع مصادر الناتج المحلي الإجمالي لتقليل الاعتماد على النفط في الإيرادات وزيادة الإنتاج لتقليل الاستيراد ، ويدخل ضمن هذه المواضيع التصدي للاحتكار والفساد وإعادة النظر بسعر صرف الدينار مقابل الدولار الذي اتخذته اغلب الكتل الفائزة شعارا لها في الانتخابات ، وهذه التحديات وغيرها ليست مستحيلة ولكن من الصعوبة انجازها بوقت محدد في ظل التركة الثقيلة التي ورثها البلد بسبب القصور والتقصير والتعمد في خراب البلاد ، وأية حكومة ستشكل يفترض إنها أدركت واستشعرت التحديات التي تواجهها لأنها مطالبة بإحداث الأثر الايجابي دون تأخير وأعذار مستهلكة ، والشعب ليست لديه قدرات غير متناهية في الصبر سيما وانه بات يمتلك الأدوات المناسبة في التعبير وتغيير الحكومات ، ومن الناحية العملية فان كل ما يجري وما سيترتب عليه من اتفاق بين الأطراف المعنية فانه يشكل تحديا في كيفية إعداد الموازنة الاتحادية وموعد نفاذها و المصادقة عليها ، فالموازنة ستكون عربون ثقة ورضا الناس بالحكومة لأنها الأداة المالية في تحقيق الأهداف بالحدود التي يقتنع بها الجمهور ، وسيكون من غير المقنع أن تدار الدولة على نهج سابقاتها في الصرف بحدود 1 \12 شهريا وتأخر الموازنة لأنه تكرارا لخطا فادح كان واحدا من أسباب الفقر والظلم والتخلف والفساد ، وهناك العديد من التحديات التي تحتاج لطاقات خلاقة في مواجهتها بعيدا عن السياقات الحالية والاعتماد على أفكار الديناصورات ، وفي ظل ما يجري ويدور حاليا من أحداث وانفعالات ورغم كل الصعوبات ، فان الأمل وان كان ضعيفا فانه لا يزال قائما بتجاوز المشكلات والتحديات ، ولتكن موازنة 2022 مفتاح الحلول إذا توحدت الإرادة الوطنية وتغلب نكران الذات على التبعية والملذات والأطماع .

باسل عباس خضير

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here