أسواق الفرح و أسواق الحزن

أسواق الفرح و أسواق الحزن

كامل سلمان

الواقع يبين لنا وجود نوعين من الأسواق يتحكمان في حياة الإنسان أينما كان ، أسواق للفرح و أسواق للحزن . وفي واقع حياتنا هذان السوقان يعرف أسرارهما قلة قليلة من الناس ، فإن أسواق الفرح حاليا شبه معطلة لإن رواده قد تعطلت بهم السبل وتم مصادرة بضاعتها لسبب بسيط هو إن هذه الأسواق تشكل خطرا على أسواق الحزن الرائجة حاليا ، وأسواق الفرح هي الأسواق الوحيدة القادرة على ايقاف رواج بضاعة أسواق الحزن . عندما تكون هنالك مناسبات رياضية او فنية أو إجتماعية نشاهد اسواق الفرح تتحرك بحيوية و نشاط ، أتذكر عند فوز العراق ببطولة الأمم الأسيوية لكرة القدم خرجت الجموع المليونية وهي ترقص في الشوارع فرحا وطربا بهذا الفوز ، حتى أنني سألت أحدهم وهو شيخ كبير كان يلوح بعصاه التي يتوكأ عليها للناس فرحا ، لماذا أنت تعيش هذه الفرحة ياشيخ ؟ فأجابني وكيف لا أفرح والناس فرحة رغم اني لست متابع لكرة القدم . إذا هذه حقيقة يدركها أصحاب أسواق الحزن ويدركون جيدًا إن الأفراح تبعث الحب بالحياة والسعادة وتبعد الناس عن أسواقهم المشؤومة وعن بضاعتهم الكاسدة لذلك تجد لا سبيل لهم الا إحياء الحزن في نفوس الناس فهو سبيلهم الوحيد لاستمرارية وجودهم او الهلاك ، وكذلك أتذكر جيدا عندما خرجت الملايين من الشباب والنساء والشيوخ والأطفال في المسيرات التشرينية مطالبين بالوطن ، سرعان ما تحولت تلك المسيرات الى أعراس وأفراح وكرنفالات للأحتفال بالرغم ان خروجهم كانت حركة أحتجاجية على سوء الأوضاع لكنها أصبحت فرصة للفرح ، لذلك سعى عشاق الحزن بجهد كبير للانقضاض على هذه الحركة الجماهيرية الرائعة وتحويلها الى حمامات دم وحزن كي تلتقي مع حاجتهم النفسية في تسويق البضاعة التي أصابها الشلل .
أسواق الحزن بضاعتهم مستوردة من منشأ واحد سيء الصيت معروف عنه بالغش والخداع وسوء الإنتاج وغير خاضعة للرقابة العقلية والأخلاقية في حين ان أسواق الفرح بضاعتهم ذات ماركة عالمية وهي الأنسانية .
أسواق الحزن تعمل عكس عقرب الساعة اي انها تعود بالزمن الى الوراء هكذا هي ساعاتهم ويجب عليك تقبلها وعليك ان تختار بضاعتك من اسواقهم واضعا كمامة على عينيك ان قادك الدهر يوما ان تكون من رواد هذه الأسواق .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here