مسؤولون: تطوير صناعة السياحة مهم للبلد كمورد آخر

ترجمة / حامد أحمد

لا شيء هناك يفرح قلب عالم الآثار، عامر عبد الرزاق، أكثر من رؤية سواح وهم يزورون المواقع الاثرية في منطقة سكناه بمحافظة ذي قار جنوبي العراق، فهو لم يدخر جهدا لجعل بلدته كوجهة سياحية رغم العقبات الكثيرة التي واجهها عبر السنوات.

ويقول الباحث الاثاري ومدير آثار ذي قار، عبد الرزاق، 46 عاما، في حديث لموقع ذي ناشنال الاخباري “ذي قار هي عبارة عن متحف معروض في الهواء الطلق. انها متجذرة عميقا بالتاريخ باحتوائها على أكثر من 1,200 موقع آثاري”.

المحافظة، التي تبعد 400كم الى الجنوب من بغداد، تعتبر حاضنة لكثير من المدن والمستوطنات القديمة الشهيرة التي تطورت في الجزء الجنوبي من حضارة بلاد الرافدين خلال الالفية الرابعة والثالثة قبل الميلاد.

من بين اشهر تلك المواقع هي مدينة أور، التي وردت في كتاب العهد القديم على انها مكان مولد النبي إبراهيم، حيث ازدهرت فيها امبراطوريات ثرية. والى الجنوب الغربي من أور، تقع هناك منطقة أريدو، التي تعتبر من اقدم المدن التاريخية فيها.

وتوجد في ذي قار أيضا المدينة الإدارية لدولة سومر المعروفة باسم، لارسا، وكذلك مدن لكش وجيرسو وأوما التاريخية.

ولكن مع اكتشاف ما يقارب من 25,000 موقع اثري في انحاء العراق، فأنها تعرضت لأضرار كبيرة عبر عقود من الحروب وغياب الإجراءات الأمنية وسوء الإدارة. كثير من هذه المدن التاريخية وعلى مدى عقود تعرضت للتآكل وتركت مهملة، فهي قريبة من مناطق سكنية عامة وتركت بدون حراسة جيدة حيث كانت هدفا سهلا لسراق ومهربي الآثار.

كان الآثاري عبد الرزاق يدعو الى زيادة الوعي بخصوص أهمية الآثار. ونشر على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك موضوعا يتعلق بالآثار. وعرضه بأسلوب بسيط ومؤثر يدعو من خلاله عامة الناس وخصوصا الأطفال لزيارة المتحف والمواقع الاثرية والمشاركة بأنشطة ثقافية.

يقول عبد الرزاق “دائما اتحدث عن الآثار في كل مكان، في المدارس والمقاهي وحتى في الازقة، انا نقلت هذا العالم من المكان الاكاديمي في الجامعات ومواقع الابحاث الى الشارع”.

بالنسبة له فان المتحف هو عبارة عن “مصنع لاعداد جيل ينتمي لهذه البلاد. ولكن لسوء الحظ فان اليوم لدينا أجيال فتحت اعينها فقط على حروب وعقوبات اقتصادية واحتلال ومجاميع إرهابية”.

وقد أتت جهوده بثمارها، فكثير من القطع الأثرية بدأت تصل لمتحف المدينة بدلا من السوق السوداء وقام متطوعون بعرض مساعدة مالية لإجراء ترميمات. وتم تأسيس ورشة عمل داخل المتحف لعمل قطع مطابقة للأصل والعمل جار لافتتاح مكتبة بجوار المتحف. وتم طبع دليل سياحي من 67 صفحة لجميع المواقع الأثرية في المحافظة.

ولأجل تعزيز تدفق السياح، فعليه ان ينسق ذلك مع السلطات الأمنية. وقد نجح مؤخرا في اقناعهم بإلغاء قرار يتطلب من الزوار الخارجيين ان يكون لهم كفيل من الداخل وذلك بسبب وجود سجن امني ضخم في المنطقة يسمى بسجن الحوت يقيم فيه سجناء متهمون بقضايا إرهابية. وبسبب وقوع حوادث هروب كثيرة سابقا من السجن، فقد فرضت السلطات تقييدات على الزوار القادمين من خارج المحافظة.

وفي زيارة اخيرة لمكتبه، كان عبد الرزاق يجري مكالمات هاتفية مع قائد عسكري للسماح لمجموعة من الشباب ان ينصبوا مخيما للرصد الفلكي في منطقة أريدو التاريخية.

وقال عبد الرزاق “علينا ان نعيد ثقة الناس بهويتهم وحضارة بلدهم بلاد الرافدين، علينا ان نعرفهم بمكانة العراق التاريخية ودوره في العالم”.

في عام 2016 أدرجت منظمة اليونسكو منطقة الاهوار في المحافظة بالإضافة الى ثلاثة مواقع تاريخية بضمنها اور و أريدو ضمن لائحة التراث العالمي، ما يشجع ذلك السواح لزيارة تلك المناطق.

وقال الباحث الآثاري عبد الرزاق إن زيارة البابا الأخيرة لمنطقة أور قد مهدت الطريق لما يعرف بالزيارات الدينية المسيحية للمنطقة، وهذا ما كنا نعمل على تحقيقه وتطويره. وعقب تلك الزيارة أعلنت الحكومة العراقية عن خطط لبناء مدينة سياحية قرب مدينة اور بمساحة 2 كم مربع تدعى المدينة الابراهيمية وستضم مركزا لحوار الأديان مع جامع وكنيسة.

العام الماضي اعلن برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة عن مشروع، سومريون، بتمويل من الاتحاد الأوروبي لدعم النمو الاجتماعي الاقتصادي عبر السياحة البيئية والحفاظ على التراث الثقافي في محافظة ذي قار، وتطويرها كوجهة سياحية. ويستعد الاتحاد الأوروبي لإنفاق 2 مليون دولار على مدى سنتين، وسيتم تنفيذ المشروع من قبل برنامج التنمية للأمم المتحدة بمشاركة السلطات المحلية في المحافظة ومنظمات أخرى غير حكومية، محلية واجنبية.

وتم انشاء ممرات خشبية لأخذ الزوار الى المواقع الآثارية المهمة في منطقة أور، مبنى الزقورة بيت النبي إبراهيم وكذلك المقبرة الملكية ومعبد دوبلا ماخ الذي يعتبر اقدم بلاط في التاريخ. ويتضمن المشروع بناء اسيجة حول بعض المواقع ونصب منظومة اضاءة جديدة ولوحات تعريفية باللغة العربية والإنكليزية.

ومع بدء درجات الحرارة بالانخفاض في المحافظة، فان الموسم السياحي قد بدأ في ذي قار. مئات من السياح المحليين والأجانب بدأوا يتدفقون وبالأخص لمناطق الأهوار منطقة أور. وان بعثات التنقيب الأجنبية قد تم منحها التراخيص للعمل في مواقع آثارية مختلفة.

وقال عبد الرزاق “نحن بحاجة ماسة لتطوير صناعة السياحة في البلد. وان لا نعتمد على واردات النفط فقط.”.

عن موقع ذي ناشنال الإخباري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here