هل سَتَتَقَرْدَح لبنان من أجل عيون القرداحي؟

محمد مندلاوي

أنا شخص كوردي،لكن بسبب الاحتلال العراقي البغيض لجنوب كوردستان، الذي منعنا من التعلم في المدارس بلغتنا الأم، اللغة الكوردية،فعليه كغيري من الكورد أكتب غالبية مقالاتي باللغة العربية… التي فرضت علينا فرضا. لكني لا أنظر إلى ما يحدث في العالم بعيون عربية قط؟، بل أنظر إلى ما يحدث على كوكبنا الأزرق من القطب إلى القطب وأحلله بعيون كوردية فقط؟. كما قلت، لا أنظر إليها بعيون شعب اللغة التي أكتب بها؟. أني أتعامل معه كذاك العربي الذي يكتب بأية لغة أجنبية، لكنه يبقى عربياً، وينظر إلى الأمور بعيون عربية، ويحلل ما يجري حوله بعقل عربي. هكذا هو أنا الكوردي الكوردستاني أحلل الأحداث التي لها تأثير مباشر على الخريطة السياسية في العالم كي أعرف جيداً نسبة توافقها وتعارضها مع مصلحة شعب كوردستان الجريح وأقول رأي فيها بكل صراحة ووضوح؟.

لكن موضوعنا لهذا اليوم، ليس له علاقة بالشعب الكوردي في غرب كوردستان (سوريا) القريبة من منطقة الحدث – لبنان- ولا بالأقلية الكوردية المسالمة التي تعيش فيها منذ زمن طويل. إلا أن ما سنخوض فيه في هذه الوريقات هو لبنان فقط، التي وضعت بين مطرقة إيران المتمثلة بحزب الله والأحزاب المتحالفة معه، وسندان المملكة العربية السعودية وبلدان الخليج والقوى المتحالفة معها داخل وخارج لبنان. عزيزي المتابع، قبل الولوج في صلب الموضوع، لا أعلم هل أن السياسي اللبناني يدري أم لا، أن لبنان لم تعد لها أولوية سياسية لدى البلدان الخليجية والعربية؟ لأن دور لبنان كأرض حرام بين إسرائيل ودول الخليج قد انتهى منذ لحظة التي وقعت فيها بلدان الخليج على وثيقة (الصلح) مع دولة إسرائيل، أي أن الدلال اللبناني على بلدان الخليج قد انتهى مع انتهاء علة العلل؟ فلم يبق لهذا الدلال والعشق الرومانسي وجوداً على أرض الواقع، حيث أن العلة التي كانت تسمى بالكيان الصهيوني، العدو اللدود، صار صديقاً حميماً، وأصبح يحمي بلدان الخليج الغنية من شرور إيران الإسلامية الشيعية التي تهددهم ليل نهار في عقر ديارهم.

عزيزي المتابع، في الظاهر، أن الشخص الذي قام بهذه الزوبعة في الفنجان السعودي، هو شخص جورج قرداحي، وذلك عن ما قاله في قناة الفتنة، الجزيرة أونلاين، في برنامج بعنوان (برلمان الشباب) عن الحرب الدائرة في اليمن وذلك قبل توزيره بشهر. حقيقة وجب على جورج قرداحي وعلى أي لبناني آخر أن كان سياسياً في هرم السلطة أو مواطناً عادياً ولديه ذرة معرفة ودراية عن وضع بلده الاقتصادي والسياسي والعسكري الخ أن لا يمس المملكة العربية السعودية ولا أي بلد خليجي آخر بسوء قط. لقد قرأت شيئاً عن حياة جورج قرداحي، وجدت أنه درس في الجامعة في لبنان العلوم السياسية والقانون!!! وهذا يعني أنه يعرف ويلم أكثر وأفضل من غيره أن للكلام في وسائل الإعلام وقع كبير على العلاقات

بين الدول أكثر من وقع الفرق العسكرية في ساحات الوغى؟. عجبي، ألا يعلم الإعلامي الكبير وخريج العلوم السياسيةً، أن قوة لبنان في خطابها السياسي والإعلامي المُهادن غير المناوئ؟. لا أدري، كيف يشطح جورج المثقف والمسالم هذه الشطحة التي تكسر الرقبة!!، إلا أن يكون مدفوعاً من جهة ما؟ فعليه وضع مصلحته الشخصية فوق مصلحة بلده الجريح لبنان، التي تعيش على ما تجود به بلدان الخليج، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، التي منحت لبنان على مر الأعوام المنصرمة أكثر من 72 مليار دولار، أضف لهذا الكرم الحاتمي، أن تحويلات الأيادي العاملة اللبنانية في السعودية قرابة 4 مليار دولار سنوياً، وصادرات لبنان إلى الخليج من الزيتون والعنب والتفاح والموز والتين الخ قرابة 3 مليار دولار سنوياً، وهكذا السواح السعوديون الذين يصطافون في لبنان لاعتدال هوائه صيفاً، وجمال مدنه وقراه الجبلية وانتشار شجرة الأرز في مرابعها الغناء، وتشغل هؤلاء السواح العرب آلاف مؤلفة من الأيادي العاملة اللبنانية؟. وكذلك وجود مكاتب سلسلة قنوات الـMBC في بيروت، التي كانت تدر أموالاً كثيرة في جيوب اللبنانيين، تحديداً في هذا الوقت العصيب حيث الأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي تقض مضاجع لبنان، حيث أن الدولار الواحد جاوزت عتبة الـ20 ألف ليرة لبنانية!!. لكن نتيجة لتصريح قرداحي… تم إغلاقها – مكاتب الـMBC- في لبنان وانتقالها إلى الرياض. وهكذا عزيزي القارئ المنظمات الدولية التي تساعد لبنان، أن المساهم الأكبر فيها هي المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى. هذا ناهيك عن ما تدخل إلى لبنان من مبالغ طائلة من دولة الكويت والإمارات والبحرين الخ. بالمقابل ماذا قدمت إيران الإسلامية وسوريا البعثية وحزب الله الشيعية للبنان غير التفجيرات والاغتيالات والنفاق السياسي والاجتماعي؟ وهذا الأخير – حزب الله- منذ أن تأسس يحاول جاهداً أن يحقق مآرب إيران التوسعية في لبنان كي يحولها إلى ساتراب تابعة للجمهورية الإسلامية الإيرانية؟؟. نقوله بصراحة مطلقة، نتيجة لكلام خاطئ لم يحسب قائله ما سيترتب عليه سيدفع بلده التعيس لبنان الثمن غاليا.

إن كلمة قَرْدَحَ كما جاءت في عنوان المقال تعني في لغة العرب: التذلل، التصاغر؟. وكلمة ساتراب تعني باللغة الميدية (الكوردية) واللغة الفارسية المقاطعة، الولاية.

شكراً على القراءة

16 11 2021

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here