قواعد التعامل النموذجي مع السجناء من ذوي الإعاقة

حازم صافي

يمكن القول ان وجود قواعد نموذجية للتعامل مع السجناء من ذوي الاعاقة يمثل خطوة مهمة لتمكين هذه الفئة من الوصول الى العدالة، فبالإضافة الى ان احترام هذه القواعد وتطبيقها بشكل صارم سيساهم في تحسين البيئة الحياتية العامة لهذه الفئة،

فانه يمثل استجابة لمظلة واسعة من الاسس القانونية المحلية والدولية ومن بينها المادة (32) من الدستور، والبند اولا من المادة الثانية من قانون رعاية ذوي الاعاقة رقم 38 لسنة 2013 والذي نص على ضرورة (رعاية ذوي الاعاقة والقضاء على التمييز ضدهم بسبب الاعاقة) وكذلك الفقرة (أ) من البند سادسا من المادة 15 والتي تنيط بمجلس القضاء الاعلى ووزارة العدل مهمة (مراعاة الظروف الصحية لذوي الاعاقة في اماكن الحجز والتوقيف والسجون اذا اقتضت طبيعة القضية وظروفها اتخاذ هذه الاجراءات) كما يمكن القول ان اعتماد قواعد منضبطة للتعامل مع السجناء من ذوي الاعاقة يمثل تعاطيا واقعيا مع الغرض من الاتفاقية الدولية لحقوق ذوي الاعاقة والذي حدده المشرعون بـ(تعزيز وحماية وكفالة تمتع الاشخاص ذوي الاعاقة تمتعا كاملا على قدم المساواة مع الاخرين بجميع حقوق الانسان والحريات الاساسية وتعزيز واحترام كرامتهم المتأصلة) كما ان وجود مثل تلك القواعد داخل آليات العمل في المؤسسة السجنية الاصلاحية العراقية، يمثل تنفيذا للالتزامات المترتبة على العراق نتيجة انضمامه للاتفاقية والتي تلزمه بتعهد قانوني يتمثل بضرورة احترام معايير حقوق الانسان والحريات الاساسية لجميع الاشخاص ذوي الاعاقة دون اي تمييز من اي نوع على اساس الاعاقة وهو الامر الذي يفرض على العراق تنفيذ ما جاء في الفقرة (ب) من البند اولا من المادة الرابعة من الاتفاقية التي تنظم التزامات الدول الموقعة على الاتفاقية حيث تنص هذه الفقرة على (ضرورة اتخاذ جميع التدابير الملائمة بما فيها التشريع، التعديل او الغاء ما يوجد من قوانين او لوائح واعراف وممارسات تشكل تمييزا ضد الاشخاص ذوي الاعاقة) وكذلك ضرورة ضمان حرية ذوي الاعاقة وامنهم وفقا للقانون وهو ما تطرحه الفقرة (ب) من البند اولا من المادة 14 من الاتفاقية والتي تنص على (عدم حرمانهم من حريتهم بشكل غير قانوني او بشكل تعسفي وان يكون اي حرمان من الحرية متسقا مع القانون، وألا يكون وجود الاعاقة مبررا باي حال من الاحوال لأي حرمان من الحرية) هو ما تم تأكيده عبر الفقرة الثانية من المادة 15 من الاتفاقية والتي تنص على (تتخذ الدول الاطراف جميع التدابير التشريعية والادارية والقضائية وغيرها من التدابير الفعالة لمنع اخضاع الاشخاص ذوي الاعاقة على قدم المساواة مع الاخرين، للتعذيب او المعاملة او العقوبة القاسية او اللانسانية او المهينة) لقد حرص المشرعون على أمر مهم الا وهو تأكيدهم على ضرورة بناء قدرات العاملين في المؤسسات السجنية، وذلك لضمان حيازتهم للخبرات المطلوبة في التعامل مع السجناء عموما، وذوي الاعاقة منهم على وجه الخصوص، وهو ما تمت الاشارة اليه في الفقرة (ط) من البند (اولا) من المادة (4) من الاتفاقية الدولية لحقوق ذوي الاعاقة التي تنص على (تشجيع تدريب الاخصائيين والموظفين العاملين مع الاشخاص ذوي الاعاقة في مجال الحقوق المعترف بها في هذه الاتفاقية لتحسين توفير المساعدة والخدمات التي تكفلها تلك الحقوق) وهو ما يحرص “العدالة في متناول الجميع” على تفعيله مع المنظمات المهتمة بقضايا ذوي الاعاقة والتي تقوم بتنظيم ورش عمل متخصصة تستهدف بناء قدرات العاملين في المؤسسات الاصلاحية وحثهم على تبني رزمة من القواعد التي يمكن اتباعها عند التعامل مع السجناء من ذوي الاعاقة، حيث تم تصميم تلك القواعد بطريقة تستوعب معظم مراحل التعامل مع السجناء، وهذه القواعد تشمل ضرورة امتلاك خطط للاستقبال والتسجيل والادخال في نظام بيانات ومعلومات قابل للملاحظة والتدقيق، ومتاح امام المؤسسات المهتمة بقضايا ذوي الاعاقة عند الحاجة ووفقا للقانون، وكذلك ضرورة الركون الى التعامل اللغوي اللفظي الايجابي وبما يساهم في توفير بيئة حاضنة للسجين من ذوي الاعاقة تستجيب لهذه القاعدة، وضرورة الحرص على ان تكون امكنة الحجز صحية ومناسبة وبما يوفر حيزا ملائما لاحتياجات ذوي الاعاقة، وضرورة توفير المعينات التي يحتاجها ذوو الاعاقة وبالشكل الذي يمكنهم من ممارسة حياتهم، او الفعاليات الاخرى المتعارف عليها داخل السجن بطريقة متوازنة، وضرورة احترام قاعدة نموذجية اخرى تتمثل في حتمية عدم جعل الاعاقة سببا للتمييز بين السجناء، واهمية الحرص على توفير المشورة الصحية للسجناء من ذوي الاعاقة وبالشكل الذي يتيح لهم واقعا حياتيا يتسم بالاستقرار، و ضرورة ان تقوم ادارات السجون بالعمل على توفير كل اشكال الدعم النفسي والاجتماعي للنزلاء من ذوي الاعاقة اسوة بأقرانهم، ويمكن في هذه الحالة ان يتم تقديم خدمات دعم اضافية للسجناء من ذوي الاعاقة، وبطريقة مدروسة لا تمثل تمييزا سلبيا، و ضرورة العمل على امكانية تيسير وصول السجناء من ذوي الاعاقة الى مرافق المؤسسة الاصلاحية والمعلومات والمعطيات والبيانات التي تمس وضعهم القانوني وحياتهم داخل السجن اسوة بأقرانهم.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here