العاطل عن العمل

العاطل عن العمل :
بقلم ( كامل سلمان )
العاطل عن العمل يسبب ثلاثة أنواع من المشاكل ، أولهم يسبب مشاكل نفسية لنفسه وأزمات وتوتر للفراغ الذي يعاني منه والنقص الحاصل في الدخل اليومي وعدم قدرته على سداد مصاريفه ، وثانيهم مشاكل للعائلة لأن التوتر ينعكس بشكل سلبي على البيت فتصبح حياة العائلة متوترة وقلقة من جراء السلوك الانفعالي للعاطل، وثالثهم مشاكل للمجتمع إذ يتحول العاطل عن العمل من إنسان فعال إيجابي في المجتمع الى إنسان غير فعال ، وكلما مر عليه الزمن يصبح فعال ولكن بشكل سلبي وقد يصبح مشروع للجريمة وهنا تتلاقفه الأيادي الخبيثة لتحقيق مآربها الإجرامية . فيسقط كإنسان وضرره بالنهاية يصب في غير صالح المجتمع ، لذلك نرى في المجتمعات الحضارية إهتمام خاص بالعاطلين عن العمل وذلك بصرف رواتب و مستحقات تبعده عن أي انحراف سيء . أما في المجتمعات الأخرى فالنتيجة واحدة وهي السقوط . وإذا حاول التظاهر والاحتجاج فسيواجه بالعنف والكبت . ولكي لا يسلك الطرق المظلمة يسعى الى الهجرة والهرب من الواقع التي أضحت مغلقة الأبواب أمامه فتبدأ معه سيناريوهات مظلمة كما نسمع ونرى من خلال وسائل الأعلام عن حال الآلاف من المهاجرين الذين تقطعت بهم السبل والمصير المؤلم الذي ينتظرهم أينما تولوا . إن الذي يقف وراء كل هذه المآسي حكومات لا تجيد إدارة الدولة ولا تترك أي أعتبار لأبنائها لأنها معزولة تماما عن شعوبها ولأنها تربعت على كراسي السلطة في حين غفلة من أهلها ولا تدرك تلك المخاطر التي تحيط بأفراد المجتمع فهي تعيش بحبوحة الحياة وعوائل رجالات الحكومة في نعيم مقيم ، أما البلد ومستقبل البلد خارج حساباتهم . هذه واحدة من أكبر المشاكل الاجتماعية التي تعصف بلداننا المغلوبة على أمرها في العصر الحديث دون وجود أية حلول واقعية وجذرية . نحن نسمع من وسائل الأعلام عن هروب من الواقع والهجرة في بعض المجتمعات لأسباب سياسية وفي مجتمعات أخرى لأسباب معيشية ومنها لأسباب الاضطهاد العرقي او الاضطهاد الديني ، ولكن في مجتمعاتنا فجميع هذه الأسباب أجتمعت سوية لتجعل الهجرة والهروب سبيل أوحد غير قابل للرجوع عنه . وهذه كارثة لم تشهد لها البشرية مثيل ، فهذا الهارب مستعد لفعل أي شيء لتحقيق الهدف ومهما كان الثمن . يهاجرون وعيونهم على الأرض التي تخلت عنهم وهم الذين سقوا حدودها بدمائهم وأقاموا كرامتها بجهود مضنية ليصبحوا مستوطنين لديار الغربة ومتعايشين لمجتمع الغربة ولكن هذه المرة كرامتهم مصانة وصوتهم مسموع لتعيد لهم وجودهم كبشر وتعيد لهم حقوقهم الإنسانية المستباحة دون حق وتعيد لهم بعض ما خسروه في ديارهم التي نشأوا وترعرعوا فيها وكأن الحياة قد قررت قرارها دون إستشارة أصحاب الشأن ، ولكن ماذا بعد ؟ وماذا ينتظر أصحاب القرار بعد ان شاهدوا بأم أعينهم ماذا أحل بشباب وعوائل الوطن ، هل يريدون للغالبية من ابناء الشعب يعيشون نفس التجربة مجازفين بحياتهم للرحيل بشعار اما الفوز وتحقيق الهدف او الموت او الفشل ، لإننا وبصراحة أصبحنا نرى هذا المشهد يتكرر دون توقف وأشبه ما يكون خبر يومي ولا أحد يأسف على حالهم ولا حل يلوح بالأفق للملايين من العاطلين عن العمل الذين لهم الحق في كل خيرات البلد المنهوبة في وضح النهار ، عاطلون عن العمل و عاطلون عن الحياة يتأملون بصيص أمل ، وحتى بصيص الأمل يخفت رويدا رويدا ، الشيء الذي لا يعرفه أصحاب القرار الغافلين ان للحياة سنن وان للدنيا قوانين وإن من يقفز عليها ستعاقبه الدنيا أشد العقاب وهذا التأريخ مليء بالشواهد ودائما ما نمر على الشواهد الحية لحال من سبقهم ( وتلك الأيام نداولها بين الناس ) فلماذا هذا الإصرار على الخطأ ولماذا هذا العناد .
تعيش الحياة و أنت نائم
وتصحو نادما عما جرى
فكفة الميزان قد تغيرت
هل صرت أعمى لا ترى

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here