هكذا كانت بغداد تحتفل قبل 1000 عام !

هكذا كانت بغداد تحتفل قبل 1000عام ! * د. رضا العطار

كان الاثرياء من اهالي بغداد زمن العباسيين يقيمون افخم مجالس الطرب في قصورهم وبيوتهم وفي الحانات العامة، يتبارون في وصف الخمرة ويتغنون بالوانها ومذاقها وصورها فهي في نظرهم في لمعة الذهب او بلون الزعفران. كانوا ينتشون برائحتها ويشبّهونها بشذى عطر العنبر، يتصورون ان للخمرة طلعة، فتارة هي الكوكب المضيء واخرى هي طلوع الفجر، حتى انهم كانوا يبصرون الفجرَ في الكأس قبل بزوغه في السماء، اسمعه ما يقول:

خططنا على خمارها جنح ليلة * * * فلاح لنا فجرُ، ولم يطلع الفجرُ

فقد تداخلت كل هذه المواهب لدى ابي نؤاس في التلوين الفكري لتفجّر قابليات وتفاعلات تكشف عن شاعرية فذة مازالت حتى في عصرنا الراهن هي قمة العطاء المفعم بأشكال التضاد والوان التناقض التي يتعانق بها الهزل والجد، العبث والوقار، الاستهتار والتهيب، التهتك والتوبة، الزندقة والزهد. وحتى الكفر والايمان.

والان استمع الى رائعته، كيف يصف فيها الكأس:

وساق غرير الطرف والدلُ فاتن * ** ربيب ملوكِ كان والدهم كسرى

اغوينا مغنيا على الشرب كأسه * * * فتدركه كأس وفي كفه اخرى

فأمسك ما في كفه بشماله * * * وأومأ الى الساقي ليسقي باليمنى

فشبهتُ كأسيه بكفيه اذ بدا * * * سراجين في محراب قس اذا صلّى

ادير على الكأس تنكشف البلوى * * * وتلتذ عيني طيب رائحة الدنيا

خمرا كأن البرق في لمعانها * * * تفاريق درّ في جوانبها شتى

فتزداد عند المزج طيبا كأنها * * * اشارة من تهوى الى كل من تهوى.

* مقتبس من ديوان ابو نؤاس لعمر فاروق المطاع.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here