الأقلية في القرآن الكريم (الحلقة الثانية)

الدكتور فاضل حسن شريف
كل ما ذكره القرآن عن الاقلية والاكثرية فله علاقة بالايمان ” وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ” (هود 40) و “قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ” (ص 82-83) والاخلاق والقيم “يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ” (هود 116) وليس له علاقة بالقومية واللون والاصل والسياسة والجنس “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ” (الحجرات 13) فهنا الناس متساوون كاسنان المشط لا فضل عربي على الاعجمي الا بالتقوى كما جاء في خطبة الوداع للرسول الاعظم صلى الله عليه واله وسلم (يَا أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلاَ لاَ فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلا لأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلا بِالتَّقْوَى، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ، أَلا هَلْ بَلَّغْتُ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ) والاسلام جاء رحمة لكل البشر بمختلف مشاربهم “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ” (الانبياء 107).وفي العادة فان رأي الاقلية اكثر شجاعة من رأي الاكثرية امام الظلم والظالم. ولا تتصور ان خنوع الاكثرية للظالم سوف يفلتها من عقاب الظالم نفسه “وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ” (الزخرف 39). وفي نفس الوقت فان الظالم سوف تبتعد عنه الاكثرية عندما تحين نهايته “وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ” (الشعراء 227). الله تعالى يكافئ الاقلية المظلومة الصابرة “وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ” (الرعد 22)  بعد سقوط الظالم “أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ” (الرعد 22) و “وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا” (الشعراء 227).
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here