الأقلية في القرآن الكريم (الحلقة الرابعة)

الأقلية في القرآن الكريم (الحلقة الرابعة)

الدكتور فاضل حسن شريف

ان القلة المختارة من الناس هم الذين تعتمد البلدان والمجتمعات المتقدمة عليهم وهم الذين يأخذون القيادة. ولكن كثير من بلدان العالم الثالث في الوقت الحالي لا يسمح لهم باتخاذ مثل هذه المناصب. والتعجب بالكثرة حالة مفسدة للنصر “وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا” (التوبة 25). والقلة مع الايمان هي المنتصرة على الكثرة المهزومة “كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ” (البقرة 249).
وقد وصف فرعون اصحاب موسى عليه السلام يالشرذمة القليلة “إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ”(الشعراء 54) وهكذا نفس الاسلوب يستخدمه الطاغية في الوقت الحالي عندما يقف امامه الشرفاء يقول عنهم هؤلاء شرذمة. والقلة المؤمنة لا يهمها المال كما حال اصحاب نوح عليه السلام “مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا” (هود 27) حيث اتهمت الاكثرية الظالة الاقلية المؤمنة بالاراذل كما يفعل الطواغيت في العصور الحالية باتهام الابرياء والاقليات بشتى الاسماء القبيحة ولا يعرفون ان هؤلاء الطواغيت ومن يسير خلفهم هم الاضل سبيلا “أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا” (الفرقان 44).
والاهتزاء بالمستضعفين الابرياء من شيم ضعاف النفوس المتكبرين كما حصل للذين استهزؤا بالرسول الاعظم صلى الله عليه واله وسلم “إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ” (الحجر 95). ومن اعلى درجات النفس المريضة ان ترى الابرياء تتألم من طاغية او اي ظلم وهي لا تتألم لالمهم بل احيانا تشمت وحتى تفرح. وعمل الظالم ضد الاقليات المضطهدة ظلم عظيم وهو اعلى درجات المنكر فعلى كل واحد ان يقف ضد هذا العمل استنادا الى الحديث النبوي الشريف (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان).
وعادة الحاصل في الدول ذات الشعوب الحية تخرج الشعوب مندتتا لظلم الاقليات ضد الظالم او اي مجموعة تضطهد الاخرين، بينما الشعوب الخانعة للظالم مثل واقع الدول المتخلفة الواقعة تحت حكم سلطان جائر “إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ” (القصص 4) فان الاقليات فيها مضطهدة.
هنالك من صحابة الرسول محمد صلى الله عليه واله وسلم من الاقليات العرقية فهذا الصحابي بلال الحبشي وذاك سلمان الفارسي، واخرين منهم فيروز الديلمي الفارسي، ام ايمن الحبشية، مارية القبطية، وسيرين القبطية، صهيب الرومي، الازرق بن عقبة الرومي، سالم مولى ابي حذيفة الفارسي، ابو رافع القبطي، جبر بن عبد الله القبطي، جابان ابو ميمون الكردي، خنيس القبطي، مأبور القبطي، يعقوب القبطي وغيرهم.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here