رؤية امريكية لاقتراب الصدر من اولويات واشنطن والرهان عليه

رأت مؤسسة “هيريتدج فاونديشين” البحثية الامريكية، يوم السبت، أن لدى واشنطن الآن هدفين اساسيين في العراق يتمثلان بمواجهة النفوذ الايراني ومحاربة ما وصفتهم بـ”المتطرفين الاسلاميين”.

وقالت المؤسسة في تقريرمترجم إن “مقتدى الصدر اصبح الآن أكثر اقتراباً من الاهداف الامريكية في العراق، ومن الممكن ان تكون لمعارضته الهيمنة الايرانية، وبعد امتلاكه اغلبية سياسية في البرلمان، ان يسهل عودة مصطفى الكاظمي الى السلطة”.

ولفت تقرير المؤسسة الامريكية إلى أن نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية، “ومن حسن الحظ، أن تخلق فرصة للولايات المتحدة من اجل التقدم لتحقق الهدفين الرئيسيين، اي مواجهة نفوذ ايران، ومحاربة المتطرفين الاسلاميين”.

وأشار التقرير إلى أن “نتائج الانتخابات اثارت ردة فعل فوري من الفصائل الموالية لايران، ما ادى لاندلاع اضطرابات بينها محاولة اغتيال للكاظمي”، مضيفاً أن “مصادقة المفوضية المستقلة للانتخابات الثلاثاء الماضي على النتائج، يمنح مقتدى الصدر الكتلة الاكبر في البرلمان، وبالتالي الكلمة الأكثر ثقلاً في تشكيل الحكومة الجديدة”.

واوضح التقرير أن “الصدر معروف بشكل جيد بالنسبة الى صناع السياسة الامريكيين، خاصة منذ أن قاد ميليشياته ضد القوات الامريكية في المرحلة الاولى من حرب العراق”، مشيراً إلى أنه “تلقى دعماً وتدريباً وتمويلاً لمحاربة القوات الامريكية، من حزب الله وقوة القدس الايرانية، التابعة للحرس الثوري”.

لكن الصدر، وفق التقرير، “أصبح منذ ذلك الوقت، أكثر  اقتراباً من الاهداف الامريكية في العراق، ومن المرجح ان يكون بمثابة صانع الملوك مستفيداً من غالبيته البرلمانية لترشيح الكاظمي، المقرب من واشنطن، للاستمرار في موقعه كرئيس للحكومة”.

وتابع، أنه مع اضعاف “جيش المهدي” تحت ضغط الولايات المتحدة، فر الصدر الى مدينة قم في العام 2008، لتعزيز مؤهلاته الدينية في حوزة شيعية، وعاد الى العراق ثم جدد دخوله الى الساحة السياسية في العام 2011، بعدما ابرم صفقة مع المرشح الافضل لايران لرئاسة الحكومة، أي نوري المالكي.

إلا أن التقرير لفت إلى أن “تحالف المالكي – الصدر، لم يعمر طويلاً، وفي العام 2014، عارض الصدر حكومة المالكي بشكل علني، ووصف المالكي بأنه “ديكتاتور يدير نظاماً استبدادياً”.

واعتبر التقرير، أن “تدهور الوضع الامني في ذلك العام، منح الصدر الفرصة الامثل لتعزيز قاعدته الشعبية، ففيما عجزت القوات العراقية عن وقف تقدم مسلحي داعش، فأن الصدر وغيره من الشيعة، شكلوا قوات شبه عسكرية باسم الحشد الشعبي الذي تمكن من التصدي لموجة داعش في العراق بنهاية المطاف”، مضيفاً أنه “مع الخسارة الميدانية لداعش في العام 2019، فأن المتوقع كان أن يندمج الحشد الشعبي في المؤسسة العسكرية العراقية”.

وأشار إلى أن “الوية السلام” التابعة للصدر اندمجت بالقوات المسلحة العراقية لكنها ظلت قوة مستقلة تحت قيادة رئيس الحكومة، في حين أن الآخرين، وخاصة فصائل الحشد الموالية لايران رفضت، وظلت خارج سيطرة الحكومة”، مضيفاً أن “اندماج الوية الصدر عزز شعبيته في السياسة العراقية، وأنه منذ العام 2019، فأن التيار الصدري، وسع نفوذه بهدوء داخل مؤسسات الدولة”.

ورغم أن موقف الصدر المعارض لايران وقربه من الكاظمي، قد يجعله لاعباً مهماً في دفع الاهداف الامريكية في العراق، يقول التقرير، إلا أنه يظل “رقما صعبا” بالنسبة الى واشنطن، مشيراً إلى أنه في العام 2004، كان مسؤولاً عن موت عدد كبير من الجنود الامريكيين وقوات التحالف، لكنه أصبح شريكاً مهماً للتحالف بقيادة الولايات المتحدة، لمحاربة داعش”.

ومع ذلك، اعتبر التقرير أن هناك مؤشرات على أن “الصدر اصبح اكثر براغماتية”، وهو صرح بأن كل السفارات الاجنبية مرحب بها بما فيها الامريكية، طالما أنها لا تتدخل في الشؤون العراقية وتشكيل الحكومة.

كما أن الصدر، وفق التقرير، “شجع على تمتين العلاقات مع السعودية ودولة الامارات، اللتين تربطهما علاقات جيدة مع الولايات المتحدة”، كما أنه “ردد المواقف الداعية الى كبح جماح الميليشيات التي لم تستجب لاوامر رئيس الحكومة بوضع سلاحها تحت سلطة الدولة فقط”.

وتابع أنه “برغم عدم وضوح مستوى النفوذ الذي يتمتع به الصدر على الوية السلام، إلا أنه “أقر في السابق بأن الميليشيات ليست ظاهرة جيدة لبناء الدولة ولهذا يجب دمجها في الهياكل الامنية القائمة لخلق عراق اكثر تجانساً”.

وخلص التقرير الى القول أنه “يتحتم على واشنطن أن تتبع نهجاً متطوراً ودقيقاً في السياسة الخارجية تجاه العراق، البلد الذي يواجه تحديات اقتصادية واجتماعية وسياسية في أحد اكثر مناطق العالم تعقيداً”.

وأضاف أن “معارضة الصدر للهيمنة الايرانية وغالبيته البرلمانية، تجعلانه لاعباً مهماً في اعادة الكاظمي الى السلطة”، وأنه سيكون بمقدور الكاظمي عندها، اتخاذ خطوات من اجل “اعادة تموضع العراق ليشكل ثقلاً موازياً لايران”، عوضاً عن أن يكون بلداً وكيلاً لايران وتابعاً لها”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here